تتطلع فيتنام ومنغوليا إلى الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما (17 نوفمبر 1954 - 17 نوفمبر 2024). وسيعمل البلدان على الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى مستوى جديد. وكان هذا أحد أهم محاور الحوار بين مراسل إذاعة صوت فيتنام في الصين ومنغوليا والسفير الفيتنامي فوق العادة والمفوض لدى منغوليا، نجوين توان ثانه.
السفير الفيتنامي لدى الصين نجوين توان ثانه. الصورة: بيش ثوان
المراسل: هل يمكنك أن تخبرنا ما هي الإنجازات البارزة التي حققتها العلاقة بين فيتنام ومنغوليا بعد 70 عامًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية؟
السفير نجوين توان ثانه: أُقيمت العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين فيتنام ومنغوليا في 17 نوفمبر 1954. وكانت منغوليا من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع فيتنام، وكانت فيتنام أول دولة في جنوب شرق آسيا تقيم علاقات دبلوماسية مع منغوليا. وعلى مدار السبعين عامًا الماضية، تطورت الصداقة التقليدية بين البلدين باستمرار، وحققتا إنجازات بارزة في مجالات عديدة.
أولاً، تطورت العلاقات السياسية والدبلوماسية والأمنية والدفاعية بشكل إيجابي، وحقق البلدان تفاهمًا وثقة سياسية عالية وأوليا الأولوية لتطوير العلاقات. عزز الجانبان بانتظام الزيارات رفيعة المستوى وجميع المستويات، وأبرزها زيارة الرئيس هو تشي مينه إلى منغوليا (سبتمبر 1955) وزيارة السكرتير الأول للحزب الثوري الشعبي ورئيس مجلس وزراء منغوليا إلى فيتنام (سبتمبر 1959)، والتي أرست أساسًا متينًا لتطوير العلاقات الثنائية. وقع الجانبان معاهدة الصداقة والتعاون ثلاث مرات (1961، 1979، 2000) وقدم كل منهما للآخر مساعدة غير أنانية وشفافة. وعلى وجه الخصوص، قدمت حكومة وشعب منغوليا لفيتنام الدعم والمساعدة المادية والمعنوية في النضال من أجل التحرير الوطني وإعادة التوحيد. يهدف البلدان حاليًا إلى تنظيم أنشطة للاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.
فيما يتعلق بالأمن والدفاع: اعتبر الجانبان هذا المجال الركيزة الأساسية في العلاقات الثنائية. وتبادل الجانبان بانتظام وفودًا على جميع المستويات، ووقعا العديد من الوثائق التي تحدد إطار التعاون بينهما، مثل تسليم المجرمين، وإدارة الهجرة، وإرسال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والطب العسكري، والتكنولوجيا العسكرية ، وصناعة الدفاع، وغيرها. ساعدت منغوليا فيتنام في بناء فوج شرطة فرسان متنقل.
ثانياً، أنشأ الجانبان آليات تعاون وثيقة وفعالة في العديد من المجالات، مما أدى إلى إنشاء إطار قانوني لأنشطة التعاون، وعلى وجه التحديد:
- أنشأت الدولتان اللجنة الحكومية الدولية بين فيتنام ومنغوليا وعقدتا 18 اجتماعًا منذ عام 1979 (سيعقد الاجتماع التاسع عشر في نهاية هذا العام في فيتنام)، واقترحتا العديد من الاتجاهات والتدابير لتعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وما إلى ذلك. وبناءً على ذلك، وقع الجانبان سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لإنشاء إطار قانوني لأنشطة التعاون. ومؤخرًا، كانت هناك مذكرة تفاهم بشأن التعاون الاقتصادي والتجاري في عام 2021، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الزراعي في عام 2022، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون التجاري المستدام للأرز في عام 2023... وخاصة خلال زيارة رئيس منغوليا إلى فيتنام في عام 2023، وقع البلدان اتفاقية بشأن الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية والعادية، مما يسهل السفر والتجارة بين شعبي البلدين.
