إيران قوية للغاية في المصارعة - صورة: رويترز
في أولمبياد ٢٠٢٤، فازت إيران بـ ١٢ ميدالية، منها ٣ ذهبيات و٦ فضيات و٣ برونزيات. جميعها في رياضتي التايكوندو والمصارعة.
إنه أحد الأمثلة التي تُظهر قوة إيران في فنون القتال. ورغم عدم مشاركتها في نظام القتال الاحترافي، تُعدّ هذه الدولة الشرق أوسطية رائدة في المصارعة والتايكوندو، وحتى الجودو.
على مستوى الألعاب الآسيوية، تُعدّ إيران الدولة الأكثر فوزًا بالميداليات الذهبية في المصارعة. حتى أنها تتنافس مع كوريا الجنوبية في سباق الميداليات في التايكوندو.
لماذا يتفوق الإيرانيون في فنون القتال؟ لطالما اعتُبر هذا موضوعًا مثيرًا للاهتمام، ليس فقط في عالم الرياضة، بل وفي الأوساط العلمية أيضًا.
الميزة الطبيعية للإيرانيين
ينتمي الإيرانيون بشكل أساسي إلى المجموعة الأنثروبولوجية الإيرانية (فرع من العرق القوقازي)، مع خصائص وراثية مناسبة تمامًا للرياضات القتالية: متوسط الطول (الذكور ~1م76)، نسبة متوازنة من العضلات إلى العظام، ردود أفعال جيدة وسيطرة ألياف العضلات السريعة.
توصلت العديد من الدراسات الحديثة إلى أن معدل أليل ACTN3-RR - وهو الجين الذي ينظم ألياف العضلات السريعة، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقوة المتفجرة والسرعة - لدى الرياضيين الإيرانيين مرتفع مثل نظيره في دول مثل روسيا وتركيا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شكل الجين ACE-DD - الذي يدعم الحيوية والتعافي - يشكل أيضًا نسبة كبيرة من الرياضيين الإيرانيين المتنافسين في المصارعة والجودو والتايكوندو.
هذه الخلفية الوراثية تخلق جيلاً من المقاتلين يتمتعون بقدرة جيدة على القفز، واللكمات السريعة، والقدرة على التحمل البدني، والقدرة على التحمل في شدة التدريب العالية.
الإيرانيون بارعون في العديد من الفنون القتالية المختلفة - صورة: IT
تُظهر أبحاث من جامعة طهران أن متوسط استهلاك الأكسجين الأقصى لدى الرياضيين القتاليين الإيرانيين يصل إلى 56 مل/كجم/دقيقة، وهو ما يعادل أو يتجاوز العديد من الفرق من روسيا وكوريا الجنوبية والصين. أما بالنسبة للاعبات التايكوندو، فيتراوح هذا المؤشر بين 49 و50 مل/كجم/دقيقة، متجاوزًا المتوسط الآسيوي.
علاوة على ذلك، يُعد مؤشر كتلة الجسم (MMI) للملاكمين الإيرانيين مثاليًا للغاية، حيث يبلغ متوسطه حوالي 7.8 كجم/م². وهذا رقم مهم يُظهر قوة العضلات لكل وحدة من كتلة الجسم، مما يضمن أداءً رياضيًا يتطلّب ردود فعل سريعة، وقدرة على الدفع والسحب، والاصطدام المباشر.
يجمع اللياقة البدنية الإيرانية بين المرونة والسرعة والقوة - وهو تكوين مثالي للفنون القتالية الحديثة.
التغذية ونمط الحياة
يتميز المطبخ الإيراني تقليديا بأنه غني بالبروتين من لحم الضأن والبيض والزبادي؛ والكربوهيدرات المعقدة من الأرز والقمح الكامل؛ والدهون الجيدة من زيت الزيتون والمكسرات.
تستخدم الأطباق الأعشاب والتوابل الطبيعية والأطعمة الأقل تصنيعًا - وهذا يخلق أساسًا غذائيًا مستقرًا منذ سن مبكرة.
