أصدرت وزارة التعليم والتدريب مؤخرًا سياسةً لدعوة فنانين مشهورين لتدريس الفنون وتبادلها في المدارس. يُعدّ هذا نشاطًا تكميليًا وتوجهًا طويل الأمد، يهدف إلى تقريب الفن من الطلاب، والمساهمة في الحياة الروحية والتعليم الشامل لجيل الشباب.
جلب روح الانفتاح
تجدر الإشارة إلى أن هذه السياسة مثيرة للاهتمام للغاية، إذ تُظهر جهودًا لتطوير التعليم ، وتُظهر في الوقت نفسه أن وجهات النظر في التعليم قد تغيرت، وأن التصورات أصبحت أكثر ملاءمةً للاتجاهات التعليمية المتقدمة الحالية. وتحديدًا، تُظهر هذه السياسة تصورًا لـ قامت وزارة التربية والتعليم برفع مكانة بعض المواد الدراسية التي كانت تعتبر في السابق ثانوية في نظر المجتمع والطلاب.

لأن مفهوم التعليم في بلدنا متحيز إلى حد ما، فإن هذا التحيز هو عيب متأصل ليس فقط لدى الطلاب ولكن أيضًا لدى المعلمين، بالإضافة إلى مرض الإنجاز في قطاع التعليم... مما يؤدي إلى حالة من التحميل الزائد للطلاب. يدرك الجميع أن التفوق في المواد: الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأدب والتاريخ والجغرافيا... ميزة ولكن ليس كل شيء، وليس الطريق الوحيد المؤدي إلى المستقبل. إذا تم الانغماس فيه كثيرًا، فقد يكون خطرًا على الأجيال القادمة لأنه لم يعد لديهم وقت لمواد أخرى مثيرة للاهتمام، وأولئك الذين لا يتمتعون بمزايا في هذه المواد معرضون للاكتئاب المدرسي... لذلك، فإن إصدار وتطبيق هذه السياسة الجديدة يفتح الأمل في تقليل ضغط دراسة المواد الثقافية. والأهم من ذلك، إذا تم تنفيذ هذه السياسة بشكل جيد وتنفيذها بحزم وبشكل مستدام، فإنها ستجلب أيضًا روح الانفتاح في التعليم.
لدعوة فنانين مشهورين للمشاركة في أنشطة التدريس والتبادل في المدارس فوائد واضحة عديدة. أولًا، الفنانون هم من يُبدعون ويؤدون أعمالهم مباشرةً، ما يمنحهم قدرةً قويةً على الإلهام. كما أن لقصص من وراء الكواليس، أو تجارب مهنية، أو حتى عروضًا حية، تأثيرًا خاصًا على الطلاب، إذ تُحدث تأثيرًا لا يُضاهيه تأثير الكتب. إن وجود الفنان يُضفي حيويةً جديدةً على أجواء الفصل الدراسي، مما يُشعر الطلاب بقرب الفن وحيويته.
علاوة على ذلك، يُعد الفنانون رمزًا للجهد والشغف والتفاني. فعندما يتحدثون عن رحلة العمل الفني الشاقة، وتغلبهم على التحديات لتحقيق النجاح، يُصبح ذلك درسًا قيّمًا في المثابرة والمسؤولية.
أي فن وأي فنان نختار؟
لا يقتصر دور الفن في البيئة التعليمية على الترفيه فحسب، بل يُسهم أيضًا في إثارة المشاعر وتنمية الروح وتنمية القدرات الإبداعية الكامنة لدى الطلاب. لذلك، أعتقد أن الفنون التفاعلية كالموسيقى والرقص والمسرح ستكون الخيار الأول. كما يجب عدم إغفال التراث الفني الإقليمي. ففيتنام تزخر بالفنون التقليدية، والتي تُدرّس وتُعرض مباشرةً في المدارس، ستُتاح للطلاب فرصة التعرّف على تراث وطنهم وتقديره.
يُمثل الجمع بين الفن المعاصر والفن التقليدي اتجاهًا واعدًا. يتعرف الطلاب على الموسيقى والرقص والمسرح الحديث، ويتعرفون في الوقت نفسه على المواد الشعبية والتراثية. وهكذا، لا يُشعر النشاط بالملل، بل يُصبح رحلة استكشاف متنوعة، تُوازن بين الماضي والحاضر.
ومع ذلك، لضمان سلاسة التنفيذ، من المهم تحديد ماهية الفنان المشهور بوضوح، وما هي المجالات التي ينشط فيها، على سبيل المثال، الفن أم الترفيه، الفن المعاصر أم التقليدي، أم جميعها؟ قد تتعارض عملية التنفيذ، لأن الفنانين ذوي القيم الفنية غالبًا ما لا يكونون فنانين ترفيهيين مشهورين في المجتمع، بل على العكس، غالبًا ما تحمل أعمالهم الفنية قيمًا مختلفة. إذا لم يُراعَ هذا الأمر جيدًا، فقد يقع المرء في فخ عدم احترام القيم الحقيقية، بل في فخ القيم العابرة والغريبة التي لا تُسهم كثيرًا في العملية التعليمية؛ أو على العكس، يقع في فخ القيم الجافة التي تفتقر إلى الترفيه...
