تنطلق فعاليات حوار شانغريلا العشرين (المعروف أيضًا باسم قمة الأمن الإقليمي في آسيا) لمدة ثلاثة أيام، اعتبارًا من الثاني من يونيو في فندق شانغريلا في سنغافورة.
احتفالًا بالذكرى العشرين لانطلاقه، سيشهد حوار هذا العام جدول أعمال موسّعًا، مما يعزز التفاعل بين المتحدثين والمشاركين. كما تتوقع اللجنة المنظمة استقبال أكثر من 550 مندوبًا، من بينهم كبار المسؤولين الحكوميين، والقوات المسلحة، والعلماء، والباحثين، ورجال الأعمال من أكثر من 40 دولة ومنطقة حول العالم .
وسيتم تبادل الرسائل الصادرة عن المؤتمر ومبادرات التعاون بين البلدان في هذا المنتدى الأمني الإقليمي الرائد.
المحتوى الرئيسي
يُظهر عدد المشاركين الذي تجاوز 500 مندوب، إلى جانب جدول أعمال حافل، يتضمن 7 جلسات عامة و6 جلسات نقاش موازية، بالإضافة إلى العديد من الاجتماعات الثنائية على هامش المؤتمر، أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تجذب اهتمامًا عالميًا متزايدًا. من ناحية أخرى، يُظهر هذا أيضًا أن العديد من القضايا الناشئة تؤثر على الوضع الأمني الإقليمي، وهي: قضايا التنافس بين الدول الكبرى؛ والامتثال للقانون الدولي؛ واستخدام القوة العسكرية في معالجة القضايا بين القوى الكبرى، وبينها وبين دول المنطقة؛ والنزاعات الإقليمية؛ والبيئة، أو القضايا الجديدة المتعلقة بالحروب المستقبلية.
لذلك، فإن حوار شانغريلا لهذا العام واسع النطاق للغاية، من الدور القيادي للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ؛ وبناء منطقة آسيا والمحيط الهادئ متوازنة ومستقرة؛ وحل التوترات الإقليمية؛ ونظام الأمن البحري الناشئ في آسيا؛ ومبادرات الصين الأمنية الجديدة إلى شراكات جديدة لأمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتطوير أشكال التعاون الأمني. ويعتبر حوار شانغريلا منتدى اقتصاديًا عالميًا في مجال الأمن القومي والدفاع، ويتوقع المجتمع الدولي أنه من خلال الحوار، يمكن إيجاد حلول لعدد من القضايا الدولية البارزة مثل التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وينتظر المحللون ظهور ثلاث شخصيات: رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز - المتحدث الرئيسي في حوار هذا العام، ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ونظيره الصيني لي شانغفو.
بالنسبة لرئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، ستكون هذه أول مشاركة له في حوار شانغريلا بصفته رئيسًا للحكومة الأسترالية. وبصفته المتحدث الرئيسي، سيكون خطاب السيد ألبانيز منتظرًا بفارغ الصبر، إذ سيعرض رؤية أستراليا لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ "المستقرة، والمسالمة، والمرنة، والمزدهرة"، بالإضافة إلى آرائه حول كيفية مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والعالمية. ويمكن القول إن الرسالة التي يحملها خطاب الزعيم الأسترالي المميز ستشكل توجهًا هامًا لجلسات نقاش حوار شانغريلا العشرين.
الصين ترفض الحوار مع ممثلي الولايات المتحدة
كما في الاجتماعات السابقة، لا تزال العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والصين تحظى باهتمام كبير في حوار شانغريلا لهذا العام. ومن المتوقع أن يواصل كبار مسؤولي الدفاع في البلدين طرح رؤى متضاربة بشأن الأمن الإقليمي. وبينما سيروج وزير الدفاع لويد أوستن "لرؤية مشتركة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة، تتمحور حولها رابطة دول جنوب شرق آسيا"، سيسلط وزير الدفاع لي شانغفو الضوء أيضًا على "مبادرة الأمن الصينية الجديدة"، التي يعتبرها نهجًا لتعزيز الأمن المشترك في آسيا والعالم.
