مهلا، استمع... في الليلة الباردة.
بجانبك بلطف، صوت الجيتار!
(إلى هوو)
ظهر الخبر الأول على صفحة كبيرة للمعجبين: "طفل في العاشرة من عمره يعزف على الجيتار أمام المستشفى طالبًا المال لعلاج والدته المصابة بالسرطان. الأم مستلقية على نقالة، على وشك الموت..."
بعد ساعات قليلة، انتشر المقطع على جميع المنصات. صورة فتى نحيف، يحمل غيتارًا أكبر منه حجمًا، جالسًا أمام بوابة مستشفى كيه، عيناه جافتان، ويداه تعزفان أوتارًا غريبة... وخلفه امرأة مستلقية على نقالة، رأسها مغطى بمعطف، وبطانية على كتفيها. أغنية حزينة، وحفيف الرياح. بدا المشهد وكأنه مقطوع من فيلم.
شارك الملايين النداء: "لنساعده!". ودعا حساب على تيك توك إلى تقديم الدعم، مشيرًا إلى رقم الحساب المصرفي لـ"والدة الطفل".
بعد يومين، تجاوز المبلغ المُحوَّل 650 مليون دونج. ولكن في اليوم نفسه، اتهم حساب آخر: "الحادثة مُدبرة. الأم ليست مصابة بالسرطان. إنهما أم وابنتها تعيشان في الشارع، وتتظاهران بالتسول".
ثارت موجة من الغضب. نبش الناس مقاطع قديمة: نفس الصبي، نفس الجيتار، ولكن في مرة كان "يطلب المال لشراء ملابس دافئة"، وفي مرة أخرى كان "يرعى يتيمًا"، وفي مرة أخرى قال إن والدته مشلولة. ساد الغضب مجتمع الإنترنت: "احتيال ثقة!"، "يبكي من أجل مال حقيقي!"، "يحتاج إلى مقاضاة!".
بعد ثلاثة أيام، دعت شرطة الحي الأم والابن لإجراء مقابلة. أكدت الشرطة هويتهما، لكنها خلصت إلى عدم وجود أدلة كافية تُثبت الاحتيال، إذ لم يُجبر أحدٌ أحدًا على تحويل أموال. نُقل الصبي إلى مركز رعاية اجتماعية. أُجريت للأم فحص طبي، وتبيّن أنها ليست مصابة بالسرطان، بل مجرد التهاب معدة مزمن.
انتهت القصة بخيبة أمل على مواقع التواصل الاجتماعي. انصرف الحشد بسرعة كما أشادوا بهم. لم يعد أحد يهتم بالأم وطفلها.
باستثناء شخص واحد.
شاهد الصحفي نام المقطع صدفةً أثناء مناوبته الليلية. فهو صحفيٌّ منذ أكثر من خمسة عشر عامًا، وشهد حالاتٍ لا تُحصى من "الأشخاص الطيبين الذين تحولوا فجأةً إلى محتالين". لكن هذه المرة، دفعه شيءٌ ما إلى التردد.
كان ينظر إلى وجه الصبي مرارا وتكرارا - ليس بنظرة كاذبة، ولكن بالحيرة الحزينة التي رآها على وجه أخيه منذ سنوات - عندما انفصل والدا نام، تاركين الأخوين ليعيشا مع جدتهما.
قرر نام الذهاب إلى مركز الحماية الاجتماعية. لم يأتِ كصحفي، بل كان مجرد "السيد نام"، متطوعًا يُخاطب الأطفال. كان اسم الصبي تي. كان في العاشرة من عمره، لكن طوله أقل من متر وثلاثين سنتيمترًا. كان شعره قصيرًا، وبشرته بنية داكنة. في البداية، لم يتكلم تي. جلس متكئًا في زاوية الفناء، أصابعه في شق قميصه، وعيناه تتجولان في مكان ما.
ولم يسمع نام الكلمات الأولى إلا بعد ثلاث زيارات.
هل لديك جيتار؟
نعم، أستطيع عزف بعض الأغاني.
هل يمكنك تشغيل أغنية "اللقلق الصغير"؟
أومأ نام. في المرة الرابعة التي جاء فيها، أحضر معه قيثارة قديمة. عزفها لتي. ابتسم الصبي. ابتسامته الأولى.
منذ ذلك الحين، بدأ نام يستمع إلى تي وهو يحكي القصص.
قال تي الحقيقة. لم يكن يعرف معنى "الاحتيال". كانت والدته تقول دائمًا: "نحن فقراء، علينا أن نخبر الناس بذلك حتى يحبونا". لذا، كانت الأم والابن يذهبان كل يوم إلى زاوية مختلفة. كان مستشفى "ك" مكانًا يبكي فيه الكثيرون بسهولة. قالت والدته: "نحن لا نسرق، ولا نسرق. كل ما نحتاجه هو العزف على الجيتار، وإذا أحبنا الناس، فسنمنحهم إياه".
سأل نام: "هل والدتك تجعلك تكذب؟"
هز تي رأسه: "قالت أمي... إذا سألني أحد، فسأقول الحقيقة. ولكن إذا لم يسألوا، فلا بأس."
