حققت شركة آبل، بقيادة رئيسها التنفيذي تيم كوك، انتصارًا كبيرًا في حرب التعريفات الجمركية، حيث أُعفيت الهواتف الذكية من ضريبة استيراد جديدة بنسبة 50% من الهند، كما تجنبت رقائق أشباه الموصلات التعريفات الجمركية بفضل التزامها بتصنيع مكوناتها في الولايات المتحدة. لكن القلق الأكبر الذي تواجهه آبل يتمثل في مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو مجال يُقال إن الشركة متأخرة فيه.
نجاح التعريفات الجمركية واستراتيجية الملاحة لشركة أبل
رفعت إدارة ترامب الرسوم الجمركية على الواردات من الهند إلى 50%، لكن الهواتف الذكية تم إعفاءها من الضرائب الجديدة.
يُعد هذا نصرًا هامًا لشركة آبل قبل موسم إطلاق هواتف آيفون في سبتمبر. وفي الوقت نفسه، ستتجنب آبل أيضًا فرض رسوم جمركية جديدة على رقائق أشباه الموصلات، نظرًا لالتزامها بتصنيع مكونات آيفون في الولايات المتحدة.
وأعلن كوك عن التزامه باستثمار 100 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة لإنتاج أجزاء آيفون محليا، وهو ما ساعد أبل على الحصول على دعم من الإدارة، حيث أكد الرئيس ترامب أن أبل "ستعود إلى أمريكا".
في حين يقدر السيد كوك أن الرسوم الجمركية قد تكلف الشركة 1.1 مليار دولار هذا الربع، يعتقد المحلل جين مونستر، الشريك الإداري لشركة ديب ووتر لإدارة الأصول، أن الرسوم الجمركية ليست سوى جزء صغير من مشاكل أبل على المدى الطويل، حيث تمثل حوالي 20%.
واتفق المحلل رونار بيورهوفدي، في شركة تحليل السوق كاناليس، والخبيرة نبيلة بوبال، المديرة الأولى في شركة أبحاث السوق إنترناشيونال داتا كوربوريشن (IDC)، أيضًا على أن سلسلة التوريد المرنة لشركة أبل وعلاقتها الجيدة مع الحكومة ستساعد الشركة في "التنقل ضد هذا التهديد".
تنويع سلسلة التوريد: التركيز على الهند
بدأت شركة آبل بنقل جزء من سلسلة توريدها إلى دول مثل الهند وفيتنام قبل حوالي خمس سنوات، بهدف تقليل اعتمادها على الصين، لا سيما في ظل جائحة كوفيد-19 وتهديدات الرسوم الجمركية. تتيح استراتيجية التنويع هذه، التي طُبّقت منذ سنوات، للشركة التكيف بمرونة مع التغيرات غير المتوقعة.
تُعتبر الهند الخيار الوحيد، إلى جانب الصين، القادر على تجميع هواتف آيفون على نطاق واسع وبتكلفة تنافسية مع السوق الأمريكية. وكشف كوك أنه في الربع الثاني من عام 2024، ستأتي معظم هواتف آيفون المباعة في الولايات المتحدة من الهند.
على مدى السنوات التسع الماضية، زادت الهند إنتاجها من هواتف آيفون من الصفر إلى حوالي 14% من إجمالي إنتاج آبل العالمي. وتتوقع شركة TechInsights أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2025. وقد دأبت الحكومة الهندية على تحسين البنية التحتية بشكل مكثف، وتقديم حوافز ودعم لتعزيز إنتاج الهواتف الذكية.
وقد عرضت ولايات مثل تاميل نادو وكارناتاكا حوافزها الخاصة لجذب الموردين إلى شركة أبل وغيرها من الشركات المصنعة للتكنولوجيا، بما في ذلك بناء مساكن ومرافق للعمال.
وتستثمر شركة فوكسكون، أحد أكبر الموردين لشركة أبل، بشكل كبير في الهند، مع خطط لتوسيع مصانعها وتوظيف عشرات الآلاف من العمال، معظمهم من النساء.
