تعتقد الدكتورة فو ثو هونغ أن الأطفال بحاجة إلى صقل مهاراتهم لمواجهة عمليات الاحتيال عبر الإنترنت. (الصورة مقدمة من المركز الوطني لمكافحة الاحتيال عبر الإنترنت) |
في الآونة الأخيرة، انتشرت سلسلة من عمليات الاحتيال الإلكتروني التي تستهدف الأطفال. ورغم إصدار السلطات سلسلة من التحذيرات، لا تزال عمليات الاحتيال الإلكتروني وعمليات الاختطاف قائمة، مستغلةً خوف الأطفال، وافتقارهم إلى مهارات التأقلم، وضعف دفاعهم عن أنفسهم، وقلة فهمهم للعالم الرقمي.
أجرت صحيفة العالم وفيتنام مقابلة مع الدكتورة فو ثو هونغ، المحاضرة السابقة في كلية التعليم الابتدائي بجامعة هانوي الوطنية للتعليم، حول تزويد الأطفال بالمهارات منذ سن مبكرة، ومساعدتهم على الاستجابة بشكل استباقي للمواقف الاحتيالية سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية.
الاحتيالات المحيطة
تتزايد ظاهرة هروب الأطفال من منازلهم بسبب خلافات عائلية أو استدراجهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مخلفةً عواقب وخيمة. برأيكم، ما السبب الكامن وراء هذه الظاهرة؟
يعيش أطفال اليوم حياةً مترفةً ماديًا، لكنها مملة. يذهبون إلى المدرسة ثم يعودون إلى المنزل للعب على هواتفهم. لا يُضطرون للقيام بالأعمال المنزلية، ونادرًا ما يُضطرون لرعاية أي شخص، ونادرًا ما يتفاعلون مع المجتمع، ولا يذهبون إلى السوق، ولا يتواصلون مع الجيران أو الشوارع، لذا فإن علاقاتهم محدودة جدًا ورؤيتهم محدودة جدًا.
الأطفال اليوم أيضًا خاملون جدًا. لا تُعلّم الفتيات صنع الأشياء اليدوية كالخياطة والتطريز والحياكة. ولا يُعلّم الأولاد إصلاح أعطال الكهرباء والسباكة، أو صنع الأشياء الخشبية، وما إلى ذلك. ونادرًا ما يشارك الأطفال في الأنشطة المجتمعية، كالأنشطة الصيفية، كما كان الحال سابقًا.
يُحجب الأطفال أيضًا عن الأخبار من قِبل البالغين بسبب فكرة: ماذا يعرف الأطفال؟ اهتمام الأطفال بالأحداث الجارية يُقلق البالغين. بسبب هذا الحصار الإخباري، يتطور لدى الأطفال تدريجيًا نمط حياة من اللامبالاة بالأحداث الجارية، مُرتبكين بمفاهيم واقعية للغاية مثل غسيل الأموال، والأجهزة المنزلية، والأسهم، والصراعات... لذلك، عندما يُقاربهم الأشخاص، يُصدقون بسهولة أن المعلومات صحيحة ويُجبرون على اتباع تعليماتهم.
إن قلة المعرفة الحياتية نتيجة قلة الاتصال بالبيئة المحيطة، قلة العمل، قلة التواصل، قضاء وقت طويل في استخدام الأجهزة الإلكترونية، قلة بيئة المعيشة المجتمعية مثل النوادي والمنظمات، والفصول الدراسية والأسرة فقط، كل ذلك جعل الأطفال ضعفاء وأوهاميين.
الأطفال غرباء عن عائلاتهم، بل ويعادونهم أحيانًا، ويثقون بهم بسهولة لضعف فهمهم، ويسهل التلاعب بهم نفسيًا. إضافةً إلى ذلك، يكاد يكون لدى العديد من الأطفال معرفة قانونية معدومة، لذا عندما يواجهون الاحتيال، يسهل التلاعب بهم بدرجات متفاوتة.
في الوقت نفسه، تتطور أساليب الاختطاف والاحتيال بشكل متزايد، وغالبًا ما تستخدم التلاعب النفسي لدفع الأطفال إلى ترك عائلاتهم تلقائيًا والوقوع في فخاخ الاحتيال بسذاجة. ويعود ذلك إلى نقص الفهم وضعف مهارات السلوك والتأقلم، وكذلك إلى بُعد المسافة بين الوالدين والأبناء.