ساد الصمت بينهما. شعر نام فجأةً بخفقان قلبه. ذلك الصبي... لم يكن يكذب. هو فقط لم يفهم عالم الكبار. ولكن بعد ذلك، فاجأته معلومةٌ ما. قال تي: "قالت أمي: إذا لعبتُ الأوراق الصحيحة ذلك اليوم، فسيعطيني أحدهم نقودًا. أحدهم أخبر أمي بذلك ذات مرة." بدأ نام يشك. من أخبر والدته؟ من دبر الأمر؟ لماذا يجب أن يكون صحيحًا؟
راجع المقطع المنتشر. في الثانية الثانية عشرة، ظهر خلف تي شخصٌ ما - رجلٌ يرتدي سترةً سوداء، ويرتدي قبعة بيسبول، ويحمل هاتفًا للتصوير، ثم اختفى.
تابع نام الأمر ووجد مجموعة من "منشئي المحتوى الاجتماعي" الذين نشروا مقاطع. بعد أيام، تواصل مع شخص يُدعى "م"، صاحب القناة. بصفته متعاونًا جديدًا، بدأ نام محادثة وسمع "م" يقول: "لا نُصوّر كل شيء، بل نبحث عن أشخاص ذوي ظروف حقيقية، ثم نرشدهم لإعادة تمثيلها". النص بسيط. بمجرد تصويره وتحريره وإضافة الموسيقى إليه، سيحظى بمليون مشاهدة.
سأل نام: "ماذا عن الأموال التي تم جمعها؟"
ابتسم م. ساخرًا: "إنهم فقراء حقًا. لا نحتفظ إلا بجزء صغير للعمل. أما البقية... فهم يعتنون بأنفسهم."
سأل نام: "من يملك الحساب لاستقبال الأموال؟"
توقف م. ثم قال بهدوء: "الحساب لنا. اللعنة، لا أستطيع القراءة."
كان نام بلا كلام.
نُشر مقال نام بعد أسبوع، بعنوان: "عندما يعتذر الغيتار للحياة". لا أعذار. لا مبررات. مجرد رحلة - من مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع إلى الحقيقة الكامنة وراءه.
لم يخدع أحد أحدًا، بل استُغِلّوا. لم يفهموا أبدًا لعبة التواصل الاجتماعي. حدث ما لم يكن متوقعًا بعد نشر المقال. حضرت جمعية خيرية إلى الملجأ. عرضوا تبني تي - بشرط أن تتعلم والدته مهنةً وتستقر حياتها. ووعد مركز موسيقي صغير بمنح تي منحة دراسية لدراسة الموسيقى رسميًا. وأهدته مجموعة من الموسيقيين المحترفين غيتارًا جديدًا.
بعد عامين، دعا برنامج تلفزيوني الصبي تي - البالغ من العمر الآن ١٢ عامًا - للمشاركة في أمسية موسيقية بعنوان "غناء أطفال الشوارع". كان يرتدي قميصًا أبيض، وشعره مصفف بعناية، ويحمل غيتارًا محفورًا عليه: "الموسيقى هي موطني الأول".
سأل المضيف: "هل لديك أي شيء لتقوله للجمهور اليوم؟"
ابتسمت تي بلطف وأجابت: "أريد فقط أن أشكر الصحفي الذي صدق أنني... لست شخصًا سيئًا".
خلف الكواليس، وقف نام ساكنًا. ألقت الأضواء بريقًا خفيفًا على وجهه. لم يكن بحاجة إلى أن يعرفه أحد. فبالنسبة لصحفي مثله، كانت الحقيقة المفهومة بشكل صحيح... هي المكافأة الكبرى.
بعد بضعة أشهر، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمجموعة من الأشخاص يتظاهرون بالمرض لطلب التبرعات في سوق الجملة. أعادت إحدى صفحات المعجبين نشر قصة تي، لكنها أضافت: "بعد تلقي المساعدة، هربت والدة الصبي من المستشفى، وأخذت المال وهربت مع صديقها".
لم يكتب نام ردًا. بل أرسل رسائل بريد إلكتروني سرًا إلى كل هيئة تحرير، مرفقًا بالأدلة: المرأة التي تعرضت للتشهير تعمل حاليًا طاهية في مطبخ خيري، تُعدّ 100 وجبة مجانية يوميًا للمرضى الفقراء.
وقد أعادت هيئة التحرير القديمة في نام نشر الحقيقة كاملة ــ هذه المرة بخط غامق:
"أعتذر لأولئك الذين أصيبوا بجروح بسبب اندفاع الحشد."
ثم واصل نام عمله المألوف - القراءة والاستماع والبحث عن قصص صغيرة وسط سيل الأخبار الكاذبة. لم يكن بحاجة إلى تسليط الضوء عليه. كل حقيقة صغيرة بقيت محفوظة - كصوت غيتار هشّ على سطح من الصفيح في يوم ممطر.
قصة قصيرة بقلم تران دوك آنه
المصدر: https://baophapluat.vn/thanh-am-cua-su-that-post552479.html
تعليق (0)