كل اسم ليس مجرد رمز، بل يحتوي على مصدر تاريخي كامل، وقصة طويلة عن تطلعات أسلافنا.
في بعض الأحيان ، عندما أتوقف عند مكان أعرفه لأول مرة، يتحرك قلبي أيضًا بمشاعر مألوفة عندما أسمع اسم المكان، الشيء الذي كرس له أسلاف تلك الأرض كل قلوبهم ورؤاهم.
اسم المكان، كلمتان تبدوان إداريتين جافتين، لكنهما تحتضنان مشاعر حب الأرض والناس. اسم المكان هو اسم قرية، أو نهر، أو سلسلة جبال، أو وحدة إدارية، أو عمل عام. بل هو أيضًا جزء من الذاكرة، تراث ثقافي حيّ غير مادي.
كل اسم مكان هو بمثابة لوحة رقيقة في اللغة، تحمل في طياتها بصمةً عميقةً في العصر الذي وُلد فيه. بعض الأماكن تُسمى بأسماء جغرافية: أنهار، جبال، حقول، ممرات مائية؛ وبعضها الآخر يُسمى بأسماء أحداث تاريخية، مرتبطة بشخصية أو إنجاز. هناك أسماء قرى تحمل في طياتها حلمًا بحياة هادئة وهانئة...
لذلك، ليس من قبيل الصدفة أن اسم المكان غالبًا ما يُشكَّل بكلمات جميلة ويدوم عبر الزمن. بل هي حكمة الناس وطموحات أجيال عديدة من الأجداد التي ترسخت وتشكلت.
جسر خشبي لمعبد Ong Cop، يشكل الحدود بين بلدية Tuy An Dong ومناطق Xuan Dai وSong Cau، وهو مكان يرغب أي سائح في تسجيل الوصول إليه مرة واحدة على الأقل في هذه المساحة الشعرية. |
بدراسة أسماء الأماكن التي لا تزال تُسمى يوميًا، والمكتوبة في كل مقال، يُمكننا فهم الأسباب والمعاني العميقة. وكما قال الصحفي والباحث الثقافي والتاريخي فان ثانه بينه: "كل اسم مكان هو تراث ثقافي، نصب تذكاري بلغة فريدة عن زمن ميلاده. تنعكس الخصائص الجغرافية والتاريخية والثقافية والأحداث السياسية والاجتماعية للأرض بوضوح من خلال أسماء الأماكن".
في أسماء الأماكن، تترابط العناصر الثلاثة: اللغة والمجتمع والجغرافيا، ترابطًا وثيقًا. وبفضل العنصر الجغرافي، ترتبط أسماء الأماكن ارتباطًا وثيقًا بالأرض، وتعيش فيها دائمًا. حتى وإن رحل المالك القديم، وحل محله جيل جديد، وتغيرت اللغة والمجتمع، يبقى الاسم قائمًا، راسخًا في الأرض والسماء.
لقد وضع أسلافنا طموحاتٍ كثيرة في أسماء الأماكن. ظهر موطن فو ين ، المعروف بأرض ناو الحبيبة، على خريطة البلاد منذ عام ١٦١١، مُعبّرًا عن رغبات أسلافنا في بناء حدودٍ غنيةٍ وهادئةٍ، مستقرةٍ في رخاء. كما يحمل اسم توي هوا معنى المرونة والانسجام.
قال الباحث فان ثانه بينه إن اسم توي هوا نشأ في نفس وقت ظهور فو ين، وهي أقصى مقاطعة حدودية جنوبية لداي فيت آنذاك. كانت أمنية القدماء، من خلال اسم توي هوا، هي السعي للحفاظ على السلام مع السكان الأصليين، والتكاتف لبناء أرض جديدة في المنطقة الحدودية.
عند النظر إلى الصفحات القديمة من التاريخ، يتبين لنا أن طموحات أسلافنا تتجلى بوضوح من خلال السمات التاريخية الفريدة لمنطقة فو ين التي تضم 32 قرية تبدأ أسماؤها بكلمة فو، و16 قرية تبدأ أسماؤها بكلمة آن، و14 قرية تبدأ أسماؤها بكلمة فوك، و6 قرى تبدأ أسماؤها بكلمة ثانه، والعديد من القرى المرتبطة بكلمات بينه، دينه، هوي، مي، تان، توان...