تزويد الأطفال بالمهارات في وقت مبكر وعن بعد
في ظلّ تزايد عمليات الاحتيال المتطورة، وخاصةً على منصات التواصل الاجتماعي، أصبح الأطفال هدفًا سهلًا للاستغلال. فما هي المهارات الأكثر إلحاحًا التي يجب على الأطفال اكتسابها مبكرًا لحماية أنفسهم؟
اعرف نفسك وعدوك، وستتمكن من خوض مئة معركة دون خوف من الهزيمة. المهارات الأساسية التي يحتاج الأطفال إلى معرفتها تنبع من الحياة والمعرفة القانونية. إذا عرف كل طفل الحيل التي يستخدمها المجرمون غالبًا والمعرفة القانونية اللازمة، فلن ينخدع بسهولة.
هناك مفهومان يجب على الأطفال معرفتهما: لا يوجد قانون يمنع الأطفال من إخبار والديهم في حال وقوعهم في مشاكل قانونية. لا أحد في هذا العالم سيمنحك المال مجانًا. إذا أدرك الأطفال هذين الأمرين، فسيدركون حتمًا ضرورة إبلاغ والديهم فورًا إذا شعروا بالخطر، وسيشعرون بالريبة عندما يُعطيهم أحدهم المال بكرم.
أولاً، على الأسرة تذكير الطفل باستمرار بضرورة الاتصال بهم مهما حدث، حتى لو ألقت الشرطة (المزيفة) القبض عليه. يجب أن تتوفر للعائلة أسرع وأكثر الطرق فعالية للتواصل والمراسلة. وإن أمكن، يُنصح الطفل بمشاركة موقعه مع الأسرة قبل تنفيذ طلباتهم. بل ويمكنه التصريح للشرطة (المزيفة) بأنه لن يفعل أي شيء حتى حضور والديه. بهذه الطريقة، تزداد فرص الطفل في تجنب خطر التعرض للاحتيال.
مع المبدأ الثاني، يدرك الأطفال صعوبة الحصول على المال من الآخرين دون شروط. يجب على الأطفال أن يكونوا حذرين إذا أبدى أحدهم استعداده لإعطائهم المال. بهذا الشك، يمكنهم سؤال آبائهم ومعلميهم عن هذا الوضع، مما يزيد من فرص نجاتهم من الخطر.
تنتشر عمليات الاحتيال عبر الإنترنت بكثرة. (صورة توضيحية: الإنترنت) |
برأيك، ما هي التعديلات التي ينبغي على قطاع التعليم والمدارس إجراؤها لتعزيز المعارف والمهارات الحياتية، وخاصةً مهارات الاستخدام الآمن لشبكات التواصل الاجتماعي لدى الطلاب؟ وهل ينبغي اعتبار ذلك منهجًا دراسيًا أساسيًا؟
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وشبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب، يُعدّ تزويد الطلاب بالمعارف والمهارات اللازمة لاستخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بأمان أمرًا بالغ الأهمية. ولا يمكن لقطاع التعليم والمدارس أن يتجاهلا ذلك.
أولاً، ينبغي إدراج الثقافة الرقمية والسلامة السيبرانية ضمن المناهج الدراسية الأساسية أو دمجها في مواد دراسية مثل التربية المدنية وتكنولوجيا المعلومات وبرامج المهارات الحياتية. يحتاج الأطفال إلى فهم كيفية التمييز بين المعلومات الحقيقية والمزيفة، وكيفية حماية هويتهم الشخصية، والتعرف على عمليات الاحتيال الإلكتروني والتنمر الإلكتروني، والتحلي بحس أخلاقي عند التفاعل في البيئة الرقمية.
يحتاج المعلمون أيضًا إلى تدريب على التكنولوجيا والمهارات اللازمة لتوجيه الطلاب نحو استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بأمان. لا يُتوقع من الطلاب أن يتغيروا إذا لم يمتلك الكبار المعرفة الكافية لتوجيههم.
