الرئيس يلقي خطابًا سياسيًا في جامعة الدول العربية. (صورة: شوان كي)
وتأمل فيتنام أن تكتب فصلاً جديداً في التعاون المتعدد الأوجه مع الدول العربية الشقيقة.
علاقة مبنية على أساس تاريخي
عندما كانت الطائرة التي تقل الرئيس لونغ كونغ وزوجته والوفد الفيتنامي رفيع المستوى على وشك الهبوط في مطار القاهرة الدولي، بدت مصر في هذه المساحة الشاسعة، وقد برز نهر النيل كشريط حريري ممتد، متعرجًا، وسط لوحة رمادية من الشمس ورياح الصحراء. ولعل هذا هو السبب في كل مرة تُذكر فيها مصر، تُذكر كبلد العجائب وشعبها الصامد، حيث يعبرها أطول نهر في العالم ، جالبًا الحيوية إلى هذه المنطقة القاحلة، ومهدًا لإحدى أعظم الحضارات الإنسانية القديمة، وما زالت تشهد تطورًا قويًا حتى يومنا هذا.
ومع تلك الأرض البعيدة، فإن المودة العميقة بين الشعب الفيتنامي والشعب المصري، وكذلك الدول العربية، لها أساس تاريخي، غرسها شخصيًا الرئيس هو تشي مينه وأسلافه من قادة العديد من الدول العربية. ولا تزال ذكرى هو تشي مينه حية في قلوب الشعب المصري والعديد من الدول العربية، الصديق العزيز، والمناضل الدؤوب من أجل السلام والاستقلال والحرية.
طوال زيارة الرئيس لونغ كونغ، وفي المحادثات رفيعة المستوى والاجتماعات والاتصالات، أعرب قادة مصر وجامعة الدول العربية بوضوح عن إعجابهم واحترامهم للرئيس المحبوب هو تشي مينه، وكذلك تاريخ النضال من أجل التحرير الوطني ومسار التنمية الوطنية لفيتنام. وقد تأثر الأمين العام أحمد أبو الغيط، عند ترحيبه بالرئيس لونغ كونغ لزيارة وإلقاء خطاب سياسي في مقر جامعة الدول العربية، بقوله: منذ خمسينيات القرن الماضي، تابع الشعب المصري والدول العربية، بمن فيهم أنا، دائمًا النضال العظيم من أجل الاستقلال الوطني للشعب الفيتنامي، معتبرين إياه نموذجًا يحتذى به لمصر والدول العربية. مع الرئيس هو تشي مينه، لا توجد كلمات يمكن أن تعبر تمامًا عن إعجابنا به.
خلال المحادثات، أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن إعجابه العميق بالرئيس هو تشي منه، مشيدًا بالتاريخ المجيد والإنجازات التنموية المتميزة التي حققتها فيتنام في ظل القيادة الحكيمة للحزب الشيوعي الفيتنامي. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي: "مصر تعتز دائمًا بالصداقة التقليدية والروابط الوثيقة بين الأشقاء مع فيتنام، وترغب في تعزيزها أكثر".
إن العلاقة الوثيقة بين البلدين والشعبين هي أيضًا تبادل وتقاسم وإعجاب بالعمق الثقافي والأرض والشعبين لبلدين يبدو أنهما بعيدان ولكن تربطهما روابط تقليدية وحميمة وودية وقوية.
وفي خطابه السياسي بمقر جامعة الدول العربية، قال الرئيس: "لقد أسر كنز العالم العربي العريق من الملاحم والفلسفة والشعر أجيالاً من الشعب الفيتنامي. لطالما كانت الهوية الثقافية الفريدة والقيم الروحية الخالدة لمصر والدول العربية مصدر إلهام لا ينضب للحكمة والشجاعة وحب الحرية والعدالة، مما أغنى الحضارة الإنسانية. تحترم فيتنام دائماً وتحافظ على علاقاتها الدبلوماسية مع جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، البالغ عددها 22 دولة، وتفخر بها، حيث تزداد مجالات التعاون جوهرية وفعالية. وعلى وجه الخصوص، تُعد العلاقة الفيتنامية المصرية نموذجاً رائعاً للصداقة والأخوة".
