الرئيس فو فان ثونغ وزوجته يرحبان بالرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير وزوجته، 23 يناير. (تصوير: توان فيت) |
تأتي زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير وزوجته إلى فيتنام يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني في سياق العلاقات الثنائية المتنامية والتطورات الجوهرية التي تشهدها. وتُعد هذه أول زيارة خارجية يقوم بها رئيس الدولة الألماني في عام 2024، وأول تبادل لوفود رفيعة المستوى بين البلدين في العام الجديد 2024، مع اقتراب الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية في عام 2025.
هذه هي الزيارة الثانية لرئيس ألماني إلى فيتنام في تاريخ العلاقات الثنائية منذ إعادة توحيد ألمانيا. وفي حديثه عن عودته الثالثة إلى فيتنام، قال الرئيس فرانك فالتر شتاينماير إنه في كل مرة يشعر وكأنها المرة الأولى...
وبالنسبة للرئيس فرانك فالتر شتاينماير شخصيا، ووفقا للسفير الفيتنامي لدى ألمانيا فو كوانغ مينه، فإن هذه العودة تشكل فرصة له ليشهد بنفسه مشاريع "المنارة" الألمانية في فيتنام، وهي المشاريع التي تم توقيعها خلال زيارته لفيتنام في عام 2008 بصفته وزيرا للخارجية الألمانية، والتي كانت ولا تزال "تؤتي ثمارها".
أما فيما يتعلق بالتقاليد الفيتنامية، فإن الترحيب بالضيوف المميزين من بعيد في بداية العام الجديد وقبل حلول العام القمري الجديد جياب ثين 2024 يجلب العديد من الأشياء الإيجابية ويخلق زخماً جديداً للعلاقات الفيتنامية الألمانية في الفترة المقبلة.
شريك اقتصادي موثوق
شهدت العلاقات الفيتنامية الألمانية تطورًا قويًا على مدى العقود الخمسة الماضية، لا سيما منذ إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين. وتُعدّ فيتنام شريكًا عالميًا في استراتيجية التعاون الإنمائي الألمانية حتى عام 2030. وقد حافظ الجانبان على اتصالات منتظمة وتبادل للوفود على جميع المستويات، لا سيما رفيعة المستوى، وكان أبرزها الزيارة الرسمية التي قام بها المستشار الألماني أولاف شولتز إلى فيتنام (نوفمبر 2022).
وينسق البلدان بشكل وثيق في المنظمات الدولية والآليات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وإطار التعاون بين رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي، وما إلى ذلك. وتدعم ألمانيا وجهة نظر فيتنام بشأن قضية بحر الشرق، بما في ذلك تسوية النزاعات بالوسائل السلمية على أساس القانون الدولي، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، وحكم محكمة التحكيم الدائمة لعام 2016.
وباعتبارها نقطة مضيئة في العلاقات الثنائية، فمن المفهوم أن يختار الرئيس فرانك فالتر شتاينماير التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري كمحور لهذه الزيارة في سياق أن فيتنام أصبحت وجهة جذابة رائدة للشركات الألمانية.
لسنوات عديدة متتالية، كانت ألمانيا أحد أكبر الشركاء التجاريين لفيتنام في الاتحاد الأوروبي، وفيتنام حاليًا أحد أكبر الشركاء التجاريين لألمانيا في جنوب شرق آسيا. بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام ٢٠٢٣ حوالي ١٢ مليار دولار أمريكي، أي ثلاثة أضعاف حجمه خلال السنوات العشر الماضية. تُعدّ ألمانيا رابع أكبر مستثمر بين دول الاتحاد الأوروبي، حيث تحتل المرتبة ١٨ من بين ١٤٣ دولة ومنطقة تستثمر في فيتنام، برأس مال مسجل يبلغ حوالي ٢.٧ مليار دولار أمريكي، و٤٦٠ مشروعًا استثماريًا ساريًا.
خلال المحادثات والاجتماعات بين الرئيس الألماني وكبار القادة في فيتنام، تم التأكيد مرارا وتكرارا من قبل الجانبين على عبارات "ركائز العلاقات التعاونية"، "فيتنام - شريك اقتصادي موثوق"، "الشريك الاقتصادي الرائد"، "الشريك التجاري الرائد"... مما يدل على التطورات الملحوظة والإنجازات الرائعة في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري.