تُعدّ مؤهلات الفنان معيارًا أيضًا لملاءمة البيئة التعليمية. كما أن عدد الفنانين المشاركين، وكيفية توفير أساس قانوني كافٍ لإلزام الفنانين المشاركين بمسؤولياتهم عندما يحتاج قطاع التعليم إلى ذلك... هي أيضًا قضايا تستحق الاهتمام. من الضروري للغاية تجنب خطر انغماس المدارس في دوامة صناعة الترفيه، لتصبح ساحة جديدة لفناني الترفيه.
المزايا والعيوب
لسياسة استقطاب الفنانين إلى المدارس، من منظور عملي، مزايا عديدة. أولًا، يحظى هذا النشاط بإجماع اجتماعي واسع، لأن الحاجة إلى الفن، وخاصةً الفن عالي الجودة، قائمة دائمًا في البيئة التعليمية. يتمتع الفنانون المشهورون بجاذبية طبيعية لدى الطلاب، ويمكن لتبادل فني أو عرض فني أو جلسة تدريسية واحدة أن تُحدث تأثيرًا قويًا. بالإضافة إلى ذلك، يرغب العديد من الفنانين اليوم أيضًا في المساهمة في مجتمعاتهم، معتبرين ذلك مسؤولية مدنية، لذا فإن القدرة على حشد الطاقات ليست بعيدة المنال.
إلى جانب المزايا، ثمة صعوبات. تكمن المشكلة الأكبر في نطاق التطبيق. ينتشر النظام المدرسي في جميع أنحاء البلاد، من المناطق الحضرية إلى الريفية، والجبلية، والجزرية. من البديهي أنه من المستحيل توقع زيارات منتظمة من الفنانين لجميع المدارس. ثم كيف يمكن للأنشطة الفنية ألا تصبح مجرد عروض تبادلية، بل أن تُجسّد قيمًا تربوية حقيقية؟ ومن الصعوبات الأخرى انشغال الفنانين الذي يجعل الحفاظ على انتظام الأنشطة أمرًا صعبًا دون خطة علمية.
من الصعوبات الأخرى افتقار معظم الفنانين لأي تدريب مهني في التدريس. قد يتمتع الفنانون بموهبة كبيرة على خشبة المسرح، لكن التدريس يتطلب مهارات في الشرح، وتنظيم المحتوى، والتحكم في التفاعلات، وما إلى ذلك. وبدون تنسيق جيد مع المعلمين المسؤولين عن المادة، قد يصبح النشاط حركة عابرة. إضافةً إلى ذلك، فإن المرافق في العديد من المدارس، وخاصةً في المناطق المحرومة، محدودة ولا تلبي احتياجات العروض أو التجارب الفنية. وبدون إعداد دقيق، يمكن أن تتأثر تجربة الطالب بسهولة.
ومن المهم أيضًا أن نأخذ في الاعتبار أن ليس كل المدارس قادرة على دعوة الفنانين بانتظام، ولكن يمكنها تنظيم ذلك في شكل مجموعات مدرسية أو برامج متنقلة، ويمكنها حتى الجمع بين النشاطات الحضورية والأنشطة عبر الإنترنت، والاستفادة من التكنولوجيا لتوسيع نطاق الوصول.
إن صعوبات الموارد أو التنظيم أو المهارات التربوية للفنانين أمرٌ لا مفر منه. ولكن من خلال الإعداد العلمي والتطبيق العملي، والتنسيق بين المعلمين والفنانين، ودعم قطاعات التعليم والثقافة والمجتمع، يُمكن حل هذه المشكلات تمامًا. والأهم من ذلك، أن هذا النشاط يُتيح للفنانين فرصًا لإظهار مسؤوليتهم المدنية، مما يُقرّب مواهبهم وشغفهم من جيل الشباب. لا يقتصر تعلم الطلاب على الفن فحسب، بل يتعلمون أيضًا دروسًا قيّمة عن حب المهنة، والعزيمة، والرغبة في المساهمة.
رغم كثرة التحديات، إلا أن هذه سياسةٌ لا بدّ من تطبيقها. فعندما يتضافر المجتمع بأكمله، من مدارس وفنانين وأولياء أمور وهيئات إدارية، سيصبح الفنّ بلا شكّ جزءًا أساسيًا من المسيرة التعليمية، مساهمًا في تكوين مواطنين مثقفين وروحانيين.
المصدر: https://baolangson.vn/nuoi-duong-doi-song-tinh-than-lanh-manh-va-giao-duc-toan-dien-cho-the-he-tre-5061446.html
تعليق (0)