ماذا سيحدث لو ولد طفل في الفضاء؟

(دان تري) - لا يزال الحمل والولادة في الفضاء يشكل تحديًا كبيرًا للبشرية، حيث ستواجه سلسلة من المخاطر الخطيرة.

مع مضي الدول قدماً في مهماتها لإرسال البشر إلى المريخ في رحلات تستغرق مئات الأيام، يطرح سؤال ملح: هل يستطيع البشر الحمل والولادة في البيئة القاسية للفضاء؟

إن رحلة طويلة بما يكفي لإتمام الحمل حتى نهايته تعني مواجهة مجموعة غير مسبوقة من المخاطر البيولوجية والطبية .

الولادة في الفضاء.. ما تأثيرها على الجنين؟ (صورة: بي بي سي نيوز)

انعدام الجاذبية: التغيرات في جسم الأم ونمو الجنين

حتى على الأرض، يُعد الحمل محفوفًا بالمخاطر. إذ يفشل حوالي ثلثي الأجنة في النمو حتى الولادة، غالبًا بسبب تشوهات جينية أو عدم التصاقها بجدار الرحم.

وتزداد هذه المخاطر بشكل كبير في بيئة الفضاء، حيث تكون الجاذبية قريبة من الصفر، وتطفو السوائل والأجسام البشرية باستمرار، وهناك تهديد مستمر من الإشعاع الكوني.

تؤثر الجاذبية الصغرى على جميع الوظائف الحيوية تقريبًا، بدءًا من الدورة الدموية واستقلاب الخلايا وصولًا إلى وضعية الجسم والشعور بالاتجاه. يقول الخبراء إن الحمل في الفضاء قد يُسبب مشاكل، لأن الحيوانات المنوية والبويضات قد لا تتحرك أو تتحد أو تنغرس بشكل صحيح في غياب الجاذبية.

حتى لو تم زرع الجنين بنجاح في الرحم، فإن الحمل يمكن أن يستمر، ولكن الولادة ورعاية المولود الجديد سيكون تحديًا كبيرًا.

في حالة انعدام الجاذبية، يكاد يكون من المستحيل الحفاظ على وضعية ثابتة. سيطفو جسما الأم والطفل. السوائل، كالدم والسائل الأمنيوسي وحليب الثدي، لا تتدفق بالطريقة المعتادة، بل تتحرك بشكل عشوائي، مما يُسبب صعوبات في الولادة والرضاعة الطبيعية ونظافة ما بعد الولادة.

ولكن البشرية ليست مستعدة بعد لإنجاب وتربية الأطفال في الفضاء (صورة: جيتي).

ولكن تجدر الإشارة إلى أن الجنين يعيش بالفعل في بيئة "شبه انعدام الجاذبية" من السائل الأمنيوسي في الرحم، وهو ما قد يساعد جسم الجنين على التكيف إلى حد ما.

لكن بعد الولادة، يحتاج الأطفال إلى الجاذبية لتطوير ردود أفعالهم الوضعية، مثل تعلم رفع رؤوسهم، والجلوس، والزحف، والمشي. فبدون "صعود" أو "نزول"، قد لا تفهم أدمغتهم الاتجاه، مما يؤدي إلى اضطرابات حركية أو تشوهات في النمو.

الإشعاع الكوني: تهديد صامت ولكنه خطير

إلى جانب الجاذبية، يُعد الإشعاع الكوني أحد أكبر المخاطر في الفضاء. على الأرض، يحمينا غلافنا الجوي ومجالنا المغناطيسي، لكن في الفضاء، يتعرض البشر تقريبًا لجسيمات عالية الطاقة تتحرك بسرعات قريبة من سرعة الضوء.

وهي عبارة عن نوى ذرية فقدت كل إلكتروناتها، وهي قادرة على اختراق أنسجة الجسم والتسبب في تلف الحمض النووي.

وخاصة في الشهر الأول من الحمل، عندما تنقسم الخلايا وتشكل هياكل الجسم، فإن مجرد تصادم عشوائي للأشعة الكونية في منطقة حساسة يمكن أن يتسبب في توقف نمو الجنين، مما يؤدي إلى الإجهاض، حتى من دون أن يتم اكتشافه.

رغم أن احتمال حدوث ذلك منخفض، إلا أن العواقب وخيمة.

يمكن للإشعاع الكوني أن يخترق أنسجة الجسم ويؤدي إلى إتلاف الحمض النووي (الصورة: جيتي).

مع نمو الجنين، يزداد احتمال وصول الأشعة الكونية إلى الرحم، مما يسبب انقباضات مبكرة ويؤدي إلى ولادة غير مرغوب فيها. في بيئة محدودة الإمكانيات الطبية، تقل فرص نجاة الأطفال الخدج المولودين في الفضاء.

حتى بعد الولادة، تظل مخاطر الإشعاع قائمة. يستمر نمو أجهزتهم العصبية طوال سنوات حياتهم الأولى. ويمكن أن يؤثر التعرض طويل الأمد للأشعة الكونية تأثيرًا بالغًا على الذاكرة والإدراك والسلوك، مع عواقب صحية نفسية وجسدية طويلة الأمد.

وتشير كل هذه العوامل إلى أن الحمل والولادة في الفضاء هو احتمال نظري، لكنه لا يزال بعيداً عن كونه حقيقة آمنة.

ولكي يحدث ذلك، فإننا نحتاج إلى تقنيات فعالة لحماية أنفسنا من الإشعاع، وبيئات تحاكي الجاذبية من أجل النمو السليم للطفل، وأنظمة طبية فضائية متقدمة للتعامل مع أي مضاعفات طبية قد تنشأ.

وحتى يتحقق ذلك، فمن المرجح أن يظل الحمل خارج كوكب الأرض تجربة عالية المخاطر، والبشرية ليست مستعدة بعد لاتخاذ مثل هذه الخطوة الجريئة.

المصدر: https://dantri.com.vn/khoa-hoc/dieu-gi-se-xay-ra-neu-mot-em-be-duoc-sinh-ngoai-khong-gian-20250728070514741.htm