التحديات والمقارنات مع القدرة التصنيعية للصين
ورغم أن الهند أحرزت تقدما كبيرا في تجميع هواتف آيفون، وخاصة النماذج الراقية مثل آيفون برو، فإن البلاد لا تزال تواجه العديد من التحديات في اللحاق بالصين.
تعاني الهند من تعقيد اللوائح الحكومية، وضعف البنية التحتية، ونقص الخبرة في التصنيع الدقيق. وصرح نافكيندار سينغ من شركة IDC بأن الصين تتقدم على الولايات المتحدة والهند بنحو 20 عامًا من حيث الحجم والإنتاج والبنية التحتية لشركات التكنولوجيا الفائقة.
ولا تزال الصين تمثل نحو 80% من جميع أجهزة آيفون المجمعة، ولديها نظام بيئي تصنيعي كثيف من سلاسل التوريد والمواهب والبنية الأساسية منذ ما قبل إطلاق أول جهاز آيفون في عام 2007. كما واجهت الهند أيضًا مشاكل عمالية، مع حدوث إضرابات بسبب ظروف المعيشة والغذاء.
رغم ذلك، تواصل آبل تنويع سلسلة توريدها، مثل تصنيع مكونات الكاميرات في ماليزيا. ويعتقد كيفن أومارا، مؤسس شركة أبحاث سلسلة التوريد Zero100، أن آبل قادرة على استنساخ مكونات رئيسية من سلسلة توريدها الصينية في الهند خلال خمس سنوات، مع أنه أكد أن "الهند ليست الصين التالية"، ولكنها ستكون مركزًا تصنيعيًا مهمًا.
القلق الأكبر: تحدي الذكاء الاصطناعي
وفي حين يُنظر إلى قضايا التعريفات الجمركية على أنها قابلة للإدارة، يقول المحللون إن تأخر شركة أبل في مجال الذكاء الاصطناعي يمثل مشكلة أكبر وأكثر صعوبة في الإصلاح.
أجّلت شركة آبل تحديثًا رئيسيًا لمساعدها الصوتي "سيري"، والذي كان من المتوقع أن يُقدّم إجابات أكثر تخصيصًا ويعمل عبر تطبيقات متعددة، مما يُمكّن الشركة من مواكبة قدرات مماثلة تُطوّرها جوجل وOpenAI. حتى أن جوجل استغلّت هذا التأخير للترويج لمنتجاتها، مُلمّحةً إلى تأخر آبل في تطوير ميزات الذكاء الاصطناعي.
لقد نجح منافسو شركة آبل مثل Nvidia (NVDA) وMicrosoft (MSFT) في بناء رأسمال سوقي مثير للإعجاب بفضل الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي، في حين أن شركة آبل، وهي شركة أجهزة استهلاكية في المقام الأول، لديها نموذج أعمال مختلف عن الشركات التي تقدم أدوات الذكاء الاصطناعي للشركات.
خلال مؤتمر آبل للإعلان عن أرباحها، سأل المحللون كوك مرارًا عن استراتيجية الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي وانعكاساتها على المنتجات المستقبلية. أقرّ كوك بأن الذكاء الاصطناعي من أعمق التقنيات في حياة الإنسان، وتعهد بزيادة الاستثمار في هذا المجال. مع ذلك، حذّر تيد مورتونسون، المدير الإداري وخبير الاستراتيجية التكنولوجية في بيرد، من أن آبل لا تستطيع تحمّل التخلف كثيرًا في قدرات الذكاء الاصطناعي لهواتف آيفون، لأن ذلك قد يمنح منافسي أندرويد، مثل سامسونج وجوجل وكوالكوم، فرصةً للتقدم.
وبحسب الخبراء، ففي حين نجحت شركة أبل في التغلب بمهارة على تحديات التعريفات الجمركية من خلال تنويع سلسلة التوريد والاستثمارات الاستراتيجية، فإن السباق نحو الذكاء الاصطناعي يمثل في الواقع معركة أكثر أهمية، حيث يحدد موقف الشركة في المستقبل.
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/thoat-bao-thue-quan-lieu-apple-co-vuot-duoc-song-ai-post1054572.vnp
تعليق (0)