وفيما يتعلق بإمكانية عقد اجتماع جانبي بين وزير الدفاع لويد أوستن ووزير الدفاع لي شانغفو، فمن الجدير بالذكر أن حوار شانغريلا في العام الماضي شهد أول اجتماع ثنائي بين وزير الدفاع الصيني آنذاك وي فنغ خه ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، مما أثار الآمال في حوار عسكري جديد بين القوتين.
ومع ذلك، يبدو أن هذه الآمال قد تحققت بنجاح ضئيل على مدى الأشهر الـ 12 الماضية. وبدلاً من ذلك، تدهورت العلاقات الصينية الأمريكية، ووصلت إلى أدنى مستوياتها بعد زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي لتايوان في أغسطس الماضي. وعلقت الصين لاحقًا بعض الاتصالات العسكرية، والتي لم يتم استعادتها بالكامل بعد. بالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن وزير الدفاع لي شانغفو موجود الآن على قائمة العقوبات الأمريكية قد قللت أيضًا من احتمالات إجراء حوار عسكري رفيع المستوى جديد بين الصين والولايات المتحدة . ووفقًا للمعلومات التي أصدرتها الولايات المتحدة مؤخرًا، رفضت الصين إمكانية عقد اجتماع بين كبار مسؤولي الدفاع في البلدين في إطار حوار شانغريلا لهذا العام - وهو أمر يخشى المراقبون أن يكون علامة على أن العلاقات الأمريكية الصينية ستستمر في رؤية عواصف جديدة في الفترة القادمة.
ومع ذلك، ظهرت بوادر تحسن في العلاقات بين البلدين في الأسابيع الأخيرة، لا سيما بعد اجتماع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مع مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، وانغ يي. ويُقال إنه من المقرر عقد عدة اجتماعات أخرى، بل إن هناك احتمالاً للقاء بين الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينغ خلال قمة مجموعة العشرين في سبتمبر، وقمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في نوفمبر. وهذا هو أيضاً سبب أمل العديد من المشاركين في حوار شانغريلا بإمكانية تحقيق تحسن طفيف بين البلدين في المجالين الدفاعي والعسكري.
الاهتمام من مناطق أخرى
يمكن القول إنه مع تمثيل سكاني يبلغ 60% من سكان العالم، من المتوقع أن تكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ المنطقة الأكثر مساهمة في النمو العالمي خلال الثلاثين عامًا القادمة. ولذلك، تشتد المنافسة الاستراتيجية بين الدول الكبرى على زيادة نفوذها وتعزيز مكانتها ومكانتها، مما يدفع الدول إلى تغيير استراتيجياتها لضمان مصالحها في هذه المنطقة المهمة.
عدّلت بعض الدول والمنظمات الإقليمية، وخاصةً الدول الكبرى، سياساتها الخارجية نحو تعزيز وتوسيع علاقات التعاون، بهدف تحقيق المصالح الوطنية والقومية، وترسيخ مكانة مرموقة في ظلّ تطورات الوضع الإقليمي. كما يتطلع العديد من أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي إلى لعب دور فاعل في قضايا الأمن والدفاع الإقليميين.
لذلك، يُنظر إلى حوار شانغريلا لهذا العام أيضًا على أنه فرصة لقادة الأمن الأوروبيين لإيصال رسائل مهمة بشأن الخطوات التالية في نهجهم تجاه الدفاع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. والهند ليست استثناءً، إذ اختارت سياسة "التوجه شرقًا" مع العديد من الأنشطة الاقتصادية والأمنية في هذه المنطقة الجيوستراتيجية ذات الأهمية المتزايدة. ومع ذلك، من الواضح أن اهتمام القوى الخارجية بآسيا، على الرغم من أنه يوفر العديد من الفرص لهذه القارة الديناميكية، لا يمكنه تجنب المخاطر والتحديات المحتملة، مما يدفع دول المنطقة إلى العمل معًا لبناء الثقة والتعاون وبذل جهود حثيثة من أجل منطقة آسيا والمحيط الهادئ مستقرة ومتطورة.
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)