لا ينبغي الاكتفاء بتدريس الثقافة الرقمية في الفصول الدراسية، بل ينبغي تعزيزها في المنزل أيضًا. حينها فقط، سيكون الطلاب مُجهزين بالكامل لحماية أنفسهم واستخدام التكنولوجيا كأداة مفيدة لا كتهديد مُحتمل. ومع ازدياد تكامل العالم الرقمي مع العالم الواقعي، يجب أن تُصبح مهارات الإنترنت مهارة أساسية للأجيال الشابة.
أعتقد أنه حان الوقت لأن يكون لدى الأطفال موضوع يعلمهم كيفية الوقاية من جميع المخاطر والمواقف الخطيرة في الحياة والاستجابة لها مثل الحرائق والفيضانات والزلازل وحتى الاحتيال والإساءة والاختطاف بأشكال مختلفة.
ينبغي تصميم هذا الموضوع من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر، بحيث يتضمن مواقف متزايدة التعقيد، وامتحانات وتقييمات. بهذه الطريقة، سيكتسب الأطفال معرفةً أوسع ومهاراتٍ أفضل للتعامل مع مواقف الحياة.
بناء علاقة ثقة بين الوالدين والأبناء
إن إغراء الأطفال عبر الإنترنت يُظهر فجوةً في التعليم وانعدامًا في التواصل بين الآباء وأبنائهم. كيف تُقيّم دور الآباء الحالي وما يُهمَل؟
أُدرك أن الآباء اليوم يفتقرون إلى الكثير من المعرفة بعلم نفس الطفل ومهارات التعامل معه. كثيرون يهتمون فقط بالتعلم، ويُقيّمون قدرات أطفالهم من خلاله، مُتجاهلين فرصة تعليمهم في المنزل. لقد ساهم ضغط الإنجاز وضغوط الحياة والأساليب التربوية غير المُناسبة في توسيع الفجوة بين الآباء والأبناء، مما أتاح فرصًا للأشخاص السيئين للتقرب من الأطفال والتلاعب بهم.
في كثير من العائلات، لا يثق الآباء بأبنائهم، ولا يتواصلون معهم، بل يثقون بالأصدقاء والغرباء. وهذا يُنشئ فجوة بين الآباء والأبناء، ويُصعّب عليهم دعم أبنائهم عند الحاجة.
هناك أيضًا آباء يُفرّقون بين أبنائهم، فيُفضّلون أحدهم على الآخر، مما يُسبّب تباعدًا بينهم، وشعورًا بالشفقة على أنفسهم، وشعورًا بعدم حبّ آبائهم لهم. فيصبحون فريسة سهلة للمُحتالين.
يشعر العديد من الآباء بالقلق والحيرة بشأن كيفية تربية أبنائهم تربيةً سليمةً في العصر الرقمي. بصفتك خبيرًا تربويًا، هل يمكنك اقتراح طرقٍ للآباء لبناء علاقة ثقة ومنع أطفالهم من الانجراف إلى العالم الافتراضي؟
أول ما يجب علينا فعله هو تثقيف أطفالنا حول مفهوم "يجوز/لا يجوز/يجب". هناك أشياء يمكنهم فعلها كما يحلو لهم، وأشياء ممنوع عليهم قطعًا، وأشياء يجب عليهم فعلها حتى لو لم يرغبوا بذلك.
على سبيل المثال، لا يُسمح للأطفال بمغادرة المنزل دون إذن والديهم. يجب على الأطفال إبلاغ والديهم في حال اقتراب الغرباء منهم. على الوالدين احترام أطفالهم أكثر، وتقليل التدخل غير الضروري، والتحدث معهم باحترام لبناء علاقة جيدة معهم.
على وجه الخصوص، ينبغي على الوالدين مناقشة القضايا الاجتماعية الراهنة مع أبنائهم بانتظام. فهذا لا يُثري معارف الأطفال الحياتية فحسب، بل يُوسع آفاقهم ويُكسبهم المهارات اللازمة للتعامل مع الاختطاف والاحتيال ومنعهما. كما أن التواصل المحترم والعادل يُساعد الأطفال على فهم والديهم والتواصل معهم بشكل أفضل.
المصدر: https://baoquocte.vn/chuyen-gia-giao-duc-chia-se-cach-giup-tre-ung-pho-voi-cac-chieu-tro-lua-dao-truc-tuyen-bat-coc-online-322857.html
تعليق (0)