تُعتبر الحواسيب الكمومية قمة التكنولوجيا، إذ تتفوق قدراتها على الحواسيب التقليدية في المعالجة بكثير. إلا أن المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه الأجهزة التي تُقدر بملايين الدولارات لا تستطيع خدمة سوى مستخدم واحد في كل مرة. وهذا يعني هدر معظم موارد الأجهزة باهظة الثمن، واضطرار المستخدمين إلى "الانتظار في طابور" لحين دورهم في إنجاز كل مهمة صغيرة.
أعلن باحثون في جامعة كولومبيا (الولايات المتحدة الأمريكية) مؤخرًا عن حلٍّ ثوريٍّ يُسمى HyperQ، وهو نظام يُمكّن الحواسيب الكمومية من تنفيذ مهام متعددة، ما يسمح لعدة مستخدمين بالوصول إلى البيانات ومعالجتها في آنٍ واحد على الجهاز نفسه. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يُطبّق فيها بنجاح نموذج مشاركة الموارد - الشائع في الحوسبة السحابية - في الحوسبة الكمومية العملية.

يعمل HyperQ كطبقة وسيطة، حيث يُقسّم الحاسوب الكمومي المادي إلى عدة "آلات افتراضية كمية" (qVMs). صُممت هذه الآلات لتكون معزولة تمامًا، وقادرة على تشغيل برامج مختلفة في وقت واحد دون تداخل مع بعضها البعض. تُنسّق خوارزمية جدولة ذكية هذه المهام إلى أكثر مناطق الشريحة الكمومية كفاءةً - على غرار كيفية توزيع خادم سحابي لموارد المعالجة في بيئة متعددة المستخدمين.
أسفرت تجارب الفريق على البنية التحتية الكمومية الحقيقية لشركة IBM عن نتائج مبهرة: فقد انخفضت أوقات انتظار المستخدمين بما يصل إلى 40 مرة، وزاد عدد البرامج الكمومية التي تم تنفيذها في نفس الإطار الزمني بمقدار 10 أضعاف. بالإضافة إلى تحسين السرعة، حسّن HyperQ أيضًا الدقة من خلال تجنب مناطق الضوضاء الكمومية تلقائيًا - وهي مشكلة غالبًا ما تسبب أخطاء في الحسابات.
والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا هي أن HyperQ لا يتطلب على الإطلاق إعادة كتابة البرامج، ولا حاجة إلى معرفة المهام التي سيتم تشغيلها معًا مسبقًا - وهو ما يجعل النظام مرنًا وسهل التطبيق عمليًا.
يقول الخبراء إن هذه التقنية قد تُعطي دفعة قوية لتسويق الحوسبة الكمومية. سيتمكن مزودو البنية التحتية، مثل IBM وGoogle وAmazon، من خدمة المزيد من العملاء دون الحاجة إلى الاستثمار في أجهزة إضافية، مما يُقلل التكاليف ويُوسّع نطاق الوصول. وفي الوقت نفسه، سيستفيد الباحثون، وخاصةً في مجالات الطب الحيوي والمواد الجديدة والطاقة، استفادةً مباشرة من إمكانية الوصول السريع والمستمر إلى الموارد الكمومية.
وقال فريق التطوير إنهم يقومون بتوسيع النظام ليكون متوافقًا مع العديد من البنى الكمومية الجديدة، بهدف أن يكونوا قادرين على مشاركة الموارد عبر جميع أنواع أجهزة الكمبيوتر الكمومية، بغض النظر عن الشركة المصنعة.
يُنظر إلى HyperQ على أنه خطوة مهمة إلى الأمام في إخراج الكم من المختبر، وهو أقرب إلى دوره كبنية أساسية حقيقية للحوسبة في عصر ما بعد السيليكون.
المصدر: https://khoahocdoisong.vn/may-tinh-luong-tu-dau-tien-chay-da-nhiem-thanh-cong-post1553546.html
تعليق (0)