في أحلامي الشتوية الدافئة، ما زلت أسمع النداء العذب: "سيدة كاش! هل ستُفرّغي الأرز؟". منذ تلك اللحظة وحتى الآن، سواءً في اليقظة أو الحلم، ما زلت أتطلع إلى موسم فرّغي الأرز لأعلم أن الشتاء قد عاد.
في مسقط رأسي، جرت العادة على مناداة الوالدين باسم الطفل الأول. كنت أتساءل أحيانًا، فتبتسم جدتي وتقول إن الناس رأوا الحفيد عائدًا من المدينة، فنادوها بدلًا من الأم. لكن هذا ليس صحيحًا، فقد علمتُ لاحقًا أن هذه الطريقة في المناداة تُجسّد الرابطة العاطفية بين الوالدين والأبناء في العائلة، كتواصل أجيال، لذلك عندما سمعتُ اسم أمي، عرفتُ فورًا أن الناس ينادون جدتي للمجيء.
رقائق الأرز الخضراء هي الطبق الذي ننتظره نحن الأطفال دائمًا بفارغ الصبر لأنه علامة على قدوم رأس السنة القمرية الجديدة... ( صورة من الإنترنت )
أتذكر في أيام الشتاء الباردة أو قبيل رأس السنة القمرية الجديدة، أن جدتي كانت تُعطي الأولوية لتحضير الحلويات والكعكات للأطفال والأحفاد، فكانت تختار بعناية الأرز المُعدّ للتحضير من الأرز العطري المُخزّن لرأس السنة القمرية الجديدة، وتُوزّعه في عدة علب من حليب البقر، ثم تتجه بسرعة نحو الشخص الذي اتصل بها. انتظرتُ تلك اللحظة، فرفعتُ الغطاء، وسلكتُ الطريق المختصر عبر حقل جارتي، وركضتُ للخارج. كان الأطفال يقفون بالفعل خارج ورشة التحضير.
كانت ورشة عمي دونغ للمتفجرات تقع في نهاية القرية. كُتب عليها "ورشة" لكن لم يكن هناك أي أثر لها. عند النظر إلى الداخل، لم يرَ المرء سوى مجموعة من الناس يجلسون حول نار، يتحادثون بنشاط، ينتظرون دورهم.
كان العم دونغ يُدير الفشار الموضوع على الموقد، وهو يتصبب عرقًا بغزارة. كان لا بد من تدوير الفشار باستمرار، بالتساوي، وبسرعة. تطلبت هذه الخطوة قوةً وتحملًا وخفة حركة لضمان فرقعة كل حبة أرز بالتساوي حتى رنّت الساعة، معلنةً جاهزية دفعة الأرز الأخضر للخبز.
ما زلتُ أتذكر تلك اللحظة، كأنها لحظة تسامٍ، عندما تمدد العم دونغ ليحمل المتفجرات من المطبخ، ووضعها في الكيس الشبكي، بينما كانت قدمه تركل المتفجرات ويده تضغط على الزناد على الغطاء. دوّى صوت "فرقعة" مدوية، حيث طارت عشرات الآلاف من حبات الأرز البيضاء النقية في الشبكة. وبينما كان الكبار منغمسين في حديثهم، كان الأطفال صامتين، غارقين في جمالٍ لا يوصف. لم يصدقوا أن حبات الأرز الصغيرة الممتلئة في أنبوب النفخ يمكن أن تكون خفيفة ورقيقة إلى هذا الحد، فتطفو كالسحب.
لا أحد يعلم متى ظهرت رقائق الأرز لأول مرة، ولكنها تعتبر وجبة خفيفة حنينية من الريف. ( صورة من الإنترنت )
عادةً، لا تطلب عائلتي من أحدٍ تحمير الأرز فورًا. حملتُ كيس الأرز المُفرّغ الكبير إلى المنزل على رأسي. نصحتني جدتي بحررة أكبر قدرٍ ممكنٍ من الأرز.
جلستُ بجانب النار أنتظر جدتي لتطبخ الأرز الأخضر في قدر كبير مع السكر وبعض شرائح الزنجبيل الرقيقة حتى يصبح كثيفًا. راقبتها وهي تستخدم عيدان تناول الطعام لتقلّب الأرز الأخضر بالتساوي حتى يوزع السكر بالتساوي على الحبوب، وتلصقها معًا بطبقة من السكر الحلو العطر، ثم تصبّ القدر من الأرز الأخضر المُحلى في قالب خشبي وتفرده بالتساوي. بعد أن تجمد الأرز الأخضر وبرد، استخدمت سكينًا لتقطيعه إلى قطع صغيرة ليسهل حمله باليد. انتظرتُ لحظة أن يبرد الأرز الأخضر، لبضع دقائق فقط، لكنني كنتُ قلقًا. ستبقى تلك الدقائق القليلة محفورة في ذاكرتي طوال حياتي.
في هذه الأيام، نادرًا ما يعرف الأطفال عن الأرز المفرقع، ونادرًا ما يعرفون عن البرد والجوع في الشتاء، لذا فإن اشتهاء كيس من الأرز المفرقع أمر طبيعي، ولكنه بالنسبة لكبار السن مثلنا، سعادة لا تُضاهى. سعادة بسيطة لكنها تدوم طويلًا عندما نشعر برائحة السكر العذبة، ودفء الزنجبيل الخفيف الممزوج بقرمشة حبوب أرز الطفولة، التي سنظل نتذكرها دائمًا عندما نكبر، مهما ابتعدنا.
لام لام
مصدر
تعليق (0)