(دان تري) - قال الدكتور نجوين سي دونج: "إن تبسيط المنظمة لا يعني فقط خفض الكمية والتخلص من الأجزاء غير المناسبة، بل يتعلق أيضًا بإعادة ترتيب ودمج وتحسين القدرة التشغيلية للمنظمة".
إن الإدراك الصحيح لطبيعة ثورة تبسيط الأجهزة، ووضع مبادئ التنظيم، وبناء آليات وسياسات للكوادر الخاضعة للتنظيم، وفقًا للدكتور نجوين سي دونغ (نائب رئيس مكتب الجمعية الوطنية السابق)، هي النقاط الأساسية لتحقيق خطوة تاريخية في إعادة بناء هذا الجهاز. وعلق الدكتور نجوين سي دونغ في مقابلة مع مراسل دان تري: "هذه الثورة خطوة تاريخية، تُرسي أسس جهاز دولة مُبسط، ذكي، وفعال". شبّه الأمين العام تو لام إعادة هيكلة الجهاز وتبسيطه بالثورة. لطالما فُهمت الثورة على أنها "استبدال القديم بالجديد"، أو "إزالة القديم لبناء الجديد"، فكيفنفهم هذه الثورة فهمًا صحيحًا؟ الثورة التي ذكرها الأمين العام تو لام ليست مجرد "استبدال القديم بالجديد" أو "إزالة القديم لبناء الجديد" بشكل جامد. بل يجب فهمها كعملية إعادة هيكلة وتحسين لإنشاء جهاز تشغيلي فعال وشفاف وملائم للواقع الحالي. أولًا، لا يقتصر تبسيط الجهاز على تقليل الكم، بل يشمل أيضًا تحسين جودة وكفاءة المؤسسات. نحن لا نتحدث فقط عن إزالة الأجزاء التي لم تعد صالحة، بل أيضًا عن إعادة ترتيب الجهاز ودمجه وتحسين قدرته التشغيلية لتلبية متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتحديات العالمية بشكل أفضل. ما يميز هذه الثورة هو أنها موروثة ومتطورة. يجب أن نحافظ على القيم والتجارب التي أثبتت فاعليتها في الماضي، مع العمل بجرأة على إزالة العوامل التي تعيق الابتكار. وهذا يتطلب رؤية بعيدة المدى، وتفكيرًا منهجيًا، وعزيمة سياسية قوية، لأن هذا ليس مجرد تغيير سطحي، بل هو أيضًا تغيير في التفكير وثقافة القيادة والإدارة. علاوة على ذلك، ترتبط هذه الثورة أيضًا بإنشاء نظام حوكمة حديث وشفاف وموجه نحو الشعب، حيث يجب أن تركز جميع آليات العمل فيه على خدمة المصلحة العامة. هذا التغيير لا يقتصر على الهيكل التنظيمي فحسب، بل يشمل أيضًا كيفية تعاملنا مع وظائف الدولة ومهامها وأدائنا لها. لذلك، أعتقد أن هذه الثورة خطوة تاريخية، تُرسي أسس جهاز دولة "متماسك وذكي وفعال"، يُلبي تطلعات الشعب في السياق الجديد. لإصلاح الجهاز التنظيمي، بالإضافة إلى التضامن والعزيمة والشجاعة، يرى قادة الحزب ضرورة التضحية بالمصالح الشخصية من أجل الصالح العام. ما هي هذه التضحية تحديدًا برأيك؟ - أعتقد أن التضحية بالمصالح الشخصية لإصلاح الجهاز التنظيمي تتطلب فهمًا دقيقًا من جوانب عديدة، وهي مرتبطة بالمسؤولية والأخلاق العامة، بالإضافة إلى رؤية كل كادر وعضو في الحزب. أولها التضحية بالتنازل عن المنافع المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالمناصب والصلاحيات. عند تبسيط الهيكل التنظيمي، قد يتم دمج أو إلغاء بعض المناصب القيادية والإدارية. هذا يعني أن على بعض المسؤولين قبول التخلي عن مناصبهم الحالية أو عدم الاستمرار في مناصبهم في المنظمة الجديدة. هذا تضحية بالمصالح الشخصية، ولكنه ضروري لخدمة المصلحة العامة الأسمى، وهي منظمة أكثر كفاءةً واقتصادًا وشفافية. ثانيًا، التضحية بالمزايا والموارد المالية