التراث هو جذر الإبداع المعاصر
أكد الرسام دانج شوان هوا، رئيس مجلس فنون الرسم في جمعية الفنون الجميلة الفيتنامية، أنه لا يمكن للفن الفيتنامي المعاصر أن يزدهر دون أساس تقليدي. وحسب رأيه، فإن التراث هو نقطة البداية، وهو أيضًا مصدر لا ينضب للمواد، مما يخلق هوية فريدة لكل عمل فني.
زوار معرض أفضل الأعمال في مسابقة لوحة العام الثانية السنوية التي نظمتها جامعة أورانج في مدينة هوشي منه
إن التقنيات والرسومات والحواس الجمالية التي خلّفتها الأجيال السابقة ليست "آثارًا"، بل "منصات انطلاق" للتفكير الإبداعي الحديث. فالعمل الفني، مهما بلغ حداثته، يجب أن يكون راسخًا في هويته. ويرى الفنان دانغ شوان هوا أن التعاطف مع الماضي، من رسامي الهند الصينية إلى الحرفيين الشعبيين، هو الأساس الأخلاقي والمهني لفناني اليوم. فالإبداع لا يمكن أن يكون فعلًا منفصلًا عن التاريخ، بل يجب أن يستمر بوعي وامتنان. وأكد الفنان دانغ شوان هوا: "لا يلامس الفن القلب حقًا إلا عندما يتشبع بروح الثقافة".
ومع ذلك، يرى الفنان دانغ شوان هوا أن استغلال التقاليد، إن اقتصر على نسخ وتقليد الشكل، سيجعل الفن جامدًا ويفقد حيويته. فالتراث ليس "نصبًا تذكاريًا" ثابتًا، بل هو كيان حيّ يحتاج إلى فهمه والشعور به وتجديده بمنظور فريد. حينها فقط، يمكن للفنانين بثّ الحياة في أعمالهم، وتحويل القيم التقليدية إلى قوة كامنة في الفن المعاصر. وأعرب عن إيمانه بأن تدفق الفن الحديث قادر على تجديد التراث تجديدًا كاملًا إذا ما قاده الإبداع والإدراك السليم.
شاركت السيدة دونغ ثو هانغ، مديرة معرض هانوي ستوديو، الرأي نفسه، قائلةً إن اهتمام السوق بلوحات الهند الصينية في السنوات الأخيرة يُعدّ مؤشرًا إيجابيًا، إذ يُظهر أن القيم التقليدية لا تُضفي جاذبيةً قويةً فحسب، بل تُسهم أيضًا في ترسيخ مكانة الفنون الجميلة الهندية الصينية. ومع ذلك، يخشى العديد من الفنانين أيضًا من أن اتباعهم للأذواق قصيرة المدى فقط قد يُؤدي إلى الوقوع في فخّ الركود، وفقدانهم لعمق التفكير واستقلالية الإبداع.
لا يمكن أن يكون هناك سطحية في الإبداع.
خلال المناقشة، أكد الفنان نغو فان ساك أن التراث ليس مجرد كنز يُستغل، بل هو أيضًا "مادة حية"، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بذكريات كل فنان وثقافته ومشاعره. فمن العادات وتقنيات الحرف اليدوية إلى الجماليات الشعبية، تُشكل جميعها مصادر إلهام لتنمية الإبداع. كما أكد على أن التراث ليس كنزًا ثابتًا، بل يجب أن يُورث ويُخلق من خلال تجارب الحياة والمشاعر الشخصية.
يرى أن التراث حاضرٌ في كل جانب من جوانب الحياة، كالعمارة والحرف والمطبخ ، وعلاقات الإنسان بالطبيعة. ومع ذلك، فهو يؤمن أيضًا بأن الارتباط بالتقاليد لا يكون ذا قيمة إلا عندما ينبع من مشاعر صادقة. وإلا، فقد يصبح التراث ببساطة "غطاءً فنيًا"، يُغطي سطحية التفكير الإبداعي. على الفنانين التمييز بين الشكل والروح، وبين "الاعتماد على التراث" و"التمسك بالأنماط".
أكد الرسام نغو فان ساك أيضًا على أهمية الاختلاف في الفن، والذي ينبع من العمل الجاد والشخصية الفريدة لكل فنان. سواءً باستخدام مواد تقليدية كالورنيش أو الحرير أو اللوحات الشعبية، فإن قيمة العمل لا تكمن في المادة، بل في الطريقة التي يُضفي بها الفنان روحه. في ذلك الوقت، لم يعد التراث مجرد قصة من الماضي، بل أصبح جزءًا حيًا من الحاضر، غنيًا بالإيحاءات والتعبير. كما تحدث عن تحديات تحقيق التوازن بين التقليد والحداثة، معتبرًا إياه رحلة من التجريب والتعديل المستمر. وأكد: "لا أحد يستطيع تعليم الإبداع، ولكن كل فنان يستطيع أن يتعلم من مشاعره الحقيقية ليُبدع فنًا عميقًا".
خلال المناقشة، استذكرت السيدة دونغ ثو هانغ كلمات الرسام الشهير نجوين تو نغييم: "الوصول إلى نهاية التقاليد سيُلاقي المعاصر". هذه رسالة مهمة حول التقاطع بين الماضي والحاضر، وهي في الوقت نفسه توجه الفن الفيتنامي في عملية التكامل. عندما يُقدّر فنانو اليوم التراث، ويُبدعون بشجاعة، ويُبدعون انطلاقًا من هويتهم الخاصة، سيُسهمون في تطوير الفن الفيتنامي بقوة، ليس من خلال التقليد، بل بصوت مستقل وواثق.
ماي آن
المصدر: https://www.sggp.org.vn/di-san-nen-tang-cua-nghe-thuat-duong-dai-post794214.html
تعليق (0)