لدى البلدين آلية تشاور سياسي على مستوى نواب وزيري الخارجية، وقد عقدا عشر جولات من الاجتماعات (ستُعقد الجولة الحادية عشرة في منغوليا عام ٢٠٢٤). ومن خلال هذه الاجتماعات، تبادل الجانبان الخبرات، وعززا الثقة والتفاهم بينهما. كما نسق الجانبان وجهات نظرهما ومواقفهما بشكل وثيق في المحافل الإقليمية والدولية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك والمصالح المشتركة.
ثالثًا، شهد التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين نموًا ملحوظًا، مما ترك انطباعات إيجابية. وتُنظَّم بانتظام أنشطة ترويج التجارة والتواصل التجاري بأشكال متنوعة، مما يُهيئ الظروف المناسبة لشركات الجانبين لتوسيع علاقاتها والبحث عن فرص التعاون والاستثمار.
ارتفع حجم التبادل التجاري الثنائي بمقدار 2.3 مرة خلال الفترة الماضية، من 41.4 مليون دولار أمريكي في عام 2017 إلى 85 مليون دولار أمريكي في عام 2022، ليصل إلى 132 مليون دولار أمريكي في عام 2023. وفي عام 2023، افتتح البلدان رسميًا خط طيران مباشر بين هانوي وأولان باتور، والذي يمتد حاليًا إلى مدينة هو تشي منه، وقريبًا إلى نها ترانج وفو كوك. وقد اتفق البلدان على استمارات الحجر الصحي للحيوانات، وسمحا باستيراد لحوم الضأن والماعز من منغوليا إلى فيتنام، ولحوم الدواجن ومنتجات البيض من فيتنام إلى منغوليا. ويأتي هذا ثمرة جهود تفاوضية طويلة الأمد بين الجانبين.
رابعًا، شهد التعاون في مجال الثقافة والتعليم تطورًا إيجابيًا وقويًا. فمنذ عام ١٩٨٠، قررت منغوليا تسمية المدرسة رقم ١٤ في العاصمة أولان باتور باسم الرئيس هو تشي مينه. وتُعد المدرسة رمزًا للتعاون بين البلدين، حيث تُقام أنشطة ثقافية بانتظام في الأعياد الرئيسية في فيتنام، مثل مسابقات الرسم عن فيتنام والرئيس هو تشي مينه، والفنون الأدائية، وخاصةً الأغاني التي تمجد الرئيس هو تشي مينه باللغة الفيتنامية.
بالإضافة إلى ذلك، تمت ترجمة العديد من الأعمال حول البلاد وشعب فيتنام والرئيس هو تشي مينه إلى اللغة المنغولية مثل: "مذكرات السجن"، "حياة ومسيرة الرئيس هو تشي مينه"، "حكاية كيو"، "هون دات"... كما يقوم الجانبان بانتظام بأنشطة مثل الأسابيع أو الأيام الثقافية في كل بلد، وإرسال فرق فنية لتقديم العروض والترويج لثقافة وبلد وشعب فيتنام ومنغوليا.
فيما يتعلق بالتعليم والتدريب: يتبادل الجانبان الطلاب منذ ستينيات القرن الماضي. تقدم فيتنام سنويًا 15 منحة دراسية لمنغوليا، بينما تقدم منغوليا 5 منح دراسية لفيتنام بموجب اتفاقية التعاون الحكومي في مجال التعليم. ويدرس الجانبان حاليًا توسيع نطاق المنح الحكومية بما يتوافق مع احتياجات وتطلعات البلدين.
خامساً، يتطور التبادل والتعاون بين الشعوب بين المحليات باستمرار: إن جمعيات الصداقة فيتنام - منغوليا ومنغوليا - فيتنام نشطة للغاية، وتنقل الحماس إلى الأجيال القادمة من البلدين؛ ويتم تعزيز التعاون بين المحليات مع هانوي والعاصمة أولان باتور، ومقاطعة هوا بينه مع مقاطعة توف، ومقاطعة داك لاك مع مقاطعة أورخون وعدد من العلاقات الأخرى على مستوى المقاطعات.
ركن الصداقة بين البلدين في السفارة الفيتنامية في منغوليا. الصورة مقدمة من السفارة الفيتنامية في منغوليا.
