لقد ولدت المهمة
في ليلة رأس السنة الجديدة 2021، وبينما كانت البلاد تكافح لمواجهة الجائحة، وصلت رسالة غريبة إلى خوات فان هوانغ، الطالب الذي التحق بالجامعة للتو. طلب منه المرسل، بأملٍ ضئيل، استعادة الصورة التذكارية لقريبه، الشهيد الشاب الذي ضحى بحياته. كانت الصورة قديمةً ومشوشةً لدرجة أنها كادت أن تُعرف، لكنها كانت التذكار الوحيد الذي لا يزال لدى العائلة. على مر السنين، بحثوا عنها في كل مكان، لكن لم يجرؤ أي مصور على قبولها. قادهم القدر إلى هوانغ في تلك اللحظة المقدسة من ليلة رأس السنة، تلك اللحظة الانتقالية بين العام الماضي والعام الجديد، حيث يُتوقع أن تبدأ أجمل اللحظات.
بدأت رحلة هوانغ لترميم صور الشهداء في عام 2021. الصورة: NVCC |
أشعلت ثقة عائلة الشهيد المطلقة حماسة في قلب الشاب. سهر الليل كله، يُكرّس كل جهده لإعادة إحياء الصورة التي بدت باهتة على مر السنين. وعندما انتهى، أعادها إلى العائلة، وتلقّى سيلاً من النشيج والشكر من القلب. يتذكر هوانغ بصوتٍ مُختنق: "قالوا إن هذا ما كانوا يفكرون فيه ويتوقون إليه لسنوات طويلة".
بعد أن شهد فرحة عائلات الشهداء، والتشجيع الكبير من الأهل والأصدقاء، أدرك هوانغ أن هذه ليست مجرد وظيفة، بل مهمة مقدسة. قال هوانغ بنبرة مؤثرة: "أدركتُ أن الأمهات الفيتناميات البطلات لم يتبقَّ لهن الكثير من الوقت، وأن عائلات الشهداء أيضًا انتظرت طويلًا. أنا مُدرك تمامًا لمسؤوليتي، أن أبذل قصارى جهدي، وأن أفعل كل ما في وسعي، لأُعيد إليهم أجمل صور الأبطال الذين سقطوا".
شجعت مشاعر أقارب الشهيد على تنفيذ هذه المهمة. الصورة: NVCC |
وقد دفع هذا الشغف هوانغ إلى الشروع في رحلة ترميم الصورة، رحلة شاب يحمل على كتفيه إيمان وأمل العديد من العائلات.
الليالي البيضاء "تعيد رسم" أجزاء من الذكريات
رحلة ترميم الصور صراعٌ مع الزمن وآثار الماضي. كانت الصور التي وصلت إلى هوانغ في الغالب تذكاراتٍ بالأبيض والأسود، باهتة ومشوشة، بل ومجعّدة. اضطر لاستخدام برامج متخصصة، يرسم أحيانًا شيئًا فشيئًا، بدقة متناهية، ليستعيد كل تفصيل وكل خط بدقة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل زار أيضًا عائلات الشهداء، واستمع إلى قصص حياتهم وتضحياتهم، كوسيلة لفهم الخسارة والشعور بها بعمق. فبالنسبة له، ترميم الصورة لا يقتصر على إعادة بناء الشكل فحسب، بل يشمل أيضًا استعادة الذكريات، وإحياء أرواح الموتى.
قام السيد هوانغ (الثاني من اليسار، مشيرًا) وزملاؤه بترميم الصورة بدقة. تصوير: ثانه ثاو |
باستعادة ذكريات أقاربه، والليالي التي سهرها، والأحاديث التي استمرت ليلًا ونهارًا، أعاد هوانغ إلى الحياة آلاف صور الشهداء. قال: "كل صورة قصة، جزء من الحياة. عند ترميم الصورة، يبدو أن الزمن قد توقف، أشعر وكأنني أربط الماضي بالحاضر، شعور يصعب وصفه". على الرغم من أن الوقت متأخر، ورغم تعبه، إلا أن مجرد التفكير في لحظة تسليم الصورة لأقاربه، تُشعره بالراحة وتُخفف من ألمه الذي لم ينتهِ، إلا أن هوانغ مفعم بالحيوية، يشمر عن ساعديه ويواصل مهمته.
تم ترميم أكثر من 6000 صورة.
