يستعد المجندون الجدد للخدمة العسكرية، ليبدأوا رحلة خدمتهم العسكرية التي ستستمر عامين. يخفق قلبي بمشاعر مختلطة قبل يوم التحاق طفلي رسميًا بالجيش.
من العاطفة إلى الفخر
الثامنة عشرة، السن الذي يُعتبر بداية الرشد، ليتمكن المرء من اتخاذ قراراته الحياتية بنفسه. مع ذلك، أرى أن الطفل الذي تخرج لتوه من المدرسة الثانوية، رغم طوله الذي يبلغ متراً و76 سنتيمتراً ووزنه الذي يبلغ 68 كيلوغراماً، لا يزال طفلاً نحيفاً، أخرق، لا مبالياً، ويحتاج إلى حماية والديه. قبل ذلك، عندما أقنعني زوجي وابني بالتقدم طواعيةً للخدمة العسكرية، أحدثتُ ضجة، وساد جوٌّ من التوتر لعدة أسابيع.
الانضمام للجيش مسؤولية كل مواطن تجاه وطنه، لطالما عرفت ذلك، لكن الانضمام في سن الثامنة عشرة يُقلق أمًا مثلي. كل يوم في المنزل، من الاستيقاظ للذهاب إلى المدرسة إلى تناول الطعام، عليّ تذكير ابني بذلك، لذا من المستحيل تخيل كيف يعيش في بيئة عسكرية بانضباط صارم.
يدعم العديد من الآباء انضمام أبنائهم إلى الجيش. (صورة توضيحية)
كنتُ قد نصحتُ ابني بأن يختار الخدمة العسكرية بعد تخرجه من الجامعة، أو في وقتٍ آخر يكتسب فيه خبرةً وتجربةً حياتيةً أوسع. عارضتُ رأي زوجي بشدة، وبدا لي أن لا شيء سيُغيّر رأيه لو لم يطرق ابني باب والديّ تلك الليلة ليُبوح لي بأسراره.
لقد شهدتُ طفلي في لحظاتٍ عديدة من حياته، من خطواته الأولى إلى تعلمه الكلام، ومن تعلمه ركوب الدراجة، إلى حصوله على درجةٍ كاملة في الصف... لكن لم تكن هناك لحظةٌ جعلتني أبكي وأتأثر كما حدث عندما أفصح عن رغبته في الانضمام إلى الجيش. في تلك اللحظة، كبر طفلي ونضج لدرجةٍ مذهلة.
ما زلت أتذكر بوضوح كل كلمة قالها ابني تلك الليلة: "أمي، اسمحي لي بالالتحاق بالخدمة العسكرية، وبعد عامين سأواصل دراستي. أريد أن أؤدي واجبي تجاه الوطن، وأن أسير بفخر على درب المستقبل، أرجو أن تثقوا بي".
قال ابني سنتين ليست فترة قصيرة، وخاصة سنتين من الشباب المليء بالأحلام والطموحات، ولكن من أجل الوطن لم يوفر أجدادنا أرواحهم ودمائهم، فلماذا نستطيع نحن الجيل الشاب أن نوفر سنتين لأشياء عظيمة وجيدة.
في الواقع، حتى أنا في ذلك الوقت لم أستطع أن أفكر في أشياء عميقة مثلك.
لقد جلبت لي رحلة تربية طفلي الكثير من الدموع، دموع القلق عندما يمرض طفلي أو يتألم أو يفعل شيئًا محزنًا. لكن في تلك الليلة بكيت بفخر لعلمي أن طفلي قد كبر وأصبح يعرف كيف يفكر في مسؤولياته ومستقبله.
وبالطبع، عندما يتخذ طفلي قراره بنفسه ويكون مسؤولاً عن ذلك، فلا مانع لديّ من منعه. عندما حصل على موافقتي، هتف كلٌّ من الأب والابن فرحًا وعانقاني. في تلك اللحظة، شعرتُ بصغري وسعادةٍ بالغتين لوجود رجلين ناضجين بجانبي.
من القلق إلى راحة البال
مع أنني أؤيد انضمام ابني إلى الجيش، إلا أنني ما زلت قلقًا بشأن الأشهر القادمة في الجيش. سألتُ أصدقائي الذين خدم أبناؤهم في الجيش عن الوضع، ولم أشعر بالراحة والطمأنينة إلا عندما كانت جميع الإجابات إيجابية.
أخبرتني صديقة أن ابنها عاد من الخدمة العسكرية وكان مختلفًا تمامًا. لم يعد يمزح كما كان من قبل، وكان أسلوب حياته منظمًا ومرتبًا للغاية. بعد عامين في الجيش، كان الابن المشاغب، الذي لم يستمع إليه أحد من العائلة، بعد تسريحه، يجلب المال لأمه لشراء ثلاجة ومجموعة جديدة من الطاولات والكراسي.
عندما سألتُ عن البيئة العسكرية، قال ابن صديقي بحماس: "لو كنتُ أعلم أن الانضمام للجيش سيُتيح لي لقاء رفاق مقربين كإخوة، لأتدرب وأتشارك معهم، لما صرختُ بصوت عالٍ عندما نصحني والداي بالانضمام. لحسن الحظ، كان والداي مُصمِّمَين، وإلا لضيعتُ فرصة حياتي الذهبية بتجارب لم تكن لتتوفر لي إلا خلال سنوات خدمتي في الجيش".
المجندون الجدد في البيئة العسكرية (الصورة: QĐND)
بدا ابني متفهمًا لمخاوفي، فمنذ اليوم الذي قُبل فيه للتطوع في الخدمة العسكرية، أصبح أكثر نشاطًا. كل يوم، يبادر بالاستيقاظ مبكرًا، وطي البطانيات والستائر بدقة، ومساعدتي في كنس المنزل والفناء - أشياء ما كان ليفعلها لولا تذكيري له بها.
عندما رأيتُ طفلي مستقلاً حتى قبل التحاقه بالجيش، شعرتُ ببعض الاطمئنان. لقد بلغ طفلي الصغير السن الذي يُجبره على السير على قدميه واتخاذ قراراته بنفسه.
رغم صرامة البيئة العسكرية، إلا أنها تُعدّ أيضًا أفضل بيئة لتدريب الإرادة والروح والأخلاق. أعتقد أن ابني، كغيره من الشباب الذين يلتحق بالجيش، سينضج ويتحسن صحته وعقله بعد انتهاء خدمته العسكرية.
بمجرد أن تخوضوا تجربة الحياة العسكرية بتحدياتها وتدريباتها، أعتقد أنكم ستتغلبون بسهولة على صعوبات الحياة المستقبلية وتتقدمون بثبات. وكما قال ابني، سنتان ليستا قصيرتين، لكنها طويلة جدًا مقارنةً بالحياة القادمة.
في أجواء موسم التجنيد الصاخبة، أنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يرتدي فيه طفلي زيه العسكري ويصبح جنديًا لينفذ المهمة الموكلة إليه من قبل الوطن. مجرد التفكير في الأمر يجعلني أبكي، فيوم إرسال طفلي إلى الجيش، ربما سأبكي مجددًا، لكنني سأحافظ على هدوئي لأقول له: "أمي وأبي فخوران بك يا جندي".
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)