إن دعم الصحة الإنجابية للمرأة ومكافحة التحرش الجنسي في مكان العمل يساعد الشركات على النجاح

ولزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة وجذب المواهب والاحتفاظ بها، ينبغي للشركات الاستثمار في السياسات التي تدعم الصحة الإنجابية وتمنع التحرش الجنسي في مكان العمل.

الدكتورة ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان. (المصدر: صندوق الأمم المتحدة للسكان)

تشارك ما يقرب من 40% من النساء في القوى العاملة العالمية، إلا أن بيئة العمل التقليدية لا تُهيأ لاستيعاب هذا الواقع. فالمعوقات النظامية، مثل إجازة الأبوة غير الكافية والتحرش الجنسي في مكان العمل، تمنع النساء من التقدم في مسيرتهن المهنية، وتُعمّق فجوة الأجور بين الجنسين.

يجب تغيير هذا الوضع. على الشركات تهيئة بيئات شاملة للنساء من خلال وضع سياسات واضحة بشأن التحرش الجنسي، والإجازات المرنة، والعمل عن بُعد. سيسمح هذا لجميع العاملين، بمن فيهم الرجال، بأخذ إجازة أبوة إذا اختاروا ذلك لرعاية أطفالهم وأسرهم، بالإضافة إلى صحتهم، دون الشعور بالذنب.

رغم إحراز تقدم ملحوظ في ضمان مشاركة المرأة العادلة والمتساوية في جميع مجالات العمل خلال العقود الأخيرة، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي فعله. فالاحتياجات الصحية لنحو 200 مليون امرأة في سلاسل التوريد العالمية عبر مختلف البلدان لم تُلبَّ إلى حد كبير. ومما يثير القلق أيضًا بشأن المساواة أن أقل من ثلث الأشخاص في المناصب الإدارية هم من النساء.

لذلك، ركّز صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) على مساعدة الشركات على الاستثمار في صحة موظفيها ورفاههم. وهذا ليس مجرد تصرف صائب، بل هو أيضًا ممارسة تجارية فعّالة. وقد أظهر تحليل حديث أجراه الصندوق أن دعم منتجات وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية زاد إنتاجية الموظفين في مكان العمل بنسبة 15%.

إن التزام الشركات القوي بالصحة والحقوق الجنسية والإنجابية للموظفين من شأنه أيضًا أن يُحسّن الروح المعنوية، ويُقلل من التغيب وتقلّص فرص العمل، والأهم من ذلك، أن يُعزز المساواة بين الجنسين في مكان العمل. وهذا من شأنه أن يُضيف 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

إدراكًا لأهمية قياس التقدم لإحداث تغيير هادف ومستدام، تعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركة أكسنتشر لتطوير بطاقة أداء تقيس مدى نجاح الشركة في منع التحرش الجنسي في مكان العمل ومعالجته، ودعم أهداف موظفيها في تنظيم الأسرة. وكما هو الحال مع مقاييس الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الأخرى، تقيس بطاقة الأداء الأداء بناءً على مؤشرات تعزز الصالح العام وتدعم الفئات الأكثر ضعفًا.

الخطوة الأولى لتحقيق المساواة بين الجنسين في مكان العمل هي ضمان شعور الجميع بالأمان والاحترام. تُظهر البيانات الحديثة أن واحدًا من كل خمسة أشخاص قد تعرض للعنف أو التحرش في العمل، وأن واحدًا من كل خمسة عشر شخصًا قد تعرض للتحرش الجنسي أو العنف في العمل. لكن نصف هؤلاء الضحايا فقط يُقررن الإبلاغ. تُعزز هذه الأرقام ما تعرفه العديد من النساء منذ زمن طويل.

