أفكار ماسك "المجنونة" وموجة الأتمتة في الصين
فاجأ إيلون ماسك، الملياردير الشهير بمشاريعه الجريئة مثل تيسلا وسبيس إكس وإكس آي، عالم التكنولوجيا مرة أخرى. ففي الأول من أغسطس، أعلن إيلون ماسك رسميًا عن شركة ماكروهارد، وهي شركة برمجيات تعمل بالكامل بالذكاء الاصطناعي، بدون أي موظفين.
الاسم Macrohard هو عبارة عن مسرحية ساخرة على Microsoft (micro-soft تصبح macro-hard، مما يعني "كبير" و"صعب")، ولكن المشروع ربما لا يكون مزحة.
على منصة X (تويتر سابقًا)، نشر الملياردير إيلون ماسك: "انضم إلى @xAI وساهم في بناء شركة برمجيات ذكاء اصطناعي خالصة تُدعى Macrohard. قد يبدو الاسم غريبًا، لكن هذا المشروع حقيقي تمامًا!". وقد سُجِّلت العلامة التجارية لدى مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية (USPTO)، مما يُثبت جديتها.
تتمثل الفكرة الأساسية لشركة ماكروهارد في استخدام نظام ذكاء اصطناعي متعدد الوكلاء لمحاكاة كامل عمليات شركة برمجيات تقليدية. سيتولى "وكلاء الذكاء الاصطناعي" أدوار المبرمجين والمختبرين والمصممين، بل وحتى مديري المنتجات والمسوقين. كل هذا يحدث في بيئة محاكاة قبل إطلاق المنتج الفعلي.
وللمساعدة، تعتمد شركة Macrohard على الحاسوب العملاق Colossus - وهو نظام قادر على استخدام ملايين وحدات معالجة الرسومات من NVIDIA، ويقع في ممفيس، مما يجعله مركز تدريب الذكاء الاصطناعي الأقوى في العالم .
وأكد إيلون ماسك أنه من حيث المبدأ، لا تنتج شركات البرمجيات مثل مايكروسوفت أي أجهزة مادية بنفسها، وبالتالي فإن محاكاتها باستخدام الذكاء الاصطناعي أمر ممكن تمامًا.

لم يعد إنشاء ماسك لشركات ناشئة "غير واقعية" أمرًا جديدًا. فمن تحويل تيسلا إلى ملك السيارات الكهربائية، إلى سبيس إكس التي غزت الكون، إلى الذكاء الاصطناعي xAI بنموذج لغة Grok الذي ينافس ChatGPT من OpenAI، أثبت إيلون ماسك دائمًا أن أفكاره "الجنونية" قابلة للتنفيذ بفضل رؤيته بعيدة المدى، وقدرته على حشد موارد رأسمالية ضخمة، واستقطاب المواهب.
مع ماكروهارد، في حال نجاحه، سيُعيد تعريف صناعة البرمجيات، وسيُؤتمت بالكامل بدلاً من الحاجة إلى عشرات الآلاف من المهندسين كما تفعل مايكروسوفت اليوم. حتى أن ماسك صرخ قائلاً: "أي مهندسين جيدين، انضموا إلى xAI وماكروهارد. لم تعد مايكروسوفت مستقبل الذكاء الاصطناعي".
كما يقول إيلون ماسك، ستُنافس ماكروهارد مايكروسوفت مباشرةً، الشركة العملاقة التي تُهيمن على برامج المكاتب بويندوز وأوفيس وأزور وكوبايلوت. من خلال ربطها بـ xAI وGrok، يُمكن لماكروهارد ابتكار منتجات أرخص وأسرع من خلال الاستغناء عن التكاليف البشرية.
لكن التحدي الأكبر يكمن في تعقيد الذكاء الاصطناعي: هل يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي أن تكون بنفس إبداع البشر؟ مع حاسوب كولوسوس العملاق، يمتلك ماكروهارد القدرة على تهديد مايكروسوفت، مما يضطرها إلى تكثيف الأتمتة.
وصفتها الصحافة بـ "أول شركة ذكاء اصطناعي مستقلة"، ما يمثل نقلة تكنولوجية متقدمة وتهديدًا للعاملين في مجال المعرفة. في حال نجاحها، قد تُفقد ماكروهارد ملايين الوظائف في مجال تكنولوجيا المعلومات، لا سيما في مجال التعهيد وخدمات البرمجيات، مما قد يُثير جدلًا اجتماعيًا واسعًا.
على الجانب الآخر من العالم، تقود الصين نموذجًا صناعيًا جديدًا يعتمد على "مصانع بدون إضاءة "، حيث يحل الذكاء الاصطناعي والأتمتة محل العمل البشري بشكل شبه كامل. تعمل هذه المصانع على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بدون إضاءة، لعدم وجود عمال.
تستخدم المصانع الخالية من الأضواء أذرعًا آلية وخطوط تجميع آلية وشبكات لوجستية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقليل تكاليف العمالة وزيادة الإنتاجية بشكل كبير.
نموذجان تكنولوجيان ومستقبل الاقتصاد العالمي
وبمقارنة النموذجين، يمكننا أن نرى أن "المصنع الخالي من الضوء" في الصين يركز على الإنتاج الملموس: حيث تحل الروبوتات وإنترنت الأشياء محل عمال المصانع، وتنتج سلعًا مادية مثل الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية بسرعة عالية وبتكلفة منخفضة.
على النقيض من ذلك، تميل "الشركات التي لا تضم موظفين" مثل شركة ماكروهارد التابعة لإيلون ماسك إلى الخدمات غير المرئية وإدارة الذكاء الاصطناعي: حيث تتم معالجة البرامج والبيانات بواسطة وكلاء افتراضيين، دون الحاجة إلى مكاتب تقليدية أو موارد بشرية.
يتمثل التشابه بينهما في أن كليهما يعمل على تحسين التكاليف، والقضاء على قيود العمل البشري مثل ساعات العمل أو الأخطاء الشخصية، مما يؤدي إلى ارتفاع الإنتاجية بشكل كبير.