المحاور: كيف يقيم السفير إمكانيات التعاون بين الجانبين؟
السفير نجوين توان ثانه: في الفترة المقبلة، يتعين على الجانبين التركيز على تعزيز التنفيذ الفعال لأطر التعاون القائمة، وخاصة في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار.
إن نقاط القوة الاقتصادية لفيتنام ومنغوليا ليست تنافسية، بل متكاملة. في السنوات الأخيرة، شهد التعاون الاقتصادي بين فيتنام ومنغوليا تطورات إيجابية، إلا أنه لا يزال أقل من مستوى العلاقات التاريخية الطويلة وإمكانيات التعاون بين البلدين. وقد تضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين مرتين أو ثلاث مرات في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال متواضعًا للغاية.
تتمتع منغوليا بمكانة قوية بفضل احتياطياتها المعدنية الغنية، مما يُمثل مجالاً واعداً لتعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما في مجالات التعدين، والمعادن النادرة، والمواد المهمة في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، والاقتصاد الأخضر، ومكافحة تغير المناخ، والحد من التلوث البيئي. وفي الوقت نفسه، ومع وجود ما يقرب من 70 مليون رأس من الماشية، يُعدّ تجهيز اللحوم والحليب والأعلاف الحيوانية مجالاً واعداً للتعاون بين الجانبين. وتشهد فيتنام، التي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، فترة ازدهار سكاني، وتشهد الطبقة الوسطى نمواً متسارعاً. ومن خلال فيتنام، ستتاح للشركات المنغولية فرصة الوصول إلى سوق رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والأسواق العالمية الكبرى، حيث وقّعت فيتنام 16 اتفاقية تجارة حرة مع دول ومناطق مختلفة.
السياحة مجالٌ واعدٌ للتطوير. وبفضل اختلاف المناخ والجغرافيا، يتمتع البلدان بمنتجات سياحية جذابة لسياح كلٍّ منهما. وقد ألغى البلدان تأشيرات الدخول للسياح وفتحا رحلات جوية مباشرة، مما سيهيئ ظروفًا مواتية لاستغلال السياحة وتطويرها مستقبلًا.
وبالإضافة إلى ذلك، يتمتع البلدان بالكثير من الإمكانات والمزايا للتعاون في مجالات الزراعة والتعليم والتدريب والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي واستكشاف واستغلال النفط والغاز وكذلك مجالات الطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
قام وفد رفيع المستوى من مدينة هو تشي منه بقيادة السيد نجوين فان نين، عضو المكتب السياسي وأمين لجنة الحزب بالمدينة، بوضع الزهور على نصب هو تشي منه التذكاري في المدرسة 14. الصورة مقدمة من السفارة الفيتنامية في منغوليا.
المراسل: إذن في الفترة المقبلة ما هو محور التعاون بين البلدين؟
السفير نجوين توان ثانه: أولاً، من الناحية السياسية، يتعين على الجانبين مواصلة تبادل الوفود رفيعة المستوى لتعزيز الثقة السياسية، وتبادل الخبرات، والتنسيق الوثيق، والدعم الفعال لبعضهما البعض في المحافل الإقليمية والدولية. كما يتعين على الجانبين تنظيم أنشطة جيدة للاحتفال بالذكرى السبعين للعلاقات الدبلوماسية في عام 2024، والارتقاء بالعلاقات الثنائية في أقرب وقت ممكن، وخلق زخم جديد للتعاون والتنمية بين الجانبين.
ثانياً، مواصلة تعزيز التعاون الجوهري في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار واعتبار ذلك محور التعاون الثنائي في الفترة المقبلة.
فيما يتعلق بالتعاون التجاري، فإن هيكل الاستيراد والتصدير بين البلدين ليس تنافسيًا أو متعارضًا، بل متكاملًا مع أسواق كل منهما. ويتعين على الجانبين مواصلة تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، والانفتاح على سلع كل منهما على أساس المعاملة بالمثل، وتلبية معايير واحتياجات كل منهما؛ وتهيئة الظروف لدخول المنتجات الزراعية والمائية والبحرية والصيدلانية الفيتنامية القوية إلى السوق المنغولية؛ ولدخول المعادن والفحم والصوف إلى السوق الفيتنامية، بما يعزز هدف مضاعفة حجم التجارة الثنائية في المستقبل.