تحمل هذه الأسماء معاني الإيمان والأمل والرغبة في المستقبل. وقد رسخت هذه الأسماء في أذهان المجتمع لأجيال عديدة، وهي مصدر فخر واعتزاز، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل فرد، وتحمل في طياتها روح الأرض عبر امتداد الزمن وعمق جذورها.
في الواقع، ليس اسم المكان مجرد اسم إداري جاف، بل يحمل روح الأرض وروحها وحب الناس. ولذلك، عند تغيير اسم أرض أو وطن، يشعر الناس بالحنين والندم على جزء من ذكرياتهم.
لا يكبر أحد دون أن يحمل في ذاكرته أصوات مدينته الأم المألوفة، لأنها موجودة في تهويدات أمه، وتعليمات أبيه، وأيام الطفولة التي قضاها في الغوص بين الحقول والكثبان الرملية... ذلك هو وطنه!
لكن بالتفكير على نطاق أوسع، وبالنظر إلى أبعد، حتى لو تغير اسم المقاطعة أو البلدية، سيبقى وطننا كما هو. ما إن نحب الأرض التي وُلدنا فيها، حتى يتسع هذا الحب ليشمل البلاد بأكملها.
يتدفق نهر تشوا عبر برج نهان، فوق جسر هونج فونج (منطقة توي هوا) ويصب في مصب نهر دا ديين. |
وفي السياق الحالي، وفي مواجهة متطلبات التنمية الجديدة في البلاد، يجب على المقاطعات أن تتحد، وأكد الأمين العام تو لام : يجب علينا تغيير تفكيرنا ورؤيتنا، وتوحيد تصوراتنا وأفكارنا؛ والتغلب على النفسية والمزاجية الإقليمية للتحرك نحو تفكير ورؤية أوسع - "الوطن هو الوطن".
تذكرتُ فجأةً امتحان الأدب لامتحان تخرج الثانوية العامة لعام ٢٠٢٥ الذي عُقد مؤخرًا، امتحانٌ ممتاز، عميقٌ ومُلهم، حافلٌ بالأحداث الجارية، مع فقرة نقاشية بعنوان: "سماء كل وطن هي سماء الوطن". تلك هي الرحلة من الفرد إلى العام، من سماء الوطن الصغير المألوف إلى سماء الوطن الشاسع، بمثلٍ عليا وطموحاتٍ عظيمة. وهذا يُفهمنا أيضًا أنه لا وطن إلا انطلاقًا من أسماء قرى صغيرة.
كتب الشاعر تشي لان فيان: عندما نكون هنا، فهو مجرد مكان للعيش / وعندما نغادر، تصبح الأرض فجأة روحنا .
تبدو القصيدة بسيطة، لكنها تحمل في طياتها فلسفةً عميقة. فقط عندما نبتعد، نُدرك قيمة المكان الذي نتركه. فالمكان ليس مجرد مكان للعيش، بل هو أيضًا جزء من روحنا، مكانٌ يحفظ جزءًا من ذكرياتنا. ومن هنا، نحمل فينا طموحًا كجنود الماضي، مستعدين للذهاب إلى أي مكان، وفعل أي شيء من أجل الوطن.
أكثر من أي شخص آخر، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج شباب اليوم، ركائز البلاد وأصحابها المستقبليون، إلى فهم واستيعاب ذلك.
إذا شعرتَ بالحزن أحيانًا لسماع أن اسم القرية القديم قد اختفى، فصدقني إنه أمرٌ إنسانيٌّ بحت. من أجل تنمية الوطن، ولصالح الأمة والشعب، قد يتغير الاسم، لكن الوطن وحبه لا يتغيران. لأن الوطن هو المكان الذي نترك فيه روحنا، فكل اسم للأرض والقرية هو نبعٌ للوطن المقدس!
تران كوي
المصدر: https://baodaklak.vn/van-hoa-du-lich-van-hoc-nghe-thuat/202506/di-qua-ten-dat-ten-lang-ccc2f86/
تعليق (0)