مهرجان معبد هونغ: أصل الثقافة الروحية الوطنية

مهرجان معبد هونغ، المعروف أيضًا باسم يوم ذكرى ملوك هونغ، هو أحد المهرجانات الوطنية في فيتنام، ويُقام في اليوم العاشر من الشهر القمري الثالث من كل عام في معبد هونغ، فو ثو. لا يقتصر هذا المهرجان على إحياء ذكرى ملوك هونغ، الذين وضعوا الأساس الأول للأمة الفيتنامية، بل يُعد أيضًا مناسبة للتعبير عن امتنان الشعب بأكمله لأسلافه، وتعزيز القيم الثقافية الفيتنامية للعالم .

تعود ذكرى وفاة ملوك هونغ إلى تقاليد عبادة الأسلاف، وهي قيمة ثقافية جوهرية للشعب الفيتنامي. منذ العصور القديمة، اعتبرت السلالات الإقطاعية عبادة ملوك هونغ مسؤولية الأمة بأكملها. ووفقًا لسجلات سلالة لي اللاحقة، كلفت السلالات السكان المحليين برعاية معبد هونغ وتنظيم ذكرى وفاة ملوك هونغ كل عام في اليوم العاشر من الشهر القمري الثالث. وفي المقابل، أُعفيوا من الضرائب وأعمال السخرة. في عام ١٩١٧، في عهد خاي دينه، تم الاعتراف رسميًا باليوم العاشر من الشهر القمري الثالث كعطلة وطنية، احتفالًا بهذه المناسبة.

في عام ١٩٤٦، وقّع الرئيس هو تشي مينه مرسومًا يسمح لموظفي الخدمة المدنية بأخذ اليوم العاشر من الشهر القمري الثالث إجازة لحضور مراسم إحياء ذكرى ملوك هونغ، مؤكدًا على أهمية هذا اليوم. وفي أول مراسم إحياء ذكرى ملوك هونغ في ظل النظام الجديد، أهدى القائم بأعمال الرئيس هوينه توك كانغ سيفًا ثمينًا وخريطة للوطن الأم لملوك هونغ، معربًا عن احترامه ومدعوًا من أجل السلام والازدهار الوطنيين. وخلال زياراته لمعبد ملوك هونغ، ترك الرئيس هو تشي مينه رسالة عميقة: "لملوك هونغ الفضل في تأسيس البلاد، ونحن، أحفادكم، يجب أن نعمل معًا لحماية البلاد".

يُعد مهرجان معبد هونغ أحد المهرجانات الرئيسية ذات الأهمية الكبيرة للشعب الفيتنامي. الصورة: مُجمّعة

يبدأ مهرجان معبد هونغ في الثامن من الشهر القمري الثالث ويستمر حتى العاشر منه، ويُعدّ اليوم العاشر المهرجان الرئيسي. يُقام الاحتفال مهيبًا مع طقوس وطنية في المعبد العلوي على جبل نغيا لينه. تشمل القرابين بان تشونغ (كعكة الأرز الدبق المربعة) وبان داي (كعكة الأرز الدبق المستديرة) - رمزان للسماء والأرض، وقرابين المواليد الثلاثة (خنزير، ماعز، بقرة). يُعلن صوت الطبول البرونزية بداية المراسم المقدسة، حيث يتناوب المسؤولون والشيوخ والشعب على تقديم البخور إحياءً لذكرى ملوك هونغ.

يُضفي المهرجان أجواءً من البهجة والأنشطة الثقافية والفنية والألعاب الشعبية الفريدة. وتُعدّ مسابقة موكب المحفات بين القرى المحيطة بمنطقة المعبد حدثًا بارزًا، حيث تتنافس المحفات المذهبة المزخرفة بإتقان على التألق. وتتنافس القرى على إظهار إبداعها وتفانيها من خلال محفاتها المهيبة. ولا تقتصر نتيجة المسابقة على فخر القرية الفائزة فحسب، بل تُعزز أيضًا تواصل المجتمع في هذا الفضاء الثقافي المقدس.

مسابقة طبخ بان تشونغ. الصورة: مُجمّعة

يُعدّ فن غناء خوان جزءًا لا يتجزأ من المهرجان، وهو تراث ثقافي غير مادي فريد من نوعه في منطقة فو ثو . غناء خوان، بألحانه البسيطة والعميقة، موجود منذ عهد ملوك هونغ، وقد توارثته الأجيال. في المهرجان، تُقدّم فرقة خوان أناشيد عبادة أمام دار العبادة، مُحييةً بذلك قيمًا ثقافية ودينية فريدة. كما يُنظّم المهرجان أيضًا ألعابًا شعبية كالمصارعة، ومصارعة الديوك، واللعب بالتأرجح، ورمي العصي، وليالي عروض تونغ وتشيو المفعمة بالحيوية.

لا يقتصر مهرجان معبد هونغ على الطقوس والمهرجانات فحسب، بل يُمثل أيضًا فرصةً لتثقيف جيل الشباب حول تقليد "تذكر مصدر الماء عند الشرب"، مع غرس المعنى العميق لتكريم الأسلاف. في 6 ديسمبر 2012، اعترفت اليونسكو بـ"عبادة ملك هونغ" كتراث ثقافي غير مادي يُمثل البشرية، مؤكدةً بذلك القيمة الفريدة لهذا التراث وحيويته الدائمة.

أصبح يوم إحياء ذكرى ملوك هونغ مهرجانًا وطنيًا، يومًا تتوجه فيه قلوب الفيتناميين إلى جذورهم. لا يقتصر المهرجان على استذكار مناقب ملوك هونغ فحسب، بل يُعد أيضًا رمزًا للوحدة الوطنية، حيث يشعر كل فيتنامي بالفخر والمسؤولية تجاه الحفاظ على هويته الثقافية. على مر الزمن، لا يزال مهرجان معبد ملوك هونغ محتفظًا بقيمته المقدسة، جسرًا بين الماضي والحاضر والمستقبل، مساهمًا في بناء فيتنام فخورة، تسير بخطى ثابتة على طريق التكامل والتنمية.

هوانغ آنه - SEAP