فيما يتعلق بالتعاون الاستثماري، يتعين على الجانبين تعزيز أنشطة الترويج للاستثمار؛ وتعزيز التعاون في تنويع سلسلة توريد المواد الخام، وخاصة في الصناعات التي يتمتع فيها الجانبان بمزايا تنافسية؛ ودعم الشركات في عملية البحث عن أنشطة استثمارية وتنفيذها في كل بلد. ينبغي على الشركات الفيتنامية النظر في الاستثمار في منغوليا في المجالات التي تتمتع فيها بمزايا تنافسية، مثل التعدين، وإنتاج وتجهيز الأعلاف الحيوانية، واللحوم، والحليب، والمنتجات الجلدية، وغيرها، لبيعها في السوق المنغولية وتصديرها إلى الدول المجاورة.
فيما يتعلق بالنقل، ساهم افتتاح الرحلات الجوية المباشرة بين فيتنام ومنغوليا في الآونة الأخيرة بشكل كبير في تعزيز التجارة والسياحة والتبادلات الشعبية بين البلدين. ويتعين على الجانبين مواصلة إيجاد حلول جذرية وطويلة الأمد لتذليل الصعوبات في مجالات النقل بالسكك الحديدية والبحري والجوي، بما يقلل تكاليف ووقت نقل البضائع بين البلدين.
فيما يتعلق بالقوى العاملة، تعاني منغوليا، بمساحتها الشاسعة وقلة سكانها، من نقص في الموارد البشرية، كالعمالة الماهرة والفنية وغير الماهرة، للعمل في قطاعات بناء البنية التحتية، وتصنيع الأغذية، وخاصةً في قطاع التعدين. لذلك، يتعين على الجانبين مواصلة النظر في تهيئة الظروف المناسبة لجذب العمالة الفيتنامية إلى هذه السوق الواعدة.
وفيما يتعلق بالسياحة، من الضروري الاستمرار في الترويج للسياحة في كل دولة، وتنويع المنتجات والخدمات السياحية لجذب السياح وخفض التكاليف.
المراسل: من المعروف أن الجالية الفيتنامية في منغوليا، وإن كانت صغيرة، ساهمت بشكل كبير في التنمية الاقتصادية المحلية، وتتطلع دائمًا نحو الوطن. كيف يُقيّم السفير هذا الأمر؟
السفير نجوين توان ثانه: الجالية الفيتنامية في منغوليا (NVNOMC) تتكون في معظمها من عمال مستقلين يأتون للعمل في ورش تصليح السيارات التي يستثمر فيها أصحاب عمل فيتناميون. بفضل كفاءتهم وتدريبهم الجيد، يحظون بثقة كبيرة في منغوليا. ورغم أن مصدر النقد الأجنبي الذي تحوله الشركات والعمال الفيتناميون إلى منغوليا ليس كبيرًا، إلا أنه مستقر نسبيًا.
يتمتع مجتمع NVNOMC دائمًا بموقف سياسي جيد، ويثق ثقة عالية بسياسات الحزب وتوجيهاته، ويلتزم بالقوانين المحلية؛ ويهتم دائمًا بالوطن والبلد ويتطلع إليهما، ويتمتع بروح التضامن الوطني. يوجد حاليًا في منغوليا جمعيتان: جمعية الفيتناميين في منغوليا (التي تأسست في 29 أغسطس 2010) وجمعية رواد الأعمال الفيتناميين في منغوليا (التي تأسست في 1 مارس 2023). في الآونة الأخيرة، شاركت الجمعيات في منغوليا بنشاط في الأنشطة التي نظمتها السفارة؛ ونفذت العديد من الأنشطة العملية والفعالة تجاه الوطن والبلد، مثل التبرع بنشاط ودعم البرامج والحملات التي تنظمها الوكالات والإدارات والفروع والمحليات المحلية.
وبفضل التضامن والجهود المستمرة والسعي والالتزام بتوجيهات وإرشادات السفارة، ستظل الجالية الفيتنامية في منغوليا أحد الموارد التي تساهم بشكل إيجابي في تنمية البلاد.
P/v: شكرا لك!
تعليق (0)