غموض يلف اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة تيليجرام بافيل دوروف

أثار اعتقال بافيل دوروف، الذي يعتبر "زوكربيرج الروسي" ذو الجنسيات المختلفة في فرنسا في 24 أغسطس/آب من قبل السلطات الفرنسية، اهتماما شعبيا كبيرا مع العديد من الألغاز والتكهنات المثيرة...

أثار اعتقال بافيل دوروف، رئيس تيليجرام، تكهنات واسعة. (المصدر: فورتشن)

العوامل السياسية

أثار اعتقال مالك تطبيق تيليجرام بافيل دوروف في 24 يونيو في مطار باريس لو بورجيه عندما هبطت طائرته الخاصة القادمة من أذربيجان في باريس الكثير من التكهنات حول دوافع وأسباب اعتقاله.

وبحسب بيان صحفي صادر عن مكتب المدعي العام في باريس في 26 أغسطس، تم اعتقال مؤسس تطبيق تيليجرام والرئيس التنفيذي له، بافيل دوروف، من قبل السلطات الفرنسية في تحقيق جنائي.

بناءً على ذلك، وُجهت إلى رجل الأعمال الروسي البالغ من العمر 39 عامًا 12 تهمة، منها تسهيل جرائم المخدرات، وغسل الأموال، والجريمة المنظمة، والمساعدة في نشر صور إباحية للأطفال. كما يخضع رجل الأعمال هذا للتحقيق لرفضه التعاون مع تحقيقات الجرائم الإلكترونية والجرائم المالية.

إلا أن هذه الحادثة أثارت الكثير من التكهنات والغموض. وتُظهر بوضوح أهمية مشروع تيليجرام ودور بافيل دوروف، مالك تطبيق تيليجرام للمراسلة، الذي يحظى بشعبية واسعة بفضل أمنه "المطلق" للمعلومات الشخصية.

بافيل دوروف هو الشخص الذي يملك مفاتيح تشفير أمن معلومات تيليجرام. ومع ذلك، ورغم ضغوط جهات عديدة، صرّح دوروف مرارًا وتكرارًا بأنه لن يُعطيها لأحد. ورغم أن النيابة العامة الفرنسية قد أوضحت سبب اعتقال دوروف ووجهت إليه في البداية 12 تهمة، إلا أن العديد من المراقبين يعتقدون أن اعتقال رئيس تيليجرام مرتبط بدوافع سياسية. لذلك، لا يمكن حل القضية إلا من خلال اتفاقات سياسية.

ولكن مهما كان سبب الاعتقال، فإنه سيكون له تداعيات فورية على مستخدمي التطبيق البالغ عددهم نحو مليار مستخدم.

بعد الاعتقال، وخاصة بعد بيان مكتب المدعي العام في باريس، كانت ردود الفعل الأولية في موسكو قوية، ولكن حتى الآن لم يتمكن الدبلوماسيون الروس من الوصول إلى دوروف.

لماذا فرنسا؟

وفقًا لوسائل الإعلام، يمتلك بافيل دوروف ثلاثة جوازات سفر. بالإضافة إلى جواز سفره الروسي، يحمل السيد دوروف أيضًا جنسية الإمارات العربية المتحدة، إحدى أصعب الدول من حيث الحصول على الجنسية، وجنسية سانت كيتس ونيفيس (دولة كاريبية وعضو في الكومنولث البريطاني)، والجنسية الفرنسية. لم يحصل الملياردير دوروف على الجنسية الفرنسية إلا في عام ٢٠٢١.

تُحيط ظروف اعتقال السيد دوروف في 24 أغسطس/آب غموضٌ بالغ. ووفقًا لوسائل إعلام فرنسية، هبطت طائرة دوروف الخاصة في مطار لو بورجيه في باريس حوالي الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي. وفور هبوطها، أُلقي القبض على الملياردير الروسي بموجب مذكرة توقيف صدرت قبل عام، وفقًا لبعض المصادر.

صرح أحد كبار المحققين في القضية لصحيفة "لوفيغارو" أن دوروف كان على علم بالأمر، لكنه قرر القدوم إلى فرنسا على أي حال. وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصادر لم تسمها، إلى أن الملياردير ربما ظن أنه لن يُعاقب. وهذا افتراض غريب نوعًا ما.

وفقًا لصحيفة لوفيجارو ، أُلقي القبض على دوروف بسبب غياب الرقابة على تيليجرام. يُعد تيليجرام التابع لدوروف تطبيقًا مفضلًا للمجرمين - من تجار المخدرات إلى مُستغلي الأطفال جنسيًا - نظرًا لادعاءات أمن المعلومات والبيانات التي يُكررها رئيس تيليجرام نفسه بأنها "أفضل من أمن البنوك". لذلك، يبدو أن رفض مالك تيليجرام فرض الرقابة على المحتوى يُعد تواطؤًا في أعمال إجرامية، أي أنها جريمة تستوجب السجن (على الأقل خلال فترة الاحتجاز).

