في كل ربيع، تتردد في ذهني قصيدة "العالم" للشاعر فو دينه لين، صورة عالم عجوز جليل ومحترم. أحترم العلماء دائمًا، لأني أؤمن بأن كلماتهم نابعة من قلوبهم وأرواحهم. إنها كلمات قديس.
لكن يبدو أن الاحترام لا يبقى في الذاكرة إلا عندما تتطور الحياة، ولا يعود للعلماء مجالٌ لممارسة الهوايات العملية. البعض يُعلّق أقلامه، والبعض الآخر يُحطّم محابره.
قبل خمس سنوات، عندما ذهبتُ إلى السوق مع أصدقائي في مسقط رأسي، كان أكثر ما لفت انتباهي وأثّر بي كوخًا متواضعًا في نهاية السوق. جلس عالمٌ عجوزٌ بوقارٍ بجانب سريرٍ من الخيزران، وأمامه حجرة حبرٍ وصفٌ من الفرش مُرتّبةٌ بعناية، وخلفه خطوطٌ ولوحاتٌ تُرفرف في نسيم الربيع. لا بد أنه جلس على هذا الحال لساعةٍ كاملة، لكن لم يكن هناك زبائن. لم يتوقف سوى الأطفال الفضوليين لينظروا، لكن الكبار سحبوهم بعيدًا على الفور بكلماتٍ مُلحّة: "اذهبوا بسرعة وإلا سيُلوّثكم الحبر!". كانت هذه الكلمات كالملح على الجرح، لكن العالم ظلّ مُصرًّا على ذلك الركن من السوق.
أعلم أنه ليس من مسقط رأسي، بل من مدينة ثانه هوا . قبل ذلك، كان مُدرّسًا في مدرسة فنية. شغفه، وربما أيضًا شعوره بالمسؤولية، جعله يظهر في أماكن كثيرة. أسواق، بوابات معابد، وأحيانًا في فناء مدرسة قرية. لم أفكر في أي مهمة عظيمة تجعله يتنقل في كل مكان مرتديًا عمامة، وفستانًا من أربعة أجزاء، وقباقيب خشبية، وصندوق أدوات. افترضتُ ببساطة أن لديه شغفًا.
لكن من الواضح أن هذا الشغف كلفه الكثير من المال. شغفه الشخصي أشبه بنحل يُسهم في الحياة بالعسل، على الأقل يُساعد الأطفال المولودين في العصر الرقمي على معرفة وجود علماء وحكماء كونفوشيوسيين، حتى لو أبعدهم آباؤهم.
إن إحياء الثقافة التقليدية مسؤوليةٌ أساسيةٌ تقع على عاتق القطاع الثقافي، بل تقع علينا جميعًا. سواءٌ أكانوا حرفيين، أم مغنين، أم عازفي فلوت الخيزران، أم حتى مجرد باحث بسيط، فكلٌّ منهم يُشكّل خيطًا ملونًا يُشكّل الديباج.
قبل بضعة أيام، عدتُ إلى مسقط رأسي لأذهب إلى السوق، وانتظرتُ لأرى إن كان "الخطاط" لا يزال صامدًا في زاوية السوق. ابتسمتُ لأن الخيمة القديمة كانت لا تزال هناك، لكن وجه الخطاط لم يعد مُفكّرًا، بل كان لا يزال صامتًا. كان الكثير من الناس في الريف متحمسين للأبيات الشعرية أو الخط، وأحيانًا مجرد كلمات عشوائية كتبها. وضع البعض، بعضهم، نقودًا على طبق على الطاولة لشكره.
كنتُ أظن أن العلماء القدماء يوزعون فنون الخط ليعيشوا أجواء الربيع، أملاً في إدخال السرور على من يطلبها. في ركن متواضع من السوق الريفي اليوم، رأيتُ تلك الصورة بعد سنوات من مثابرة ذلك العالم.
الجمل المتوازية والخطوط التي ترفرف مع نسيم الربيع على الأرصفة وزوايا السوق، تعود للحياة من جديد. همهمتُ بأبيات من قصيدة "العالم": كل عام تتفتح أزهار الخوخ/ أرى العالم العجوز من جديد... بسرور. لو كان فو دينه لين لا يزال حيًا، لما اضطر لكتابة هذه الأبيات الحزينة: لا يزال العالم جالسًا هناك/ لا أحد يلاحظ/ تتساقط أوراق صفراء على الورق/ في الخارج، ينهمر مطر غزير...
سعادة
[إعلان 2]
المصدر: https://baothanhhoa.vn/ong-do-o-goc-cho-phien-236561.htm
تعليق (0)