رفع مستوى العلاقة
لطالما عززت المودة والتقدير والرغبة التاريخية في تعزيز علاقات التعاون بين فيتنام ومصر، وبشكل أعم، العلاقات الطيبة بين فيتنام والدول العربية، نحو مستقبل أفضل. كانت مصر أول دولة في شمال إفريقيا تعترف بفيتنام كاقتصاد سوقي كامل منذ نوفمبر 2013، وهي أيضًا أكبر شريك تجاري لفيتنام في شمال إفريقيا. في عام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين فيتنام ومصر 541.36 مليون دولار أمريكي؛ ولدى مصر 22 مشروعًا مسجلاً للاستثمار في فيتنام برأس مال إجمالي قدره 2.87 مليون دولار أمريكي.
تُؤكد زيارة الرئيس لونغ كونغ لمصر هذه المرة على متانة العلاقات الوثيقة التي نشأت وترعرعت خلال فترة النضال من أجل التحرير الوطني. وفي الوقت نفسه، تُمثل هذه الزيارة فرصةً لفيتنام ومصر لتبادل التوجيهات والتدابير اللازمة للارتقاء بالعلاقة إلى آفاق جديدة، في اتجاه أكثر عمليةً وفعاليةً واستدامةً، بما يُلبي احتياجات التنمية والتكامل الدولي في ظل الظروف الجديدة التي يمر بها كل بلد.
في جميع الاجتماعات رفيعة المستوى بين الجانبين، سعى الجانبان إلى تعميق العلاقات والارتقاء بها، ووضع إطار عمل جديد لفيتنام ومصر لتعزيز الثقة السياسية بينهما، وتوقيع المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل التحول الأخضر، والتحول الرقمي، والطاقة، والزراعة، والتعليم، والصحة، والعمل، ومواجهة تغير المناخ، والسياحة، والتبادل الثقافي، وتهيئة ظروف أكثر ملاءمة، ودعم الأعمال التجارية، والمستثمرين، وأنشطة التعاون ذات المنفعة المتبادلة. ويتجلى أوضح دليل على هذه التطلعات التنموية في تأكيد الرئيس لونغ كونغ والرئيس عبد الفتاح السيسي عزمهما على زيادة حجم التبادل التجاري الثنائي إلى مليار دولار أمريكي في المستقبل القريب.
أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن استعداد مصر، بموقعها الذي يربط بين ثلاث قارات ومن خلال شبكتها الواسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، للعمل كجسر للشركات والبضائع الفيتنامية للوصول إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا. وفي الوقت نفسه، اقترح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أثناء لقائه بالرئيس، إنشاء مجلس الأعمال الفيتنامي العربي وأكد أنه سيكون جسرًا يربط فيتنام بأسواق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والدول العربية؛ وأكد على تهيئة الظروف المواتية للشركات الفيتنامية لممارسة الأعمال التجارية في مصر... وأكد الرئيس لونغ كونغ أن فيتنام مستعدة للعب دور الجسر، وتعزيز التعاون بين رابطة دول جنوب شرق آسيا وجامعة الدول العربية، وخاصة في حماية السلام، وتعزيز بناء نظام عالمي عادل ومتساوٍ، قائم على القانون الدولي، حيث تُسمع أصوات وتطلعات الدول النامية مثلنا وتُحترم.
إن وراثة العلاقة التي سعى الرئيس هو تشي منه والرئيس جمال عبد الناصر وأجيال من قادة وشعبي البلدين جاهدين لتنميتها منذ بدايات النضال من أجل التحرير الوطني، والحفاظ عليها وتعزيزها، أمرٌ بالغ الأهمية. وعلى هذا الأساس، وحرصًا على مواكبة مستوى العلاقات الثنائية، وتلبية تطلعات شعبي البلدين، والمساهمة في السلام والاستقرار والتعاون والتنمية في كل منطقة وفي العالم، اتفق الجانبان خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس لونغ كونغ إلى مصر هذه المرة، على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة شاملة.
أظهرت نتائج الزيارة عمق الصداقة والتضامن التقليديين اللذين يعززان معًا تنمية وتقدم البلدين والشعبين الفيتنامي والمصري. في خطابه، استشهد الرئيس لونغ كونغ بتعاليم عمه الحبيب هو "الوحدة، الوحدة، الوحدة العظيمة/النجاح، النجاح، النجاح العظيم"، مؤكدًا: "اليوم، لا تزال هذه الحقيقة قائمة، فالقوة تكمن في روح التضامن. نتمنى أن نكتب معكم فصلًا جديدًا في التعاون متعدد الجوانب بين فيتنام والدول العربية الشقيقة من أجل السلام والتعاون والتنمية".
نهاندان.فن
المصدر: https://nhandan.vn/chuong-moi-trong-quan-he-hop-tac-vi-hoa-binh-va-phat-trien-post899056.html
تعليق (0)