المستهلكون الأكبر سنًا - السلاح السري للاقتصاد الأمريكي

يستفيد الاستهلاك في الولايات المتحدة من شيخوخة السكان، مع موارد مالية قوية، وديون قليلة، ومخاطر بطالة ضئيلة.

أعلنت وزارة التجارة الأمريكية في 26 أكتوبر/تشرين الأول أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نما بنسبة 4.9% في الربع الثالث. وهذا المعدل أعلى من معدل النمو البالغ 2.1% في الربع السابق، وأعلى بقليل من توقعات الاقتصاديين .

يُساهم الاستهلاك بنحو 68% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وحتى مع تراجع الدعم الحكومي المُقدّم من الجائحة تدريجيًا، لا يزال الاستهلاك نشطًا.

السؤال هو: لماذا يظل الاستهلاك الأمريكي قويًا رغم زيادات أسعار الفائدة المتكررة التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي منذ مطلع العام الماضي؟ يقول المحللون إن السبب عامل مهم، وإن كان نادرًا ما يُلاحظ: شيخوخة المستهلكين.

في أغسطس، بلغت نسبة من تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر 17.7% من سكان الولايات المتحدة، وفقًا لمكتب الإحصاء الأمريكي. وهذا أعلى رقم منذ عام 1920، بعد أن كانت 13% في عام 2010. تتمتع هذه الفئة من المستهلكين بمزايا عديدة: استقرارهم المالي النسبي، وقلة حاجتهم للاقتراض (مثلًا لشراء منزل)، وانخفاض احتمالية بطالتهم مقارنةً بالفئات الأخرى.

مورين غرين تستمتع بحياتها أكثر من أي وقت مضى. تصوير: كريستيان غرين

كل هذا يجعل كبار السن قوة استهلاكية مؤثرة. فقد شكّل الأمريكيون الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأكثر 22% من الإنفاق العام الماضي، وفقًا لمسح أجرته وزارة العمل ونُشر الشهر الماضي. وتُعدّ هذه النسبة الأعلى منذ عام 1972، وترتفع من 15% في عام 2010.

وقالت سوزان ستيرن، كبيرة الاقتصاديين في شركة إيكونوميك أناليسيس أسوشيتس: "ستكون هذه مجموعة كبيرة من المستهلكين تستحق المتابعة في العام المقبل، مع تباطؤ نمو الوظائف، وارتفاع أسعار الفائدة، وبدء الناس في سداد قروض الطلاب".

تعكس القدرة الشرائية لكبار السن الصحة والثروة، وربما عقلية جديدة لما بعد الجائحة. قالت مورين غرين، 66 عامًا، من ماساتشوستس: "لقد ادّخرت طوال حياتي، لشيء أو لآخر. الآن لديّ مال في البنك، وسأستخدمه لأكون أقرب إلى أصدقائي وعائلتي أكثر من أي وقت مضى".

غرين وكيلة عقارات. أطفالها الأربعة كبروا ويعيشون بمفردهم. تُقدّر غرين أنها تنفق أكثر بنسبة ٢٥٪، وتقضي ضعف وقتها في السفر مقارنةً بعام ٢٠١٩. سافرت مؤخرًا إلى نيويورك لحضور معرض صور فوتوغرافية مع أصدقائها، ثم إلى رود آيلاند مع ابنها.

"لقد توفي مليون أمريكي بسبب كوفيد. وهذا يجعلني أدرك أنني لا أستطيع إضاعة المزيد من الوقت"، قالت.

يقول مارشال كوهين، مدير استشارات التجزئة في شركة الأبحاث سيركانا، إن أنماط حياة كبار السن قد تغيرت جذريًا. ويضيف: "أصبحوا أكثر نشاطًا من أي وقت مضى. فهم يركبون الدراجات، ويمارسون رياضة المشي لمسافات طويلة، ويسافرون".

مقارنةً بعام ٢٠٢١، زاد إنفاق الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم ٦٥ عامًا فأكثر بنسبة ٢.٧٪ في العام الماضي. في حين أن الزيادة لدى الفئة العمرية دون ٦٥ عامًا لم تتجاوز ٠.٧٪.

ارتفع إنفاق المستهلكين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا بنسبة 7.9% في أغسطس مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي، وفقًا لمسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. ويمثل هذا الرقم ضعف معدل الإنفاق تقريبًا بين من تقل أعمارهم عن 40 عامًا.

أعلنت شركة "أمريكان كروز لاينز"، وهي شركة تشغيل رحلات بحرية تُعنى بكبار السن، أن إيراداتها ارتفعت بنسبة مضاعفة هذا العام. وقد أضافت الشركة ثلاث سفن ومدّدت خدماتها لمدة شهر على خطوط سياحية رائجة.

قال تشارلز ب. روبرتسون، الرئيس التنفيذي للشركة: "لطالما كانت الرحلات البحرية جذابة لكبار السن. ومع بلوغ المزيد من الناس سن التقاعد، نتوقع زيادة كبيرة في الإيرادات هذا العام".

أحد العوامل التي تُساعد كبار السن على الإنفاق ببذخ هو وضعهم المالي المتين نسبيًا. إذ يمتلك الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 70 عامًا فأكثر الآن ما يقرب من 26% من ثروة الأسر الأمريكية، وهي أعلى نسبة منذ عام 1989، وفقًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي.

في حين يحذر خبراء الاقتصاد من احتمال كبير لحدوث ركود اقتصادي في العام المقبل، فإن إد يارديني، الخبير الاستراتيجي في مؤسسة يارديني للأبحاث، يختلف مع هذا الرأي، مستشهدا بتقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التي تشير إلى أن كبار السن يمتلكون الآن 77.1 تريليون دولار من الأصول.

لدى هذه الفئة أيضًا ديون استهلاكية وطلابية أقل، وقد سددوا قروضهم العقارية في كثير من الأحيان. أعاد بعضهم تمويل قروضهم العقارية بأسعار فائدة منخفضة قياسية خلال الجائحة. كما أنهم لا يحتاجون إلى الانتقال إلى منازلهم لتكوين أسر أو تغيير وظائفهم كما تفعل الأجيال الشابة.

هذا يجعلهم أقل عرضة للتضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار المساكن. ولأن معظم هذه الفئة متقاعدون، فهم أيضًا أقل تأثرًا بسوق العمل.

قال تود بيزولد، مدير التسويق في مهرجان سينسيناتي الصيفي للأوبرا، إن الطلب على فعالية هذا العام "غير مسبوق". وأضاف: "في حين أن الاتجاه طويل الأمد لجميع الفنون الأدائية يشهد انخفاضًا، إلا أن فعاليتنا شهدت ارتفاعًا بنسبة 3%. غالبية تسجيلاتنا من كبار السن. ونحن على يقين من ذلك".

ها ثو (وفقًا لشبكة CNN وصحيفة WSJ)

رابط المصدر: https://vnexpress.net/nguoi-tieu-dung-lon-tuoi-vu-khi-bi-mat-cua-kinh-te-my-4669754.html