رشت طائرة أمريكية مادة العامل البرتقالي/الديوكسين فوق جنوب فيتنام
في العاشر من أغسطس/آب عام ١٩٦١، بدأ الجيش الأمريكي حملة رش كيميائي على جنوب فيتنام. وعلى مدار عقد من الزمن، استُخدم أكثر من ٨٠ مليون لتر من المواد الكيميائية السامة، معظمها من العامل البرتقالي المحتوي على الديوكسين - أحد أكثر المركبات سميةً على الإطلاق. وكانت النتيجة تدمير ملايين الهكتارات من الغابات، وتلويث آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية ، والأهم من ذلك: تضرر ملايين الأرواح البشرية.
وفقًا لإحصاءات جمعية فيتنام لضحايا العامل البرتقالي/الديوكسين، تعرض حوالي 4.8 مليون شخص للعامل البرتقالي، منهم أكثر من 3 ملايين ضحية مباشرة. لم يقتصر الأمر على معاناتهم من الألم الجسدي، بل واجهوا أيضًا الفقر وضياع فرص الحياة. لم يتوقف الألم عند الجيل الأول، بل انتقل أيضًا إلى الجيل التالي، مما جعل العامل البرتقالي "حربًا صامتة" لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.
يعيش ضحايا العامل البرتقالي - ومعظمهم من الفقراء وذوي الإعاقة وكبار السن - ظروفًا بالغة الصعوبة حاليًا. يعاني الكثير منهم من إعاقات شديدة، ويعجزون عن العمل، ويعتمدون كليًا على أسرهم أو على المساعدات الاجتماعية. هناك عائلات تضم جيلين أو ثلاثة أجيال من ضحايا العامل البرتقالي. يعيشون في ظل المرض والفقر والدونية - واقع مؤلم لا يمكن تجاهله.
إن ندوب الحرب هذه ليست مجرد مسألة من الماضي، بل هي عبءٌ مُستمرٌّ على الحاضر والمستقبل. وهذا الألم لا يخصّ فيتنام وحدها، بل هو أيضًا جزءٌ من المسؤولية الأخلاقية والقانونية والإنسانية للعالم أجمع.
لقد مرّ أكثر من ستين عامًا على رشّ العامل البرتقالي في فيتنام. ومع ذلك، وبينما حصل العديد من المحاربين القدامى الأمريكيين الذين تعرّضوا للعامل البرتقالي على تعويضات من الحكومة والشركات الكيميائية التي أنتجت السم، فإن الضحايا الفيتناميين - الذين عانوا أكثر من غيرهم - لم يحصلوا بعد على حكم عادل.
لقد تم رفض العديد من الدعاوى القضائية التي رفعتها فيتنام ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، مستشهدة بـ "العمل العسكري المشروع في زمن الحرب" - وهي حجة باردة وغير إنسانية، تنكر الحق في الحياة، والحق في الحماية من الألم والتشوهات لملايين الأبرياء.
الحقيقة هي أنه لا يوجد مبرر قانوني للاستخدام المنهجي للمواد الكيميائية السامة التي تدمر البيئة وصحة الإنسان. إن عدم صدور قرار تعويض مُرضٍ لضحايا العامل البرتقالي الفيتنامي ليس فقط إخفاقًا للنظام القضائي الدولي، بل هو أيضًا جرحٌ لم يُشفَ في قلوب البشرية.
على مر السنين، طبّق حزبنا ودولتنا العديد من السياسات لدعم ضحايا العامل البرتقالي: من المساعدات الاجتماعية، والرعاية الصحية، وإعادة التأهيل، إلى التعليم، والتدريب المهني، ودعم سبل العيش. وتواصل جمعية ضحايا العامل البرتقالي/الديوكسين في فيتنام، إلى جانب مئات المنظمات الخيرية المحلية والأجنبية، التعاون لمساعدة الضحايا.
مع ذلك، لا يزال الدعم من الموارد المحلية محدودًا مقارنةً بالاحتياجات الفعلية. ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى هو مشاركة أقوى من المجتمع الدولي: ليس فقط من خلال الأعمال الخيرية، بل أيضًا من خلال رفع الصوت والضغط وتعزيز الإجراءات القانونية لضمان حصول الضحايا الفيتناميين على تعويضات عادلة.
على منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات القانونية الدولية والشركات المتورطة في إنتاج المواد الكيميائية السامة أن تُدرك مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية. إن رفض الاعتراف بالضحايا الفيتناميين كضحايا حقيقيين يُعدّ إهانةً لكرامة الإنسان وحقوقه.
العاشر من أغسطس ليس مجرد يوم للذكرى، بل هو فرصة لتذكير كلٍّ منا - من المواطنين العاديين إلى صانعي السياسات، ومن المنظمات الاجتماعية إلى الشركات - بأن حياة ملايين البشر لا تزال متأثرة بإرث الحرب.
لا أحد يختار أن يولد في ألم. لكن كل واحد منا يستطيع أن يختار أن يعيش حياةً تمنح الأمل لمن هم أقل حظًا. كل عمل صغير - هبة، وظيفة، منحة دراسية، صوت يندد بالظلم - هو خطوة على طريق العدالة والإنسانية.
ومن هذا اليوم أيضًا، علينا أن نعزز روح العيش المسؤول: عدم نسيان التاريخ، وعدم نسيان التضحيات، وخاصة عدم ترك أي شخص - وخاصة أولئك الذين يعانون من عواقب الحرب - خلفنا.
الحرب الكيميائية من أبشع أشكال الحروب التي مارسها الإنسان على الإطلاق. وعواقب استخدام العامل البرتقالي في فيتنام خير دليل على ذلك. فهو يُذكّر البشرية جمعاء بأن أي قرار عسكري يُلحق الضرر بالمدنيين والبيئة يُعدّ جريمة.
يشهد العالم صراعات جديدة عديدة، حيث يمكن للأسلحة الحديثة أن تدمر حياة البشر في لحظة. إذا لم نتعلم من الماضي، وإذا لم ننصت لضحايا العامل البرتقالي، فستُخاطر البشرية بتكرار الأخطاء نفسها - هذه المرة ليس في فيتنام فحسب، بل في أي مكان على وجه الأرض.
يوم ضحايا العامل البرتقالي الفيتنامي ليس يومًا للامتنان والمشاركة فحسب، بل هو أيضًا يوم لتذكير الناس بضمائرهم. إنه يومٌ للمطالبة بالعدالة. إنه يومٌ يحتاج فيه العالم إلى الاعتراف بجدية بعواقب الحرب. وعلى كل فيتنامي أن يسأل نفسه: ماذا فعلتُ لأتمكن من عيش حياةٍ أكثر معنىً لمن يعانون من ألم العامل البرتقالي؟
لأن العدالة لا يمكن أن تنتظر إلى الأبد. والإنسانية لا ينبغي أن تكون مجرد شعار.
دوك آنه
المصدر: https://baolongan.vn/ngay-cho-tri-an-va-cong-ly-a200259.html
تعليق (0)