بالنسبة للرياضيين، يدعم هذا النظام الغذائي بناء العضلات، والتعافي السريع بعد التمارين الرياضية عالية الكثافة، وتجنب السمنة والأمراض الأيضية - وهي ميزة تفتقر إليها العديد من الدول المتقدمة بسبب الأنظمة الغذائية السريعة والصناعية.
في الأفلام، يتم تصوير المحاربين الفرس دائمًا على أنهم أقوياء - صورة: NPR
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أسلوب الحياة الذي يحترم ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة الخارجية والروتين اليومي المستقر يساعد الإيرانيين على الحفاظ على أساس بدني جيد طوال فترة المراهقة - وهي الفترة الذهبية لتنمية الرياضيين المحترفين.
إيران دولة مرتفعة، يتراوح ارتفاعها بين ١٢٠٠ و٢٠٠٠ متر، وتتميز بمناخ جاف، وانخفاض مستويات الأكسجين، وتقلبات كبيرة في درجات الحرارة. تُعدّ هذه الظروف مثالية لتطوير كفاءة التنفس، وتحسين معدل استهلاك الأكسجين الأقصى (VO₂max)، وزيادة إنتاج خلايا الدم الحمراء - على غرار المناطق المشهورة برياضيي التحمل مثل إثيوبيا وبوليفيا.
مقارنة مؤشرات مهمة لجودة القتال بين بعض الدول - صورة: GPT
يساعد التدريب في مثل هذه الظروف الرياضيين الإيرانيين على التكيف مع شدة المنافسة العالية، والحفاظ على الطاقة الجيدة، وزيادة القدرة على التحمل عند المنافسة في أي بيئة.
روح قوية
من العوامل المميزة في بنية الرياضيين الإيرانيين العقلية التنافسية القوية. تُظهر العديد من دراسات علم النفس الرياضي في جامعة أصفهان أن الرياضيين القتاليين الإيرانيين يتمتعون بمؤشر "صلابة ذهنية" مرتفع يتراوح بين 8.5 و8.8 نقطة (على مقياس من 10)، بما في ذلك القدرة على تحمل الضغط، والتعافي من الفشل، والحفاظ على الثقة والتركيز أثناء المنافسة.
حتى الملاكمات الإيرانيات قويات جدًا - صورة: رويترز
ويأتي هذا من مصادر عديدة: بيئة تدريب قاسية، وطموح، وحتى تعليم ديني يؤكد على العمل الجاد والمثابرة.
للثقافة الإيرانية تاريخٌ عريق في تكريم المحارب الفاضل، يتجلى في صورة "البهلوان" - المحارب الشجاع والخيّرُ - التي تظهر في ملحمة الشاهنامه في الأضرحة الشعبية. في الزورخانة - بيوت الفنون القتالية التقليدية - لا تُعدّ الرياضة نشاطًا بدنيًا فحسب، بل طقسًا ثقافيًا وروحانيًا أيضًا.
حتى مع استيعابهم للرياضات الأجنبية مثل التايكوندو والجودو، فإن الإيرانيين ما زالوا يحافظون على روح الفنون القتالية لديهم.
من المثير للاهتمام أنه على الرغم من أن قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين لا تُطور فنون قتالية محلية مثل إيران في منطقة غرب آسيا ، إلا أن السبب الرئيسي يكمن في:
القامة والجينات: يميل سكان الخليج إلى أن يكونوا أقصر قامة، مع بنية عضلية أقل مثالية.
الثقافة: لا يوجد تقاليد الساموراي، وقليل من التعرض لنماذج التدريب الزهدية.
النموذج الرياضي: تميل دول الخليج الغنية إلى توظيف الخبراء وتجنيس الرياضيين بدلاً من التدريب من الجذور.
بيئة معيشية حديثة وغير مستقرة: لا تشجع على أسلوب حياة الفنون القتالية.
في المقابل، تقوم إيران ببناء نظام من الرياضيين من الطبقة العاملة، وتدرب داخلياً، وتجمع بشكل وثيق بين الرياضة والتعليم والثقافة الوطنية.
المصدر: https://tuoitre.vn/vi-sao-iran-la-sieu-cuong-vo-thuat-20250622192910499.htm
تعليق (0)