لقد رحل والدي منذ أكثر من شهرين. رحيله المفاجئ في صباح باكر من منتصف مايو ترك فراغًا في قلب أمي وقلوبنا، وشوقًا لا يُوصف...
يُعتبر أبي بمثابة شجرة العائلة الكبيرة، وهو سند روحي كبير لأمي ولنا. في السنوات الأخيرة، أصيبت أمي بجلطة دماغية، فاعتمدت في جميع أنشطتها على صديقها المتردد، الكرسي المتحرك. مع ذلك، لا تشعر أمي بالوحدة، لأن أبيها دائمًا بجانبها، رفيقها الصامت والمخلص. ورغم أن أبي يبلغ من العمر خمسة وسبعين عامًا، ويعاني من أمراض عديدة، وخاصة ضعف القلب الذي غالبًا ما يجعله متعبًا وضيقًا في التنفس، إلا أنه لا يزال لا يعتمد على أيٍّ من أبنائه لرعاية أمي.
في عطلات نهاية الأسبوع، نأخذ الأطفال إلى منازلهم لزيارة أجدادهم، ونشاهد الأب يعتني بأمه، ويهتم بكل وجبة، ويدفع كرسيها المتحرك ليتجول في المدينة، أو حتى يدللها بأخذها إلى صالون تصفيف الشعر للاسترخاء. يقوم الأب بكل شيء بمهارة كممرضة متفانية في المستشفى - لطيفة، هادئة، مليئة بالحب.
بتفهمي لمعاناة أمي في سنوات التقاعد، ورغم رغبة الأبناء في نقل والديهم إلى المدينة حيث ظروف المعيشة أفضل، وليكونوا قريبين من والديهم ويعتنوا بهم، رفض أبي. ولأنني زوجة ابن أبي منذ عشر سنوات، فأنا أفهم شخصية أبي إلى حد ما. فهو رجل قليل الكلام، هادئ الطباع، يحب الطبيعة والفاكهة حبًا جمًا، ولا يحب الحياة المزدحمة، ناهيك عن الحياة الصاخبة والمتسارعة، لذلك لا يزال أبي وأمي يعيشان في منزل من طابق واحد يطل على جدول صغير، وفيه حديقة واسعة يعتني بها في موسمها: "هناك أيضًا خضراوات وفواكه نظيفة ليأكلها أحفادي". في كل مرة كان أبي يُقدم لي نصائحه البسيطة والعميقة ببطء، كنت أشعر وكأنني أرى سماء الحب التي لطالما احتضنها وحافظ عليها ليعوضني عن أمي، وليدخرها لأبنائه وأحفاده.
والدي ليس الأب الذي يحصد ملايين المشاهدات كما تنتشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعي أو تُشيد به وسائل الإعلام. لكنه سيظل، بالنسبة لي ولإخوتي، "الأب الوطني" - رمزًا للتضحية والمسؤولية والحب الصامت.
أخبرني زوجي ذات مرة أنه في صغره، ولأنه كان يعمل في منطقة نائية، كان والده أحيانًا لا يزور المنزل إلا كل شهرين أو ثلاثة أشهر. لكن في كل مرة كان يعود، كان يساعد والدته في كل شيء: تقطيع الحطب، وحمل الماء لملء الجرار تدريجيًا، وتعليم الأطفال دروسهم. ورغم أنه كان جنديًا ذا عادات مهنية راسخة في أسلوب حياته وطريقة تفكيره، إلا أن والدي لم يكن يفرض أفكاره على أبنائه. كان بمثابة مرشد وموجه، ويقدم النصائح كصديق، ليتمكن أبناؤه من التعبير عن أفكارهم ورغباتهم بحرية. كان يرغب في أن يكون رفيقهم في رحلتهم نحو الرشد. ولعل قربه واستماعه الدائم جعل أشقاء زوجي الأربعة يعبرون عن أنفسهم بسهولة، ويعتبرونه صديقًا عزيزًا، ومعلمًا ذا معرفة وخبرة حياتية واسعة. أحيانًا كانت حماتي تتظاهر بالغضب منا نحن الخمسة عندما تكتشف أنها آخر من يعلم بسرنا، لأنه قبل ذلك كان والدي يسمع أطفالنا يروون لنا قصصهم المدرسية...
أُعجَبُ كثيرًا بقصيدة الشاعر تران دانج كوا عندما كتب عن والدته: "الأم سماءٌ من الشوق". لكنني الآن أرغب في استعارة تلك القصيدة المؤثرة لأرسلها إلى والدي. فبالنسبة لي ولإخوتي، "الأب أيضًا سماءٌ من الشوق". يُصبح المنزل فارغًا بدون صورة أبينا ودفئه وضحكته. فقدان أبينا كفقدان السماء بأكملها. سماء الحب، سماء الدفء، وتلك السماء هي السلام الذي نرغب في الاعتماد عليه...
أبي! حتى وإن لم تعد معنا، لم تعد مع أمي، ستظل دائمًا الرجل الصامت، والسند الروحي القوي في قلبي.
فام ثي تو نجا
المصدر: https://baodongnai.com.vn/van-hoa/chao-nhe-yeu-thuong/202507/mot-troi-thuong-nho-0f407c4/
تعليق (0)