لكن السؤال هو، لماذا ذهب بافيل دوروف بشغف إلى فرنسا ليتم اعتقاله ووضعه في أحد السجون الفرنسية، وهو يعلم أنه من الممكن أن يتعرض للاعتقال والحكم عليه بالسجن؟

هناك لغز آخر يتعلق بمسار الملياردير الشاب. سافر بافيل دوروف إلى فرنسا من أذربيجان، وليس من دبي، حيث يقيم كمواطن من تلك الدولة. ولا تزال هناك أسئلة كثيرة حول ما كان يفعله في باكو، ولماذا سافر مباشرة من هناك إلى باريس.

وتتلخص كل النظريات حول اعتقال دوروف - باستثناء النسخة التي طرحها أفراد أمن فرنسيون مجهولون في وسائل الإعلام - في الأساس في التكهنات بأن مؤسس تيليجرام تم اعتقاله للحصول على مفاتيح التشفير.

قد يكون الوصول إلى المعلومات المتبادلة عبر تطبيق تيليجرام محل اهتمام السلطات في العديد من الدول، بما في ذلك فرنسا. إلا أن رئيس تيليجرام، المعروف بأسلوب حياته الغريب، يرفض بشدة الكشف عن هذه المعلومات.

حتى التهديد بحظر تيليجرام في روسيا لم يُخيفه قط. ففي عام ٢٠١٥، بعد مغادرته الاتحاد الروسي بفترة وجيزة، أكد دوروف: "لم ولن يُقدم تيليجرام بيانات شخصية ومفاتيح تشفير لأطراف ثالثة. يحظى تيليجرام بشعبية كبيرة لدى عشرات الملايين من المستخدمين في عشرات الأسواق، ولن يؤثر التهديد بحظر سوق أو سوقين على سياسة الخصوصية الخاصة بتيليجرام".

سبب الاعتقال

وبحسب مراقبين، فإن الاتهامات السياسية التي تطرحها فرنسا ضد تطبيق تيليجرام تنبع من عدد من الأسباب.

أولاً، يُستخدم تطبيق تيليجرام بنشاط من قِبل المشاركين في العملية العسكرية في أوكرانيا. وبصفتها دولة عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأحد الحلفاء الرئيسيين لأوكرانيا، لا يمكن لفرنسا تجاهل هذا الأمر.

ثانيًا، اضطرت السلطات الفرنسية أيضًا للتعامل مع تطبيق دوروف بسبب ضغوط (بما في ذلك من جهات خارجية) منذ عام ٢٠٢١، عندما حصل الملياردير على الجنسية الفرنسية. في ذلك العام، فتحت وزارة العدل الألمانية قضيتين ضد تيليجرام بشأن محتوى التطبيق. وصرحت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيسر، بأن تيليجرام رفض التعاون مع الحكومة الألمانية. ووردت شكاوى بشأن تيليجرام من العديد من المنظمات الأوروبية. على سبيل المثال، قبل اعتقال دوروف بفترة وجيزة، أعلن الدوري الفرنسي لكرة القدم للمحترفين عن استيائه من بث تيليجرام غير المصرح به لمباريات كرة القدم في الدوري الفرنسي.

ثالثًا، قد يكون اعتقال دوروف مرتبطًا بالعلاقات الأذربيجانية الفرنسية. ففرنسا تدعم أرمينيا بقوة، بينما تتهم باريس أذربيجان بدعم الانفصاليين في كاليدونيا الجديدة. في هذا السياق، يمكن الربط بوضوح بين زيارة دوروف إلى باكو واعتقاله من قبل أجهزة إنفاذ القانون الفرنسية.

علّق موقع ng.ru الروسي قائلاً إن هذا الحدث، مهما كان، يفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدولة ورواد الأعمال في قطاع الإنترنت. لم يسبق أن اعتُقل مُنشئ منصة تواصل اجتماعي شهيرة كهذه بسبب أنشطته المهنية. وليس من المُستغرب أن يكون من بين مُؤيدي دوروف مالك شبكة التواصل الاجتماعي X، الملياردير إيلون ماسك، وهي شبكة اجتماعية تضمّ عددًا كبيرًا من المستخدمين إلى جانب فيسبوك التابع لزوكربيرج...

المصدر: https://baoquocte.vn/nhung-bi-an-phu-bong-vu-bat-giu-ceo-telegram-pavel-durov-284295.html