رافق الرئيس فرانك فالتر شتاينماير إلى فيتنام وفدٌ تجاريٌّ كبيرٌ يعمل في قطاعاتٍ متنوعة، مما عزّز ثقةَ الشركات والمستثمرين الألمان وحماسَهم تجاه فيتنام. ورغم المخاوف العالمية، لا يزال استطلاع "توقعات الأعمال العالمية - خريف 2023" الصادر عن غرفة التجارة والصناعة الألمانية في فيتنام (AHK Vietnam) يُؤكّد على تنامي جاذبية فيتنام للشركات الألمانية. ومن بين هذه الشركات، تُولي 42% من الشركات الألمانية في فيتنام أولويةً لاستراتيجية تنويع الإنتاج.
تبع ذلك المبيعات والتسويق بنسبة 41%، والخدمات بنسبة 35%، والخدمات اللوجستية بنسبة 31%، مما يُظهر نهجًا شاملًا لتطوير الأعمال. إضافةً إلى ذلك، أقرّت حوالي 50% من الشركات المُستطلعة آراؤها بإمكانيات النمو في السوق الفيتنامية كعامل مهم عند النظر في توسيع الاستثمارات.
وكما علق السيد إلمار دوت وتوربن مينكو، الرئيسان المشاركان لجمعية الأعمال الألمانية في فيتنام (GBA)، "إن هذا الوجود والاستثمار المتزايد لا يعكسان ثقة الشركات الألمانية في السوق الفيتنامية فحسب، بل يعني أيضًا أن فيتنام تعتبر وجهة واعدة لأولئك المهتمين بتوسيع أعمالهم في آسيا".
وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، فإن مجالات بناء البنية التحتية والتنمية المستدامة والطاقة المتجددة وغيرها ستكون أولويات التعاون الثنائي في الفترة المقبلة، من خلال مشاريع التعاون التنموي التي تمولها ألمانيا.
وبالإضافة إلى مطالبة ألمانيا بالتصديق في أقرب وقت على اتفاقية حماية الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي وفيتنام، تأمل فيتنام أن تواصل ألمانيا التعاون بشكل فعال في تنفيذ إطار شراكة التحول العادل للطاقة، الذي تعد ألمانيا طرفاً فيه، حتى تتمكن فيتنام من تحقيق هدفها في خفض الانبعاثات كما التزمت به في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين.
أجرى الرئيس فو فان ثونغ والرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير محادثات في 23 يناير. (المصدر: VNA) |
تحقيق "المنارات"
تقع جامعة فيتنام الألمانية (VGU) في "زاوية جبهتين" من الطريق السريع 13 والطريق الدائري 4 في مدينة هوشي منه، وقد اعتبرت مشروع "منارة" ورمزًا للتعاون التعليمي بين فيتنام وألمانيا منذ إنشائها في سبتمبر 2008. لذلك كانت عودة الرئيس فرانك فالتر شتاينماير إلى فيتنام لزيارة جامعة فيتنام الألمانية ذات مغزى خاص عندما شهد تحقيق محتويات الوثائق الموقعة في عام 2008، حيث اتخذ مشروع "المنارة" شكله الحقيقي.
وُقّع مشروع بناء حرم جامعة فيتنام-ألمانيا بموجب عقد ائتماني بين الحكومة الفيتنامية والبنك الدولي عام ٢٠١٠، وبدأ العمل فيه عام ٢٠١٦ باستثمار إجمالي قدره ٢٠٠ مليون دولار أمريكي. وسيبدأ تشغيل الحرم الجامعي رسميًا بين عامي ٢٠٢٢ و٢٠٢٣، ومن المتوقع أن يستوعب ٦٠٠٠ طالب بحلول عام ٢٠٣٠. وتُدرّب الجامعة حاليًا حوالي ٢٤٠٠ طالب فيتنامي و٧٠ طالبًا من دول أخرى.
تتلقى المدرسة أيضًا دعمًا كبيرًا من المنظمات الألمانية والشركات متعددة الجنسيات في فيتنام. بفضل كل هذه المصادر، تُدعم رسوم الدراسة في المدرسة، وهي أقل بكثير من التكلفة اللازمة لجامعة دولية.
بمساحة بناء إجمالية تصل إلى 156,000 متر مربع ، شُيّدت جامعة فيتنام-ألمانيا وفقًا لنموذج النظام البيئي الحضري الجامعي، بما في ذلك جميع عناصره وفقًا للمعايير الدولية. تهدف الجامعة إلى أن تصبح جامعة بحثية رائدة في فيتنام وجنوب شرق آسيا.