تتلقى العاملات في هانوي فحوصات صحية إنجابية مجانية. (المصدر: LĐTĐ)

يبدأ تهيئة بيئة عمل آمنة بثقافة مؤسسية، وعلى الشركات أن تُثبت رفضها للتحرش الجنسي في مكان العمل، بل وحرصها على اجتثاثه. وهذا يعني تطبيق سياسات تُعالجه مباشرةً، ووضع آلية واضحة للإبلاغ عن حوادث التحرش، إلى جانب توفير تدريب يُشدد على أهمية بيئة عمل شاملة.

فيما يتعلق بسياسات الصحة الإنجابية، يمكن للشركات توسيع نطاق خيارات النساء لتحقيق النجاح في مكان العمل من خلال توفير الدعم المالي لعلاجات الخصوبة، وتأجير الأرحام، والتبني، وتجميد البويضات، وتهيئة مساحات خاصة للأمهات المرضعات، وتوفير منتجات النظافة الشهرية مجانًا أو مدعومة. إضافةً إلى ذلك، فإن زيادة إجازة الوالدين مدفوعة الأجر من شأنها أن تجذب العمال الأصغر سنًا بغض النظر عن جنسهم.

الشركات التي تُظهر التزامًا بممارسات العمل الأخلاقية ورفاهية موظفيها أكثر نجاحًا في استقطاب الكفاءات والاحتفاظ بها، وتحقيق أقصى استفادة من قوتها العاملة. وقد ثبت أن تغييرات بسيطة، مثل توفير الفوط الصحية ومكملات الحديد للموظفين، تزيد من إنتاجيتهم.

وعلاوة على ذلك، قالت 59% من الشركات التي تغطي علاج العقم إن القرار ساعدها في الحصول على الاعتراف بها كشركة صديقة للعائلة، وقالت 62% إنها ساعدتها في الحفاظ على قدرتها التنافسية في جذب الموظفين والاحتفاظ بهم.

علاوةً على ذلك، ليس العمال وحدهم من يبحثون عن معايير أفضل في مكان العمل. فالعملاء أكثر ميلاً لدعم الشركات الأخلاقية والمستدامة.

في استطلاع حديث أجري على مستهلكي الجيل زد (Gen-Z)، أفاد نصف المشاركين أنهم أكثر استعدادًا للشراء من الشركات التي تلتزم التزامًا واضحًا بالتنوع والشمول. ووجدت دراسة أخرى أن استراتيجيات التسويق التقدمية المرتبطة بالجنسين يمكن أن تساعد العلامات التجارية على النمو بنسبة 8%.

لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة واستقطاب الكفاءات والاحتفاظ بها بغض النظر عن جنسها، ينبغي على الشركات الاستثمار في سياسات تدعم الصحة الإنجابية وتكافح التحرش الجنسي والتمييز. سيؤدي ذلك إلى خلق قوة عاملة أكثر صحة وسعادة وإنتاجية، ويهيئ مستقبلًا مزدهرًا وشاملًا يزدهر فيه الموظفون وتنمو فيه الشركات.

الدكتورة ناتاليا كانيم، من بنما، هي المديرة التنفيذية الخامسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان. تولت منصب المديرة التنفيذية بالنيابة للصندوق في يونيو/حزيران 2017، ثم نائبة المديرة التنفيذية للصندوق في يوليو/تموز 2016. كما شغلت منصب ممثلة الصندوق في جمهورية تنزانيا من عام 2014 إلى عام 2016، وشغلت عددًا من المناصب العليا في مؤسسة فورد والعديد من المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأخرى.

حصلت الدكتورة ناتاليا كانيم على شهادة الطب من جامعة كولومبيا، وشهادة الماجستير في الصحة العامة من جامعة واشنطن. وهي أيضًا خريجة جامعة هارفارد، متخصصة في التاريخ والعلوم.

المصدر: https://baoquocte.vn/ho-tro-suc-khoe-sinh-san-chong-quay-roi-tinh-duc-tai-noi-lam-viec-cho-phu-nu-giup-doanh-nghiep-thanh-cong-hon-281538.html