تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء القدرات الروسية المتنامية في القطب الشمالي، وتنظر إلى المنطقة باعتبارها حاضنة محتملة للمواجهات الجيوسياسية والأنشطة العسكرية، لكن من غير المرجح أن ينشأ صراع عسكري مفتوح، كما قال الخبير الاقتصادي أليكسي فادييف، نائب رئيس المجلس العام للجنة شؤون القطب الشمالي في سانت بطرسبرغ، في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
تقوم لينه نجا بدوريات في القاعدة الواقعة في جزيرة كوتيلني بالدائرة القطبية الشمالية. (المصدر: جيتي) |
موقع استراتيجي جديد
أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية استراتيجية جديدة للقطب الشمالي في عام 2023. ووفقًا للبنتاغون، فإن هذا التحديث مدفوع بالتغيرات في الجغرافيا السياسية وتحول القطب الشمالي إلى نقطة "منافسة على القوة الاستراتيجية".
تنص الاستراتيجية على أن "على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لمواجهة هذا التحدي مع حلفائها وشركائها". كما أعلنت كندا عن خطط لتشكيل تحالف أمني في القطب الشمالي مع دول الشمال الأوروبي.
وفقًا للسيد فادييف، اعتمدت الولايات المتحدة العديد من الاستراتيجيات في القطب الشمالي، وجميعها ذات طابع عسكري . وتشعر واشنطن بالقلق إزاء التعاون المتنامي بين روسيا والصين هنا، إذ تعتقد أنه قد يشكل تهديدًا لها ولحلفائها.
جنود مظليون أمريكيون خلال مناورات "ديد هورس" في ألاسكا عام ٢٠١٥. (المصدر: الجيش الأمريكي) |
وأكد فادييف أن "وزارة الدفاع الأميركية تضيف منطقة القطب الشمالي إلى قائمة الجبهات العسكرية المحتملة، إلى جانب منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأوروبا، والشرق الأوسط، وأفريقيا".
قال الخبير إن القطب الشمالي لطالما اعتُبر منطقة تعاون لا مواجهة. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، أجرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بانتظام تدريبات عسكرية واسعة النطاق في المنطقة، ونشروا وحدات عسكرية جديدة فيها، وكثّفوا طلعات الاستطلاع.
وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الغواصات الاستراتيجية التي تحمل أسلحة نووية وأسلحة تقليدية عالية الدقة بدوريات في القطب الشمالي.
في سياق "أنشطة الولايات المتحدة وكندا والدنمارك التي تتجاوز فترة الحرب الباردة"، قامت دول القطب الشمالي بتحديث قواتها المسلحة بسرعة، وتنفيذ مهام معينة في المنطقة.
وأكد السيد فادييف أن الوضع في القطب الشمالي أصبح أكثر تعقيدا بسبب عدم وجود آليات أمنية دولية فعالة، فضلا عن المشاركة الفعالة من جانب البلدان خارج المنطقة.
كما ازداد النشاط العسكري في جزر سبيتسبيرغن، حيث توجد محطة قياس متصلة بمنظومة حلف شمال الأطلسي. وفي المياه المحيطة بالجزر، أجرت مقاتلات تابعة لحلف شمال الأطلسي تدريبات في ظروف القطب الشمالي، وفقًا للخبير الروسي.
مخاطر الصراع
وبحسب السيد فادييف، فإن التحركات المذكورة أعلاه تثير المخاوف وتزيد من الحاجة إلى الرد، ولكن من غير المرجح أن تتسبب في صراع عسكري مفتوح.
وقال إن روسيا تتمتع حاليا بمزايا جغرافية واقتصادية وعسكرية لا جدال فيها في هذه المنطقة، حيث تمتلك أكثر من نصف الجرف القاري في القطب الشمالي، وتمتلك أساطيل كاسحة للجليد وأساطيل بحرية شمالية، وتطور بنشاط طريق البحر الشمالي.
اتخذت روسيا عددًا من الإجراءات العاجلة لحماية مصالحها الجيوسياسية في خطوط العرض العليا. وعلى وجه الخصوص، قامت بتطوير شامل للبنية التحتية للموانئ البحرية وطرق الشحن في مياه طريق البحر الشمالي، بالإضافة إلى إنشاء مقر للعمليات البحرية لإدارة النقل البحري.
وأضاف فادييف أن "تحسين الكفاءة الاقتصادية لطريق البحر الشمالي قد يمنح روسيا إحدى المزايا الرئيسية في هذه المنافسة الجيوسياسية، نظرا للمخاطر العسكرية والنقلية العالية على جانبي قناة السويس".
وبالإضافة إلى الدعم اللوجستي، تحتاج موسكو إلى مواصلة تطوير البنية التحتية والقواعد العملياتية في المناطق ذات خطوط العرض العليا، وتجهيز القوات المسلحة بأسلحة ومعدات خاصة تتكيف مع الظروف القاسية في القطب الشمالي، والحفاظ على الوجود الروسي في عدد من المناطق، وخاصة جزر سبيتسبيرجن.
ومع ذلك، قال السيد فادييف إن برامج روسيا لتحديث قواتها المسلحة وزيادة وجودها العسكري هنا لا تستهدف أي دولة في المنطقة، على الرغم من أن الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة "قلقة" بشأن ذلك.
من أبرز ما تتميز به روسيا في القطب الشمالي قدرتها على التعاون. وقد شهدت المنطقة أيضًا تنفيذ العديد من مشاريع إمداد الطاقة مع شركاء أجانب ومبادرات دولية استراتيجية جديدة. وآمل أن تحافظ منطقة القطب الشمالي على مكانتها كمنطقة تعاون بدلًا من المواجهة الاقتصادية والعسكرية، كما أكد الخبير الروسي.
باختصار، يتزايد تحوّل القطب الشمالي إلى بؤرة تنافس جيوسياسي، لا سيما بين القوتين العظميين روسيا والولايات المتحدة. وبينما تشعر واشنطن وحلفاؤها في حلف الناتو بالقلق إزاء تنامي نفوذ روسيا في المنطقة، مما قد يُصعّد الصراع، يبقى الصدام المباشر مستبعدًا. تتمتع موسكو بمزايا جغرافية واقتصادية وعسكرية كبيرة في القطب الشمالي، ويُعتبر تطوير طريق البحر الشمالي استراتيجية مهمة لتعزيز مكانة روسيا. ومع ذلك، يرغب كلا الطرفين في أن يظل القطب الشمالي ساحةً للتعاون لا للمواجهة.
[إعلان 2]
المصدر: https://baoquocte.vn/chuyen-gia-tiet-lo-loi-ich-chien-luoc-nga-my-o-bac-cuc-tam-diem-canh-tranh-moi-cua-cac-sieu-cuong-289650.html
تعليق (0)