في 10 يوليو/تموز، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على هامش الاجتماع الثامن والخمسين لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (AMM-58) في كوالالمبور، ماليزيا. وكان هذا ثاني اتصال بين الوزارتين هذا العام، بعد الاجتماع الأول في الرياض في فبراير/شباط. ووفقًا لوزير الخارجية روبيو، ورغم مناقشة مواضيع أخرى غير أوكرانيا، ظل "حل النزاع المسلح" على رأس الأولويات. وأكد أن الرئيس دونالد ترامب "يشعر بخيبة أمل وانزعاج لأن روسيا لم تعد مرنة".
يقول المراقبون إن الانتقادات ليست معزولة، بل هي جزء من سلسلة خطوات تعكس الموقف المعقد لإدارة ترامب تجاه الحرب في أوكرانيا. قبل يوم من الاجتماع، نشرت شبكة CNN تسجيلات من عام ٢٠٢٤، تُظهر تصريحات الرئيس ترامب خلال فعاليات حملته الانتخابية، والتي روى فيها تهديده بـ"قصف موسكو" و"قصف بكين" عند حديثه مع القادة الروس والصينيين. ورغم أن هذا التصريح كان صادمًا، إلا أنه ينبغي وضعه في سياق هذا الاجتماع مع المانحين، حيث يميل السيد ترامب غالبًا إلى إظهار صورة القائد الصارم. كما رد الكرملين بحذر، حيث شكك المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف في صحة التسجيلات.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات ليست جديدة تمامًا. فقد نشرت صحيفة واشنطن بوست تصريحات مماثلة للرئيس ترامب في مايو/أيار 2024، رغم عدم وجود أدلة تسجيلية آنذاك. وقد جذب نشر التسجيلات في الوقت المناسب، في ظل بوادر تغير في موقف ترامب من الحرب في أوكرانيا، اهتمامًا متزايدًا من المراقبين والجمهور.
التكيف الاستراتيجي: من المشاركة إلى الحد
منذ عودته إلى البيت الأبيض، يقال إن الرئيس ترامب قد نظر في ثلاثة أساليب للتعامل مع الصراع في أوكرانيا: (1) تعزيز مفاوضات وقف إطلاق النار بشكل نشط والتحرك نحو اتفاق سلام . (2) الابتعاد عن الأزمة إذا تبين أنها لا يمكن أن تحقق نتائج على المدى القصير. (3) الاستمرار في الحفاظ على سياسة المشاركة كما في عهد الإدارة السابقة لجو بايدن.
تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن الرئيس ترامب يتجه نحو الخيار الأخير. وكان استئناف المساعدات العسكرية لأوكرانيا في 8 يوليو/تموز، والتي اقتصرت على أنظمة الدفاع، بمثابة خطوة تسوية. وأظهر ذلك أن واشنطن لم تنسحب تمامًا، ولكنه لم يعنِ زيادة الضغط العسكري على موسكو. في الوقت نفسه، فإن استياء ترامب العلني من عملية التفاوض الروسية الأوكرانية، وعدم ضغطه على كييف لتقديم تنازلات، يعكس نيته لعب دور الوسيط بدلًا من التدخل المباشر.
الموقف العقابي: صارم في الأقوال، حذر في الأفعال
في الآونة الأخيرة، لم يستبعد الرئيس ترامب ومستشاروه إمكانية فرض عقوبات إضافية على روسيا. ومن أبرز المقترحات فرض ضريبة استيراد تصل إلى 500% على الدول التي لا تزال تستورد النفط والغاز واليورانيوم ومنتجات الطاقة من روسيا. إلا أن تنفيذ هذه السياسة يتطلب موافقة الكونغرس - وهو أمر لا يزال معلقًا - والتنسيق مع الشركاء الأوروبيين، حيث لا تزال المواقف متباينة. علاوة على ذلك، أقرّ ترامب نفسه في يونيو/حزيران بأن العقوبات السابقة ألحقت أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الأمريكي، لا سيما في ظل التضخم وعدم استقرار سلسلة التوريد العالمية اللذين لم تتم السيطرة عليهما بالكامل.
استراتيجية التباعد المحسوبة
وفقًا لكونستانتين سوخوفيرخوف، مدير البرامج في المجلس الروسي للشؤون الدولية، تُظهر التطورات المذكورة أعلاه أن الرئيس ترامب يُنأى تدريجيًا بالولايات المتحدة عن دورها في الصراع الأوكراني. ولا تزال إدارته ملتزمة بدعم كييف، ولكن على نطاق محدود، مع التركيز بشكل رئيسي على المساعدات الدفاعية والضغط الدبلوماسي. ويعكس تجنب المزيد من الضغط المباشر على موسكو رغبة السيد ترامب في الحفاظ على حياد نسبي - سواءً للحفاظ على صورة القائد الصارم في الداخل أو لتجنب الانجرار إلى صراع طويل الأمد مثل الصراع في أفغانستان.
مع تحول السياسة الخارجية الأمريكية نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قد لا تُركز أولويات واشنطن في عهد الرئيس ترامب على أوروبا الشرقية. وقد تكون التهديدات الموجهة لموسكو - سواءً بالخطابات القاسية أو العقوبات - جزءًا من استراتيجية "المساومة" للدفع نحو المفاوضات، بدلًا من أن تعكس موقفًا تصادميًا ثابتًا.
مع ذلك، يتزايد وضوح نفاد صبر الرئيس ترامب تجاه عملية السلام، التي تتطلب وقتًا واستقرارًا سياسيًا طويل الأمد. وقد يؤدي هذا إلى فترة من عدم وضوح السياسة الأمريكية الأوكرانية، مما يزيد من تعقيد وضع الحرب في المرحلة المقبلة.
هونغ آنه (مساهم)
المصدر: https://baothanhhoa.vn/my-nga-tiep-tuc-doi-thoai-tin-hieu-thay-doi-trong-lap-truong-cua-washington-ve-ukraine-254562.htm
تعليق (0)