خلال فترة التدريب، حققت جامعة فيتنام-ألمانيا العديد من الإنجازات، حيث ارتفع معدل توظيف خريجيها، ومعظمهم يعملون في مجالات مرتبطة بتخصصاتهم. ويعمل ما يصل إلى 8.6% من الطلاب في ألمانيا بعد التخرج. كما أن معدل المقالات العلمية لكل محاضر مرتفع دائمًا، ويحتل المرتبة السابعة بين أفضل الجامعات في فيتنام.
ولم يتوقف الرئيس فرانك فالتر شتاينماير خلال زيارته التي استمرت يومين إلى فيتنام عند جامعة فيتنام الألمانية فحسب، بل توقف أيضا عند بعض مشاريع "المنارة" الألمانية في مدينة هوشي منه والمناطق المحيطة بها في الآونة الأخيرة، مثل البيت الألماني أو خط المترو رقم 2.
في ظلّ النقص الحادّ في الأيدي العاملة في ألمانيا ومزايا فيتنام، يُعدّ التعاون في مجال التدريب المهنيّ مجالاً ذا أهمية للجانبين. واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال التدريب، وتطوير موارد بشرية عالية الجودة، وتعزيز تطوير آليات وأطر التعاون في مجال التدريب المهنيّ. وأعرب الرئيس الألمانيّ عن أمله في أن تتاح للقوى العاملة الفيتنامية قريباً فرصة العمل في ألمانيا، مما يُسهم في حلّ مشكلة نقص الأيدي العاملة في ألمانيا بشكلٍ فعّال في المستقبل القريب.
العوامل الملزمة
عند الحديث عن العلاقات الفيتنامية الألمانية، أكد الرئيس فرانك فالتر شتاينماير أن الأساس المهم للغاية هو العلاقة الوثيقة بين شعبي البلدين، بما في ذلك 200 ألف فيتنامي يعيشون ويعملون في ألمانيا، ويتحدث الكثير منهم اللغة الألمانية. هذا هو العامل، بل الرابط، الذي يُرسي أسس التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين ألمانيا وفيتنام.
أكد رئيس الدولة الألماني أن ما يربط الألمان بفيتنام هو الماضي المشترك للبلدين. وهذا هو أساس تنوع وعمق الصداقة الألمانية الفيتنامية. تزدهر التجارة، ويجري تشجيع الاستثمار، ويجري التبادل الثقافي والعلمي والاجتماعي بنشاط، ولا يقل أهمية عن ذلك أنشطة التعاون السياسي بين الدولتين والشعبين.
رافق الرئيس فرانك فالتر شتاينماير إلى فيتنام عدد من أبرز ممثلي الجالية الفيتنامية المرموقة في ألمانيا. تُعدّ هذه الزيارة نقطة جديدة في زيارة زعيم ألماني رفيع المستوى إلى فيتنام، تُجسّد التقدير والاحترام للجالية الفيتنامية في ألمانيا. كما تُمثّل هذه الجالية جسرًا للعلاقات الثنائية بشكل عام، وللصداقة والروابط الوثيقة بين شعبي البلدين بشكل خاص.
يمكن القول أن زيارة الرئيس الألماني إلى فيتنام في الشهر الأول من العام الجديد 2024 وقبل عطلة تيت التقليدية للبلاد تجلب إلى فيتنام صداقة دافئة وإيمانًا بمستقبل مشرق للعلاقات بين البلدين.
ترغب ألمانيا في مواصلة توسيع تعاونها مع فيتنام في المجالين الاقتصادي والسياسي. ونعتبر فيتنام شريكًا مهمًا في الحفاظ على "النظام الدولي القائم على القواعد" وتطويره. أرى مجالين محتملين للتعاون بين البلدين في المستقبل القريب. الأول هو التحول في مجال الطاقة. نرغب في دعم فيتنام في التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة والتخلي عن الوقود الأحفوري والفحم. ألمانيا من الدول المتقدمة التي أقامت شراكة التحول العادل في مجال الطاقة (JETP) مع فيتنام. أما المجال الثاني فهو استقطاب عمالة فيتنامية ذات مهارات عالية للعمل في ألمانيا. يوفر سوق العمل الألماني فرص عمل جذابة للفيتناميين. الدكتور جويدو هيلدنر، السفير الألماني لدى فيتنام |
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)