من المتوقع أن يُحسّن السباق العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والأتمتة بين الولايات المتحدة والصين الاقتصاد العالمي. يتنافس النموذجان، لكنهما يُكمّلان بعضهما البعض: فالصين تُنتج سلعًا رخيصة، والولايات المتحدة تُوفّر منصة البرمجيات وابتكارات الذكاء الاصطناعي. والنتيجة هي مستقبل اقتصادي مُتغيّر، بسلاسل توريد أكثر مرونة وسلع أرخص.
لكن العواقب الاجتماعية قد تكون وخيمة: فقد العمال الصينيون وظائفهم لصالح الروبوتات، كما في مصانع فوكسكون الآلية؛ واستبدال موظفي المكاتب الأمريكيين بالذكاء الاصطناعي، مما يُهدد ببطالة جماعية. يواجه العالم إعادة تدريب للقوى العاملة، وتحولًا في المهارات - من التصنيع اليدوي إلى إدارة الذكاء الاصطناعي.
إذن، ماذا سيفعل البشر في عصر الذكاء الاصطناعي؟ هل سينتقلون إلى أدوار إبداعية، أو إشرافية، أو مجالات تتطلب جهدًا عاطفيًا كالفن والطب ؟
من حيث المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، من سيفوز؟ تتميز الصين بقوة الإنتاج الضخم، وانخفاض التكلفة، وسرعة النشر بفضل سياساتها الحكومية. أما الولايات المتحدة، فتتصدر التكنولوجيا الأساسية، حيث توفر إنفيديا شرائح متطورة، وهي مورد أساسي للذكاء الاصطناعي.
خلال فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، فرضت الولايات المتحدة قيودًا على صادرات الرقائق إلى الصين، مثل حظر وحدات معالجة الرسومات عالية الأداء، مما ساعدها على الحفاظ على تفوقها. كما حشد ترامب 500 مليار دولار من القطاع الخاص لمراكز البيانات وإنتاج الرقائق محليًا. قد يتشكل عالم المستقبل "تكنولوجيا ثنائية القطب": الصين تصنع، وأمريكا تبتكر، وكل ذلك قائم على التكنولوجيا، ولكن ربما تتمتع أمريكا بميزة استراتيجية إذا حافظت على تحالف عالمي.
يَعِدُ مستقبلُ الاقتصادِ الخالي من العمالةِ بارتفاعٍ هائلٍ في الإنتاجية، لكن السؤالَ هو: هل سيؤدي ذلك إلى اقتصادٍ بلا أجورٍ ووظائف؟ التحديُ يكمنُ في تفاقمِ التفاوتِ في غيابِ سياساتِ إعادةِ توزيعِ الدخل.
إذا لم تُنجز الدول ذات المستويات التكنولوجية المتدنية عملية التحول في الوقت المناسب، فمن المرجح أن تتخلف عن الركب في عصر الصناعة 4.0. لذا، يتعين على الحكومات الاستثمار في تعليم الذكاء الاصطناعي والتعاون الدولي لتحويل التحديات إلى محركات نمو، إذا أرادت ألا تتخلف عن الركب في موجة الأتمتة الجديدة.

المصدر: https://vietnamnet.vn/robot-o-xuong-ai-trong-van-phong-ky-nguyen-kinh-te-vang-con-nguoi-2437320.html
تعليق (0)