
عندما كنت طفلاً، في كل صيف، ومع شروق الشمس، كانت الطرق الريفية تعجّ بالشاحنات المحملة بقصب السكر الطازج. كانت الشاحنات محملة بحمولات ثقيلة، وتسير ببطء، وتسقط أحيانًا من خلف سيقان قصب سكر مربوطة بشكل غير محكم. كان الأطفال ينتظرون حتى تختفي الشاحنات عن الأنظار، ثم يلتقطونها ببطء.
كان قصب السكر الطازج متماسكًا في اليد، مغطى بطبقة من مسحوق أبيض. جلس الأطفال الأكبر سنًا على جانب الطريق يقطفون قصب السكر. أما الصغار فأحضروه إلى جدتهم، لتقطعه أمهم بالسكين. ركضتُ خلفهم أيضًا لألتقط بعض السيقان المستديرة وأضعها أمام الشرفة، منتظرًا بفارغ الصبر عودة جدتي إلى المنزل لتُحضّر طبقًا حلوًا: دبس السكر.
في الوقت الذي كانت فيه الوجبات السريعة من الكماليات، أصبح الدبس الوجبة الخفيفة المفضلة في وقت الفراغ.
كانت جدتي تقطع الأشجار التي تجمعها من الأشجار، وتقطع أطرافها وقممها لتُؤكل كلٌ على حدة، وتُسحق قاعدة جذعها لاستخراج العصير من العربة التي تحمل عصارة الفاكهة قرب السوق. كانت جدتي تقول إن الجزء السفلي يحتوي على نسبة عالية من السكر، وعند عصره، يكون لونه أصفر فاقعًا جميلًا وحلو المذاق. أما الجزء العلوي، فيحتوي على نسبة سكر أقل، لذا عند عصره، يكون أقل حلاوة ويتحول بسهولة إلى اللون الأصفر المخضر.
قامت جدتي بغلي عصير قصب السكر في قدر من الحديد الزهر على نار فحم صغيرة لمدة عشر ساعات تقريبًا. كانت تُحركه بملعقة كبيرة، وتضع مقعدًا صغيرًا بجانب الموقد، وتزيل الرغوة باستمرار لجعل الدبس صافيًا، بينما كانت تروي قصصًا عن فترة خدمتها في قوة المتطوعين الشباب خلال حرب المقاومة.
اتكأت على كتف جدتي، أراقب يديها الممتلئتين بالنمش وهما تقلبان الدبس بسرعة. كانت مقلاة الدبس تغلي وتقرقر، وصدرت قهقهة عالية من الجوع. امتزجت رائحة الدبس بالهواء، مُحليةً ضوء الشمس الساطع في الخارج، ودغدغت أنفي.
بعد التبخير، استخدمت جدتي قطعة قماش رقيقة لتصفية العسل وإزالة الأوساخ. قُيّس المنتج النهائي في مرطبانات زجاجية وحُفظ للاستخدام لاحقًا. يتميز العسل بقوام شرابي كالعسل، ولونه ذهبي، وطعمه الحلو المميز.
نحن عادة نقوم بنشر الدبس على ورق الأرز المشوي لنتناوله كوجبة خفيفة أثناء انتظار الأرز أو كطبق جانبي في الأيام التي لا يوجد فيها طعام.
يُستخدم دبس السكر في تحضير الحساء الحلو بدلًا من السكر. فهو خفيف وليس حادًا جدًا، مما يجعل حتى من لا يحبون الحلويات، كوالدي، يوافقونه الرأي. يحتوي دبس السكر على نسبة عالية من السكر، مما يساعد على تقليل الجوع.
في الأيام التي كان يكفي فيها بيضتان مسلوقتان مهروستان في وعاء من صلصة السمك لإعداد وجبة للعائلة بأكملها، أصبح الدبس المصنوع في الخارج غذاءً خارقًا يخفف الجوع.
إنه ليس مجرد طبق طفولتي، بل هو أيضًا منبهٌ في ذاكرتنا. كلما رأينا دبس السكر الذي تُحضّره جدتي، نعلم أن الصيف قادم. صيف الإجازات والامتحانات. صيف الفراق والفقد.
لم أكن كبيرًا في السن بما يكفي، لكنني كنت أحاول دائمًا أن أبدو ناضجًا، فاستبدلت الأطعمة المعبأة تدريجيًا بدبس السكر المنزلي. لم أعد أشتهي الحلويات، ولم أعد أركض خلف الشاحنات لجمع قصب السكر تحت أشعة الشمس الحارقة.
عندما أكبر بما يكفي لأرغب في أن أعود طفلاً مرة أخرى، وأتذوق مرارة الحياة، سأقدر حلاوة ما صنعته جدتي في الماضي.
ربما، كما قال كثيرون، من طبيعة الحالمين الشعور بالحنين الدائم إلى الأشياء القديمة. أظل أنتظر استعادة طفولتي، متذكرًا طعم الدبس الحلو الذي كانت جدتي تعده، حتى أشعر بالقلق والتوتر.
المصدر: https://baodanang.vn/thuong-sao-mat-mia-que-nha-3265587.html
تعليق (0)