منذ الخطوات الأولى في رحلته، نفّذ هوانغ وزملاؤه العديد من المشاريع ذات الأهمية الإنسانية والتاريخية العميقة. فقد رمموا 10 صور شخصية لعشر متطوعات شابات عند تقاطع دونغ لوك، وصورًا لأبطال القوات المسلحة في متحف ديان بيان فو للنصر، وشهداء سينما جيش الشعب... بالإضافة إلى ذلك، تعاونوا أيضًا مع اتحادات الشباب في هاي دونغ، وها تينه، وفو ين ، ونغي آن لتنفيذ مشاريع ترميم صور واسعة النطاق. وقال هوانغ: "حتى الآن، رممنا أكثر من 6000 صورة في جميع أنحاء البلاد". لا يُظهر هذا العدد حجم العمل الضخم فحسب، بل يُثبت أيضًا تفاني وحماس هوانغ وزملائه، الذين يعملون ليلًا نهارًا لاستعادة الماضي إلى صورته الكاملة.
|
من بين هذه المشاريع، يُعدّ مشروع إعادة الشهداء إلى ديارهم المشروع الأكثر شغفًا به هوانغ. فهو دائمًا يُكرّس كل جهده وروحه لإتمام العمل على أكمل وجه، لأنه يُدرك أنها ليست مجرد صورة، بل هي أيضًا جزء من روح الفقيد، وخيطٌ يربط بين الماضي والحاضر، بين من ضحوا ومن ما زالوا على قيد الحياة. قال: "أريد أن أساهم في يوم لمّ شملهم المقدس".
حتى الآن، رمم هوانغ وزملاؤه أكثر من 6000 صورة للشهداء. الصورة: مركز نيفادا الثقافي |
من أكثر القصص التي أثرت في هوانغ هي ترميم صورة الشهيدة دانغ ثي كيم، المعروفة باسم دانغ ثي أونه. كانت ابنة أخت الأمين العام الراحل ترونغ تشينه (دانغ شوان خو)، وهي امرأة صامدة استنارت بشأن الثورة منذ شبابها وشاركت في حرب المقاومة. في سن التاسعة عشرة، كانت الشهيدة دانغ ثي كيم وسيطة للثورة، وقُتلت بوحشية على يد العدو وهي تحمل دماء زوجها، نائب أمين لجنة حزب مقاطعة خان هوا (الرفيق ترونغ آن، نائب الأمين المؤقت في ذلك الوقت - أمين لجنة حزب مقاطعة خان هوا لاحقًا). أمضت عائلتها سنوات عديدة في البحث، ولم يتمكنوا من إعادة رفاتها إلى وطنهم إلا في عام 2009.
لسنواتٍ طويلة، حمل العم هوين (الأخ الأصغر للشهيدة دانغ ثي كيم) صورتها في كل مكان، لكن لم يقبل أحد ترميمها. ضحّت بحياتها ولم تترك وراءها سوى صورة واحدة باهتة على مر السنين. عندما رأيتُ تلك الصورة، صُدمتُ. أمام عينيّ صورة فتاة صغيرة جدًا، وبالصدفة كان هناك خدش في رقبتها... هذا جعلني أشعر بحزن شديد. أصبحت اللحظة التي استقبلت فيها عائلتها الصورة بدموع وعناق ذكرى لن أنساها أبدًا،" قال هوانغ وهو يروي ما حدث.
سعادة عائلة الشهيد هي دافعه الأكبر. الصورة: NVCC |
كانت لحظة تسليم اللوحات المُرممة لأقارب الشهداء الأبطال، والاستماع إلى أحاديث أهل الفقيد ومشاعرهم العميقة، مصدر إلهام وفرح كبير للشاب. قد تُصبح التكنولوجيا أداةً فعّالة تُساعده على إعادة رسم صورة الشخصية، لكنه يُدرك أن هذه اللوحات لا تُبعث فيها الحياة إلا بقلبٍ صادق وتعاطفٍ وامتنان.
مثال مشرق للجيل الأصغر
في الحادية والعشرين من عمره فقط، لم تكن مسيرة خوات فان هوانغ قصة موهبة فحسب، بل كانت أيضًا شهادة على امتنان جيل الشباب العميق لمن ضحوا من أجل استقلال الوطن وحريته. لقد استخدم موهبته وقلبه لإشعال فتيل الحماس لإحياء صور البطولة، وبثّ الطمأنينة في نفوس الأحياء، ونشر القيم النبيلة في المجتمع.
لا يزال السيد هوانغ يتذكر تقليد "تذكر مصدر الماء الذي تشربه"، معبرًا عن امتنانه لمن ضحوا من أجل استقلال الوطن وحريته. الصورة: NVCC |
لا تزال رحلتي طويلة ومليئة بالتحديات، لكنني ثابت على هذه الرسالة. كشاب، أُدرك دائمًا ضرورة العودة إلى جذوري وتقدير تضحيات أجدادي. أتذكر دائمًا أنه مهما كانت وظيفتي، سأُساهم بشبابي في نشر القيم النبيلة، وسأفخر بكوني فيتناميًا،" صرّح السيد هوانغ.
خوات فان هوانغ، شاب بسيط، لا يكف عن السعي لتحقيق رسالة نبيلة. إنه قدوة حسنة، يُلهم جيل الشباب بالامتنان والتفاني والمسؤولية.
ثانه ثاو
المصدر: https://www.qdnd.vn/phong-su-dieu-tra/cuoc-thi-nhung-tam-guong-binh-di-ma-cao-quy-lan-thu-16/chang-trai-tre-voi-su-menh-hoi-sinh-nhung-di-anh-liet-si-822533
تعليق (0)