إن التغييرات في سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أقل من شهرين لم تؤثر فقط على الوضع في أوروبا أو الحرب في أوكرانيا، بل قد يكون لها أيضًا تأثير كبير على الوضع في آسيا.
ونقلت وكالة فرانس برس، أمس (7 مارس)، عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأكيده أن بلاده "حليف مخلص" للولايات المتحدة.
الحلفاء منقسمون
جاء هذا البيان بعد أن أعرب الرئيس ترامب عن شكوكه بشأن قدرة حلفاء الناتو على الدفاع عن الولايات المتحدة في حال تعرضها لهجوم. وأشار الرئيس ماكرون إلى مشاركة أعضاء الناتو في الحملة العسكرية في أفغانستان بعد هجوم 11 سبتمبر/أيلول 2001.
هذه إحدى المؤشرات الجديدة على الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. فقد أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عن زيادة ميزانيته الدفاعية إلى 800 مليار دولار، في خطوة لتعزيز الاستقلال والحد من الاعتماد على الولايات المتحدة. كما اختلف الجانبان اختلافًا كبيرًا بشأن الصراع الأوكراني، بالإضافة إلى السياسة تجاه روسيا. ومؤخرًا، في اليوم نفسه، 7 مارس/آذار، أفادت وكالة رويترز أن فرنسا واصلت تقديم معلومات استخباراتية لأوكرانيا رغم تعليق الولايات المتحدة لهذا النشاط.
الرئيس ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج خلال لقائهما في الولايات المتحدة عام 2017
ليس هذا فحسب، فقد نقلت قناة NBC في 7 مارس عن خمسة مصادر مقربة أن العديد من الحلفاء يدرسون الحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن، بسبب مخاوف من تقارب السياسة الأمريكية في عهد ترامب مع روسيا. وبناءً على ذلك، يدرس الحلفاء هذه الخطوة خشيةً من حماية "أصول" الاستخبارات في الخارج، والتي قد تُكشف هوياتها ومعلوماتها عن طريق الخطأ. ومن بين الحلفاء المذكورين: إسرائيل، والمملكة العربية السعودية، وأعضاء مجموعة "العيون الخمس" (التي تضم خمس دول: الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا، ونيوزيلندا).
ولكن لم تعلق الأطراف على معلومات شبكة إن بي سي.
التأثير على الشؤون الآسيوية
إن التطورات المذكورة أعلاه لا تؤثر على الوضع في أوروبا فحسب، بل تؤثر أيضاً على منطقة آسيا والمحيط الهادئ أو على نطاق أوسع على منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
أولاً، أنشأت الولايات المتحدة مؤخرًا شبكة تعاون عسكري متعددة الطبقات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من خلال العديد من النماذج الثنائية ومتعددة الأطراف، مثل الرباعية (الولايات المتحدة - اليابان - أستراليا - الهند)، واتفاقية AUKUS (الولايات المتحدة - المملكة المتحدة - أستراليا). ولتجنب العوائق التي تتطلب توحيدًا واسع النطاق، مثل حلف الناتو، تضم هذه الشبكة متعددة الطبقات مزيجًا من الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية الثنائية، والتي تُعدّ "العيون الخمس" أساسًا مهمًا لها. لذلك، إذا كانت معلومات NBC صحيحة، فإن تقييد أعضاء "العيون الخمس" لتبادل المعلومات الاستخباراتية سيكون له تأثير كبير على الشبكة المذكورة.
ليس هذا فحسب، بل يُنظر إلى تصرفات الولايات المتحدة تجاه دول الاتحاد الأوروبي على أنها تُثير قلق حلفاء واشنطن في آسيا بشأن التزامات البيت الأبيض وتعاونه في عهد الرئيس ترامب. قد يُضعف ذلك العلاقة بين هذه الدول، مما يُتيح فرصًا للصين لمزيد من التحرك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
فيما يتعلق بالسيناريو المذكور، أفادت شبكة CNN في 7 مارس/آذار أن سفنًا حربية صينية ظهرت مؤخرًا بشكل غير متوقع في عدة مناطق من المحيطين الهندي والهادئ، مما أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة وشركائها. وعادةً ما كانت السفن الحربية الصينية تحلق حول أستراليا على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، كما أجرت مناورات بالذخيرة الحية في نهاية فبراير/شباط. وبالمثل، زادت السفن الحربية الصينية من أنشطتها في مضيق تايوان وبالقرب من دولة في جنوب شرق آسيا تطالب بالسيادة في بحر الصين الشرقي.
في هذه الأثناء، أظهرت واشنطن مؤخرا موقفا متشددا تجاه بكين، عندما زادت مرتين الرسوم الجمركية على السلع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة، وفي كل مرة زادت معدل الضريبة بنسبة 10%.
ومع ذلك، ردّت الصين أيضًا بفرض رسوم جمركية، ووجّهت رسائل قوية ضد الولايات المتحدة. ونقلت رويترز أمس أيضًا عن السيد وانغ يي، مدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الصيني، تأكيده أن بكين ستقاوم بحزم الضغوط الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية وقضية الفنتانيل.
وفي سياق متصل بهذا الموضوع، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، ردًا على صحيفة نيويورك تايمز في مؤتمر صحفي عُقد في 4 مارس/آذار: "إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواءً كانت حربًا جمركية أو حربًا تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية". ليس هذا فحسب، فرغم السياسة الضريبية الأمريكية، حددت الصين في المؤتمر الجاري الذي يستمر يومين هدفًا يتمثل في الحفاظ على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 عند 5% كهدف لعام 2024.
ويُنظر إلى ثقة الصين على أنها نتيجة استعداد بكين وتقييمها بأن سياسات واشنطن في عهد ترامب قد لا تكون فعالة للغاية بسبب الافتقار إلى التنسيق بين الحلفاء.
[إعلان 2]
المصدر: https://thanhnien.vn/the-cuoc-chau-a-giua-trap-trung-chinh-sach-cua-ong-trump-18525030723311014.htm
تعليق (0)