في الثانية صباحًا، كان الشارع غارقًا في النوم. خيّم الظلام على المنازل، ولم يبقَ سوى الأضواء خارج أبوابها. في صمتٍ مُطبق، سمعتُ صوت عجلات العربات.
صدر الصوت من العجلات، يصطدم أحيانًا بصخرة، فيرتجف جسم العربة. تردد صداه من بداية الزقاق إلى البوابة الأمامية، ثم توقف للحظة.
من الشرفة، انحنى أحدهم لالتقاط كيس قمامة. كانت عاملة النظافة مختبئة في الظلام، تعمل بجدّ تحت هالة أضواء الشوارع. تبدأ نوبات عملها دائمًا عندما يكون الجميع نائمين.
طبيعة عملنا جعلتني وأختي "شريكتي نوم". صديقان لا يلتقيان إلا من خلال بوابة، ولم يريا بعضهما بوضوح. كان وجهٌ مخفيًا خلف النافذة، والآخر تحت قناع وقلنسوة، فلا يظهر منهما سوى العينين.
كنا نمرّ من البوابة أحيانًا ونتبادل أطراف الحديث. بعض الأمور التافهة. "لماذا تأخرت اليوم؟". "لا يُمكن رمي علبة الستايروفوم هذه، عليك تمزيقها ووضعها في كيس". مع مرور الأيام والشهور، أدرك شخصان يُكافحان من أجل البقاء في المدينة فجأةً أنهما ليسا وحيدين إلى هذه الدرجة. حاولنا إيجاد ملاذٍ آمن، مُتشبثين بالمدينة بحثًا عن الطعام والملابس، واهتمامات، وأحيانًا حتى من أجل التفاني.
بدأت مسيرتها المهنية في الثامنة عشرة، وهو سنٌّ جميلٌ لفتاةٍ تتقن فيه ارتداء الملابس والظهور برشاقة. لكن ملابسها دائمًا ما تكون عاكسة، بقلنسوة وكمامة محكمة. قالت وهي تتحدث عن سبب اختيارها: "ورثتها من والدتي، لقد أحببت هذه المهنة منذ صغري".
كانت تحب رؤية الشوارع النظيفة المحاطة بالأشجار الخضراء. أثّر فيّ الإخلاص في صوتها، الذي لم يعد شابًا. فجأةً، خطرت في بالي أغنية: "الجميع يختار العمل السهل، فمن سيقوم بالعمل الشاق؟"
عندما نظرتُ إليها، تذكرتُ نفسي، وحياة المهاجرين من جميع أنحاء العالم. ضائعين ووحيدين. بعد كل يوم شاق، أنتظر صوت شاحنات القمامة كل ليلة، كطريقةٍ لأستشعر إيقاع الشارع. ليس الإيقاع مُعجّلاً في زحمة المرور كما في الصباح، بل بطيئاً وهادئاً كي لا يوقظ أحداً. يُثبت هذا الإيقاع استمرارية حياة الشوارع. حياةٌ تتدفق باستمرارٍ لتغذي حيواتٍ أخرى متشابكةٍ وموجودة. مثلي ومثلها.
كانت هناك ليالٍ ممطرة بغزارة، يقطع صوت الرعد صوت شاحنات القمامة. كانت غارقة في معطفها الواقي من المطر، تخوض الشوارع المغمورة بالمياه. كنت أنوي دعوتها لفنجان شاي ساخن، لكنني لم ألمحها إلا خلف الأضواء المتلألئة. سارت بسرعة، مستقيمة عبر المطر. في المرة الأولى التي فتحت فيها البوابة، ما زلت غير قادر على رؤية وجهها بوضوح خلف القناع. إنسانة تعيش بالعطاء في صمت.
دفعت عربة القمامة الصغيرة، مختبئةً في كل زاوية وركن. تردد صدى صوت عربة القمامة في الصمت، فبدا الشارع فجأةً أكثر اتساعًا. بدا لي أنني أسمع في صوت المخاض في منتصف الليل إيقاع الشارع الذي لا يتوقف.
وفقًا لـ Truc Nguyen (صحيفة Quang Nam )
[إعلان 2]
المصدر: https://baophutho.vn/lao-xao-tieng-pho-ve-dem-225164.htm
تعليق (0)