أكثر من 100 ألف جندي أوكراني فروا من الخدمة بسبب الإرهاق والإحباط

تتسبب عمليات الانشقاق في نقص حاد في القوى العاملة في الجيش الأوكراني وتشل خططه العملياتية في لحظة حاسمة في الحرب مع روسيا، وهو ما قد يضع كييف في وضع غير مؤاتٍ بشكل واضح في مفاوضات وقف إطلاق النار في المستقبل.

بعد أن أنهكهم التعب والإرهاق، ترك عشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين مواقعهم وخط المواجهة. حتى أن بعض الوحدات تخلت عن مواقعها، تاركةً خط الدفاع عرضة للخطر، ومؤديةً إلى خسائر إقليمية سريعة. أخذ بعض الجنود إجازة طبية ولم يعودوا قط، بينما رفض آخرون تنفيذ الأوامر، أحيانًا في خضم قتال عنيف.

قال أوليكساندر كوفالينكو، المحلل العسكري في كييف: "المشكلة خطيرة للغاية. هذه هي السنة الثالثة من الحرب، والمشكلة ستزداد سوءًا".

جنود أوكرانيون ينصبون ألغامًا مضادة للدبابات وحواجز غير منفجرة على طول خط المواجهة قرب بلدة تشاسيف يار في منطقة دونيتسك، أوكرانيا. الصورة: اللواء الآلي الرابع والعشرون الأوكراني.

أكثر من 100 ألف جندي أوكراني فروا من الخدمة

تكشف الانشقاقات عن ثغرات عميقة في إدارة كييف للحرب، بدءًا من حملات التجنيد غير المدروسة وصولًا إلى انتشار وحدات الخطوط الأمامية. ويأتي ذلك في الوقت الذي حثت فيه الولايات المتحدة أوكرانيا على تجنيد المزيد من الجنود، بمن فيهم من لا تتجاوز أعمارهم 18 عامًا.

وفقًا لوكالة أسوشيتد برس، وُجهت اتهامات بالفرار من الخدمة لأكثر من 100 ألف جندي أوكراني منذ بدء الصراع في فبراير/شباط 2022. وقد فرّ ما يقرب من نصف هؤلاء الجنود العام الماضي بعد أن شنّت كييف حملة تعبئة عسكرية ضخمة ومثيرة للجدل. ويُقدّر عدد الجنود الأوكرانيين الذين كانوا يقاتلون قبل بدء التعبئة بنحو 300 ألف جندي، لكن العدد الفعلي للفارّين قد يكون أعلى بكثير، حيث قدّر أحد النواب العسكريين أنه قد يصل إلى 200 ألف.

لم يعد العديد من الجنود بعد إجازتهم الطبية . فقد سئموا من طول أمد الحرب، فعانوا من أضرار نفسية وشعروا بالعجز أمام ضآلة احتمال النصر.

قال أحد المنشقين إنه سُمح له بمغادرة وحدة المشاة لإجراء عملية جراحية، لكن بعد انتهاء إجازته لم يتمكن من العودة. لا تزال ذكريات رفاقه الذين سقطوا في ساحة المعركة تطارده. قال: "رأيت أصدقائي يتمزقون، وخشيت أن يحدث لي ذلك في أي لحظة".

كما دفع الشعور بالتعب والإحباط بعض الجنود إلى ترك ساحة المعركة. صرّح سيرهي هينزديلوف، أحد الجنود القلائل الذين تحدثوا علنًا عن قراره بالفرار، بأنه بعد خمس سنوات من الخدمة، فقد الأمل في تسريحه، رغم وعود رؤسائه السابقة.

لا ثقة في النصر

يُشكل الفرار من الخدمة أيضًا مشكلة تكتيكية خطيرة للجيش الأوكراني. ويُشير القادة العسكريون إلى أن العديد من الوحدات تُخلي مواقعها أثناء القتال، مما يُضعف الدفاعات ويُتيح فرصًا لهجمات العدو. حتى في معركة مدينة فوهليدار في أكتوبر/تشرين الأول، ساهم الفرار في هزيمة القوات الأوكرانية.

وفقًا لضابط من اللواء 72، فإن خسارة المدينة تُعزى إلى فرار الجنود، تاركين دفاعاتهم مكشوفة. وقد أدى النقص الحاد في القوى البشرية، نتيجةً للوفيات والإصابات والانشقاقات، إلى إضعاف السرايا بشكل كبير. وقد فرّ حوالي 20% من الجنود المفقودين، وكانت النسبة تزداد شهرًا بعد شهر.

عندما أدرك الجيش الأوكراني خطورة الوضع، أُرسلت تعزيزات، لكن هذه الوحدات تخلت هي الأخرى عن مواقعها لاحقًا، مما أجبر الكتائب على التراجع بسبب نقص الدعم، مما أسفر عن خسائر فادحة للقوات الأوكرانية.

قبور جنود أوكرانيين قُتلوا في الصراع، في مقبرة ليسوف في كييف، أوكرانيا. صورة من وكالة أسوشيتد برس.

مع ذلك، لا يُدين العديد من ضباط الجيش الفارين من الخدمة. صرّح أحد الضباط بأنه لا يستطيع لوم الجنود في هذه المرحلة، لأن "الجميع مُنهَكٌ للغاية".

حاولت الحكومة الأوكرانية إقناع الجنود بالعودة، لكن دون جدوى. يُقدَّم للفارّين دعم نفسي، لكن هذا لا يُعالج المشاكل العميقة المُتمثلة في الروح المعنوية والإرهاق في الجيش.

ولجأ بعض المنشقين إلى طلب المساعدة من المحامين، وشعر بعضهم الآخر بأنهم لا يستطيعون القتال في ظل هذه الظروف القاسية.

كان الفرار تحديًا كبيرًا للجيش الأوكراني في هذه المرحلة من الحرب. لم تكن قرارات الجنود دليلًا على استنزاف معنوياتهم فحسب، بل كانت أيضًا انعكاسًا لطول أمد الحرب لدرجة أن الناس فقدوا ثقتهم بالنصر.

هوآي فونج (وفقًا لوكالة أسوشيتد برس)

المصدر: https://www.congluan.vn/kiet-suc-va-chan-nan-hon-100000-linh-ukraine-da-dao-ngu-post323489.html