المرتبطة بالمنظمة القديمة. ربما تكون الإدارات والوحدات الزائدة عن الحاجة أو غير الفعالة قد خلقت مزايا اقتصادية غير شفافة لبعض الأفراد. سيؤدي إلغاء هذه الوحدات إلى إلغاء الامتيازات والمزايا، ولكن هذه خطوة ضرورية لتحسين كفاءة الإدارة وتخفيف العبء على الميزانية الوطنية. ثالثًا، التضحية بالعقليات القديمة وعادات الإدارة. إن تغيير الجهاز التنظيمي لا يقتصر على تغيير الهيكل التنظيمي فحسب، بل يشمل أيضًا تغييرًا في التفكير وأساليب العمل. وهذا يتطلب من كل كادر وعضو في الحزب التغلب على خوف التجديد، والتخلي عن أساليب التفكير القديمة للتكيف مع نموذج إدارة أكثر حداثة وشفافية. وهذا أيضًا شكل من أشكال التضحية، يتطلب شجاعة لمواجهة الصعوبات والتحديات قصيرة المدى. وأخيرًا، فإن أعظم التضحيات هي وضع المصالح المشتركة للوطن والشعب فوق المصالح الشخصية أو الجماعية. وهذا يتطلب من كل كادر وعضو في الحزب التحلي بروح المسؤولية العالية، والاستعداد للتخلي عما لم يعد مناسبًا، ولم يعد يُسهم إيجابًا في التنمية المشتركة. السؤال الأصعب عند ترتيب الكوادر بعد الاندماج هو على الأرجح من يبقى ومن يذهب ومن يحتفظ بمنصب الرئيس ومن يتم تخفيض رتبته إلى نائب. سيكون هناك أشخاص سيعانون من الخسائر والتضحيات من الرئيس إلى النائب ومن النائب الدائم إلى النائب الدائم ومن العمل على مستوى المدينة الآن إلى مستوى المنطقة أو المقاطعة. بالتأكيد ستكون تعبئة الكوادر صعبة للغاية. هل لديك أي اقتراحات بشأن إتقان المنظمة وبناء سياسات متميزة للكوادر الخاضعة للترتيب؟ - نعم. إن تعبئة وترتيب الكوادر في عملية تبسيط الجهاز دائمًا ما تكون مشكلة صعبة، لأنها لا تتعلق فقط بالمنصب واللقب ولكنها تؤثر أيضًا على نفسية الكوادر ودوافعهم. ومع ذلك، إذا كان لدينا النهج الصحيح، فيمكننا تحويل هذا التحدي تمامًا إلى فرصة لبناء فريق كوادر موحد وقادر وجاهز للخدمة. أولاً، يجب أن تكون هناك عدالة وشفافية في ترتيب الموظفين. عند الترتيب، من الضروري مراعاة الكفاءة والخبرة ونتائج العمل وملاءمته لمتطلبات مهام الجهاز الجديد. يجب أن تضمن هذه العملية الموضوعية، وتجنب التحيز أو الظلم، مما يُسهم في تقليل عدم الرضا. ثانيًا، يعتمد التقييم على كفاءة العمل والصفات السياسية. يجب احترام الموظفين الأكفاء والمتفانين حقًا، حتى في حال تغير المنصب. ثالثًا، سياسة تعويضات وحوافز معقولة. بالنسبة للكوادر التي يتعين عليها "خفض رتبتها" أو الانتقال إلى مناصب جديدة، ينبغي أن تُعامل معاملةً متميزة، مما يُتيح فرصًا للترقية وإعادة الهيكلة مستقبلًا. إن تبسيط الجهاز لا يعني "إغلاق" فرص الترقية. لا يزال من الضروري دراسة الكوادر التي لا تشغل حاليًا مناصب قيادية والتخطيط لتولي مناصب أعلى مستقبلًا، إذا كانت لديها القدرة والإنجازات الجديرة بالثناء. بالإضافة إلى بناء ثقافة تنظيمية تهدف إلى الصالح العام، من الضروري الاستماع إلى آراء وأفكار الكوادر المتأثرة بعملية إعادة الهيكلة وحلها بدقة. إن التشجيع في الوقت المناسب وتقديم تفسير معقول سيساعد الكوادر على الشعور بالاحترام والفهم. فقط عندما يشعر كل كادر بأن تضحياته موضع تقدير، ويحصل على تعويض مناسب، ويرى فرصًا للتطور في المستقبل، سيكون على استعداد لمواكبة عملية الإصلاح هذه. ما رأيكم في خطة التنظيم الحالية، وخاصةً للوزارات والهيئات الوزارية والهيئات الحكومية والهيئات التابعة للجمعية الوطنية؟ تُعدّ خطة التنظيم الحالية للوزارات والهيئات الوزارية والهيئات الحكومية والهيئات التابعة للجمعية الوطنية خطوةً مهمةً نحو بناء جهاز دولة مُبسّط وفعال وكفؤ. ومع ذلك، لإجراء تقييم شامل، من الضروري النظر في كلٍّ من الجوانب الإيجابية والقضايا التي تحتاج إلى مزيد من التحسين. من الناحية الإيجابية، تُركّز خطة التنظيم الحالية على تقليل نقاط التركيز وإزالة التداخل الوظيفي بين الهيئات. وهذا لا يُوفّر الموارد فحسب، بل يُساعد الجهاز أيضًا على العمل بفعالية أكبر. سيُساعد دمج أو إعادة هيكلة الوحدات نحو تخصص أعلى على تحسين القدرة الإدارية والتنفيذية. وقد أظهر الإصلاح على مستوى الهيئات المركزية، الذي يُعتبر "صعبًا وحساسًا"، عزم الحزب والدولة القوي على إجراء التغييرات اللازمة. وفيما يتعلق بالقضايا المُقلقة، فرغم تقليص عدد الوحدات، إذا لم يكن توزيع المهام واضحًا ومُحدّدًا، فإنّ خطر التداخل أو فقدان المهام لا يزال قائمًا، مما يُؤدي إلى عدم الكفاءة. كما يمكن أن تؤثر عملية الترتيب أيضًا على نفسية ودوافع الكوادر، وخاصة أولئك الذين تغيرت مناصبهم أو صلاحياتهم. أعتقد أنه من الضروري إجراء مراجعة دقيقة لضمان تحديد مهام وصلاحيات كل وزارة وقطاع بوضوح، وتجنب التكرار أو الإغفال. ولإيجاد توافق في الآراء، يجب أن يتم الإعلان عن المعايير وخارطة الطريق ونتائج الترتيب بشفافية. وخاصةً فيما يتعلق بالهيئات التابعة للجمعية الوطنية، يجب أن تضمن إعادة الهيكلة عدم إضعاف وظيفة رصد السياسات وتقييمها، لأنها عنصر أساسي في دولة سيادة القانون. فيالسنوات الأخيرة، قامت العديد من الدول بتبسيط أجهزتها، على سبيل المثال، أعادت اليابان هيكلة أجهزتها من 23 منظمة على مستوى الوزراء إلى 13 منظمة على مستوى الوزراء. برأيك، ما هي التجارب العالمية التي يمكن لفيتنام الاستشهاد بها؟ - تكمن أهم تجربة لليابان في اللامركزية وفقًا لمبدأ التبعية. هذا هو المبدأ الأساسي الذي يساعد اليابان ليس فقط على تبسيط الجهاز المركزي، ولكن أيضًا على تحسين كفاءة الحوكمة. وفقًا لهذا المبدأ، تركز الحكومة المركزية فقط على المهام الاستراتيجية الكلية، بينما تُسند المهام المحددة والمباشرة المتعلقة بحياة الناس إلى الحكومات المحلية على مستوى المقاطعات والمدن. تتمتع الحكومات الإقليمية في اليابان بصلاحيات واسعة في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية وبناء البنية التحتية والتنمية الاقتصادية المحلية. يُسهم هذا في تخفيف عبء العمل على الهيئات المركزية، مما يسمح بتبسيط عمل الجهاز المركزي مع ضمان فعالية الإدارة. يمكن لفيتنام أن تستفيد من هذا النموذج لتعزيز عملية تبسيط الجهاز بطريقة مستدامة وفعالة، نحو لامركزية أقوى؛ حيث تركز الحكومة المركزية على الاستراتيجية بدلاً من التدخل في التفاصيل المحلية؛ مما يُحسّن القدرات المحلية. ومن التجارب اليابانية الأخرى دمج وتكامل الهيئات ذات الوظائف المتشابهة. على سبيل المثال، تشكلت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة من اندماج