تربط الطقوس بين الين واليانغ، مما يعمق الأخلاق الإنسانية
وفقًا للمعتقدات التقليدية، لا يُعتبر رجل الداو بالغًا، ويتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة، ويعترف به أسلافه إلا بعد خضوعه لطقوس "كاب ساك". مهما كان عمره، إذا لم يُجرّب "كاب داو ساك"، فإنه لا يزال يُعتبر غير مؤهل للمشاركة في الطقوس المهمة، ولا يستطيع تحمّل مسؤولية العمل العام للعشيرة والقرية. على العكس، يمكن لصبي في التاسعة أو العاشرة، إذا خضع لـ"كاب ساك"، أن يتولى أدوارًا عديدة، حتى مساعدة الشامان في الطقوس.
يؤدي الشامان الطقوس في حفل بدء شعب الداو. |
يُقام احتفال بلوغ الرشد عادةً في نهاية العام أو أوائل الربيع، عندما ينتهي الحصاد، ويكون لدى الناس وقتٌ للراحة والتجمع. تطلب العائلات التي لديها أبناءٌ بالغون من الشامان اختيار يومٍ وشهرٍ مناسبين، وإعداد قرابين كالخنازير والدجاج والنبيذ والنقود الورقية والملابس الاحتفالية... لدعوة الأقارب والجيران لحضور هذه اللحظة المهمة.
يستمر هذا الاحتفال ليوم أو يومين، ويتضمن العديد من الإجراءات المتتالية: من التطهير، وإقامة المذبح، والدعاء للأسلاف، ورقصة التنين، ورقصة السيف، وتقديم النبيذ، إلى طقوس طلب الين واليانغ، وخاصةً مراسم "استلام المصباح". في هذا الاحتفال، يرتدي الشخص الذي يحصل على اللقب ملابس أنيقة، ويجلس أمام المذبح، ويطلب من الشامان أن يشعل مصباحًا ويضعه على رأسه تأكيدًا على مكانته الجديدة. يُمنح مرسومًا يتضمن عشر وصايا وعشرة عهود - كقسم على عيش حياة كريمة، وتحمل المسؤولية تجاه أسرته ومجتمعه، والحفاظ على التقاليد الوطنية.
لا يقتصر احتفال بلوغ سن الرشد على أهميته الروحية فحسب، بل يُعدّ أيضًا "مدرسة" خاصة للشباب يتعلمون فيها السلوك الإنساني. خلال الاحتفال، يُقدّم الشامان نصائح عميقة: من احترام الأجداد والآباء، والتعامل بتعالٍ مع الجيران، ومعرفة كيفية مساعدة المحرومين... إلى دروس في كيفية التصرف في الحياة اليومية.
قال لي تا تشوي، وهو من طائفة داو في قرية نام دام، بلدية كوان با، مقاطعة توين كوانغ : "ما زلت أتذكر بوضوح تعاليم المعلمين في مراسم بلوغ سن الرشد: عند مقابلة شخص مسن في الطريق، يجب أن تعرف كيفية التحية والمساعدة؛ وعند مقابلة شخص في حادث، يجب ألا تتجاهله؛ وفي الأسرة، يجب أن تكون بارًا بوالديك، ومخلصًا لزوجتك وأطفالك. لقد اتبعتني هذه التعاليم طوال حياتي، وأصبحت مبدأً إرشاديًا في كل خيار".
قال السيد تريو دوك ثانه، وهو من عرقية داو، والرئيس السابق للجنة الشعبية لمقاطعة ها جيانغ : "لقد كنت محظوظًا لأنني ولدت في عائلة داو تقليدية. منذ طفولتي، كنت أسمع أجدادي ووالديّ يتحدثون عن احتفال بلوغ سن الرشد بكل احترام وفخر. عندما عشت هذا الاحتفال بنفسي، أدركت معناه العميق أكثر فأكثر. إن احتفال بلوغ سن الرشد ليس احتفالًا روحيًا فحسب، بل هو أيضًا درس في الحياة، يساعد كل فرد من أتباع داو على فهم هويته، ومن أين أتى، وكيف يجب أن يعيش ليكون جديرًا بعشيرته وجذوره".
ثقافة فريدة من نوعها في وسط الغابة
إن احتفال بلوغ سن الرشد لدى شعب الداو ليس مجرد نقطة تحول مقدسة في دورة حياة كل فرد، بل هو أيضًا جزء من الروح الثقافية، يحفظه المجتمع ويعتز به ككنز ثمين. سواء في توين كوانغ، أو لاو كاي ، أو تاي نجوين... في نهاية كل عام أو بداية الربيع، يتردد صدى أصوات الطبول والمزامير والأبواق عبر الجبال والغابات، مذكرًا الأجيال القادمة بتقاليد راسخة منذ آلاف السنين.
نظراً لقيمته التعليمية والفنية الفريدة، أُدرجت طقوس بدء شعب الداو ضمن التراث الثقافي غير المادي الوطني في عام ٢٠١٣. وفي العديد من المناطق، أصبحت هذه الطقوس تدريجياً منتجاً سياحياً نموذجياً، تجذب أعداداً كبيرة من السياح المحليين والأجانب للزيارة والتعلم.
قالت السيدة نجوين ثي تو أوانه، سائحة من هانوي: "لم أرَ قط احتفالًا بهذا القدر من الغنى الرمزي والإنساني. الأجواء المهيبة، والرقصات المقدسة، والصلوات المترددة، وعيون الأب الدامعة وهو يشاهد ابنه راكعًا لأداء المراسم - كل ذلك جعلني أشعر بعمق ثقافي فريد، يتجاوز إطار المعتقدات الشائعة."
مع أن الحياة اليوم مختلفة، إلا أن مراسم بلوغ سن الرشد قد تكون أبسط بعض الشيء، إلا أن جوهرها يبقى كما هو: إنها علامة مقدسة تُشير إلى النضج؛ صلة بين الين واليانغ، بين الأحفاد والأسلاف؛ مرآة تعكس الحياة الأخلاقية لكل فرد من أفراد عرقية داو. بفضل هذه الطقوس الغنية بالتفاصيل، تبقى ثقافة داو صامدة في خضم دوامة العصر الحديث - صامتة لكنها عميقة، هادئة لكنها مفعمة بالفخر.
المقال والصور: دوق كوي
المصدر: https://baotuyenquang.com.vn/van-hoa/202507/le-cap-sac-cua-nguoi-dao-soi-chi-do-noi-con-chau-voi-to-tien-df619b7/
تعليق (0)