في دراسة رائدة، اكتشف علماء من جامعة حيفا (إسرائيل) أن أكثر من 700 مليون حشرة مهاجرة تطير عبر سماء الجزء الشمالي من البلاد كل عام.
إنها تطير في مسارات هادفة عبر ممر بيئي ضيق يربط بين أفريقيا وآسيا وأوروبا.
توفر الدراسة، التي نشرت في المجلة العلمية Proceedings of the Royal Society B، لمحة نادرة عن الهجرة الضخمة غير المعروفة للحشرات في الغلاف الجوي.
ركزت الدراسة على الممر الشامي - وهو شريط ضيق من الأرض بين البحر الأبيض المتوسط والصحراء السورية، والذي يعتبره علماء الأحياء طريق هجرة مهم للطيور.
ولم تؤكد أي دراسات سابقة دور هذه المنطقة للحشرات، ولكن من خلال هذه الدراسة أثبت العلماء أن هذا الممر هو أيضًا "طريق جوي" للحشرات، حيث يصل حجم حركة مروره إلى مئات الملايين من الأفراد كل عام.
قال الدكتور يوفال ويربر، المؤلف الرئيسي للدراسة، إن سماء إسرائيل تشهد سنويًا "سيلًا هائلاً غير مرئي" من الحشرات، يربط الأنظمة البيئية عبر القارات. هذه الحشرات لا "تنجرف مع الريح" فحسب، بل تختار متى وكيف تطير، تمامًا مثل الطيور المهاجرة.
على مدار ثماني سنوات، استخدم الفريق سبعة رادارات بيولوجية مُثبّتة على طول الممر الشامي لتتبع حركة الحشرات. سجّلوا أكثر من 6.3 مليون رحلة طيران لحشرات كبيرة، مثل الفراشات والعثّ واليعسوب والخنافس. وتمكنت الرادارات من تمييز الحشرات عن الطيور والخفافيش، وجمع بيانات عن الارتفاع، وتردد خفقات الأجنحة، واتجاه الطيران، وغيرها.
وأظهرت النتائج أن الحشرات لا تطير بشكل عشوائي، بل لديها القدرة على التنقل بنشاط: فقد تم تسجيل العديد من الأنواع وهي تطير ضد الريح، وتختار الاتجاهات والأوقات ذات الظروف الجوية المواتية مثل درجات الحرارة الدافئة والرياح الخلفية.
يُقدّر العلماء أن أكثر من 700 مليون حشرة، أكبر من ذباب المنازل، تهاجر عبر ممر بلاد الشام سنويًا. وتتميز هذه الهجرة بموسمية مميزة: ففي الربيع (من مارس إلى يونيو)، تتجه الحشرات غالبًا شمالًا، ربما إلى مناطق تكاثرها في أوروبا وآسيا. أما في الخريف (من أغسطس إلى نوفمبر)، فتعود جنوبًا لتجنب البرد.
اللافت للنظر أن أعداد الحشرات المهاجرة أعلى بكثير في الربيع منها في الخريف، على عكس الاتجاه السائد في العديد من مناطق العالم الأخرى، حيث تهاجر الحشرات عادةً جنوبًا بأعداد كبيرة مع حلول الشتاء. تشير هذه الظاهرة إلى دور بيئي خاص للممر الشامي، وتثير تساؤلات جديدة حول المؤشرات البيئية التي تستخدمها الحشرات لتحديد توقيت هجرتها.
تلعب هجرات الحشرات، التي تحدث غالبًا على ارتفاعات تتجاوز قدرة الإنسان على الرصد، دورًا حيويًا في النظم البيئية العالمية، بدءًا من تلقيح المحاصيل ووصولًا إلى توزيع العناصر الغذائية. ومع ذلك، قد تساهم أيضًا في انتشار الآفات والأمراض، مما يجعل دراستها أمرًا ملحًا في سياق الإدارة البيئية والصحة العامة.
ومن خلال الكشف عن "الحياة غير المرئية" التي تحدث في السماء، يفتح هذا البحث اتجاهات جديدة في العلوم، مؤكداً على أهمية مراقبة النظم البيئية المحمولة جواً عبر الحدود والقارات.
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/every-year-there-are-more-than-700-million-troubles-flying-through-israel-post1047304.vnp
تعليق (0)