ثلاث وزارات أصغر. يمكن لفيتنام تطبيق هذا النموذج لتقليل عدد جهات التنسيق، لا سيما في المجالات ذات الوظائف المتداخلة مثل الاقتصاد والمالية والثقافة والمجتمع . يجب أن يستند هذا إلى تقييم شامل لمهام وأداء كل هيئة. بالإضافة إلى اليابان، يمكننا أيضًا الإشارة إلى تجربة نيوزيلندا في التركيز على رصد النتائج بدلاً من العمليات؛ وتجربة سنغافورة في تعزيز تطبيق التكنولوجيا ورقمنة الخدمات العامة، وتقليل العمل اليدوي والاتصالات الإدارية، والتركيز على تدريب الموظفين لتلبية متطلبات الإدارة الحديثة... لتجنب تكرار درس "الترتيب غير المكتمل" كما في الماضي، يجب أن يكون وضع خطة لتبسيط الجهاز التنظيمي هذه المرة واضحًا بشأن الوظائف والمهام؛ التركيز على الكفاءة؛ أن تكون علنية وشفافة ومتفق عليها. هل تعتقد أن هذه ستكون ثورة غير مسبوقة في تبسيط الجهاز؟ومعالتوجهات الرئيسية المتعلقة بالتبسيط التي طُرحت مؤخرًا، كيف تتصور الجهاز الجديد للنظام السياسي في الفترة الجديدة؟ - أعتقد أن إعادة هيكلة الجهاز وتبسيطه يمكن اعتبارها ثورة غير مسبوقة حقًا، ليس فقط بسبب نطاقها ومستواها السياسي العالي، ولكن أيضًا بسبب نهجها الأكثر شمولاً ومنهجية. هذه المرة، لن يقتصر التبسيط على المستوى المحلي فحسب، بل سيشمل أيضًا النظام السياسي بأكمله، من الوزارات والهيئات الوزارية إلى منظمات الجمعية الوطنية والحزب. هذه خطوة كبيرة غير مسبوقة في تاريخ إصلاح الجهاز. إن روح إعادة التنظيم هذه لا تقتصر على تقليل العدد أو إلغاء الهيكل القديم، ولكن أيضًا على بناء جهاز حديث ومبسط وشفاف وفعال يلبي متطلبات التنمية الوطنية في السياق الجديد. أكد الأمين العام تو لام أن هذا ليس مجرد "إصلاح"، بل "ثورة"، تُظهر إرادةً قويةً لتجاوز العوائق القديمة، من الفكر المحافظ إلى المصالح المحلية. أتوقع أن يتسم تنظيم الجهاز الجديد في الفترة المقبلة بالخصائص التالية: أولاً، سيكون مُبسّطاً ولكنه قوي. سيتم تقليل عدد الجهات المحورية بشكل كبير، وخاصةً الوكالات ذات الوظائف المتداخلة أو العمليات غير الفعالة. ومع ذلك، فإن التبسيط لا يُضعف السلطة الإدارية؛ بل على العكس، ستعمل الوكالات المُعاد تنظيمها بكفاءة أكبر بفضل التخصص وتبسيط الإجراءات. ثانيًا، التوجه نحو الاتصال والتكامل. ستُعاد هيكلة الهيئات لتحقيق تكامل أكبر، مما يُقلل من التشتت أو "التوطين" في إدارة الدولة. ثالثًا، التطبيق الفعّال للتكنولوجيا. سيتعين على الجهاز الجديد أن "يرتدي معطفًا رقميًا"، حيث تلعب تكنولوجيا المعلومات دور العمود الفقري في إدارة وتشغيل وتقديم الخدمات العامة. ستكون هذه خطوة مهمة في بناء حكومة رقمية، بما يتماشى مع التوجهات العالمية. رابعًا، تعزيز المسؤولية الفردية والشفافية. سيتم تحديد مسؤولية كل فرد في النظام بشكل أوضح، مما يُقلل من غموض "المسؤولية الجماعية". سيتم تعزيز الشفافية في تشغيل الجهاز، مما يزيد من ثقة الشعب بالدولة. باختصار، هذه الثورة ليست مجرد تغيير هيكلي، بل هي أيضًا تحول مهم في ثقافة التفكير والحوكمة في النظام السياسي الفيتنامي. إذا نُفذت بنجاح، سيرتدي الجهاز التنظيمي الجديد "معطفًا جديدًا" أكثر أناقة وشفافية وفعالية، ويلبي تطلعات الشعب في العصر الجديد.
تعليق (0)