في يوم الاحتفال المدرسي، وصل صديقه من المنطقة الوسطى في الوقت المناسب لركوب قطار ما بعد الظهر من هانوي لزيارة مدرسته القديمة صباح اليوم التالي. كانت المدرسة دائمًا صاخبة، وثرثرة لا تنتهي، حتى أنها كانت مغطاة ببعض الغبار بسبب موقع البناء. لكن هذه المرة... بمجرد النظر إليه وهو يقف بجانب معلمه الذي يقارب الثمانين لالتقاط صورة، كان من الواضح أنه كطالب صغير، على وشك دخول المدرسة الثانوية في المنطقة.
صورة توضيحية (مصدر من الإنترنت).
أثناء تجوله بين الفصول الدراسية، ومنطقة تخييم الطلاب... قال: "هذا المكان هو مبنى صفنا، كنا نبذل جهدًا كبيرًا آنذاك لتجصيص الجدران، ولم تكن المباني التي كان يأتي إليها المعلمون من هانوي وها دونغ للتدريس أفضل حالًا، منازل مسقوفة بالقش وجدران ترابية، وفي الشتاء كانت الرياح تعصف بشدة. هذا الملعب، في الماضي، كان كالبركة كلما هطل المطر." ثم رفع رأسه وذكر أسماء المعلمين القدامى الذين لم يتمكنوا من العودة لزيارة المكان القديم في القاعة، وأسماء أصدقاء فريق كرة القدم في الصف قبل سنوات والذين لم يعودوا لأسباب عديدة. كان صوت طبول المدرسة، وصفوف زهور البونسيانا الملكية، وعيون المعلمين والمعلمات والأصدقاء، أشبه بفيلم يعود ببطء: دافئ، عاطفي، مليء بالرومانسية والعمق.
قلتَ: الحياة سعيدةٌ حقًا عندما تدرس وتتلمذ على يد معلمين مرموقين. الجميع لديه نفس الأفكار. فرحة وسعادة الحياة الطلابية مرتبطةٌ ببيئة الفصل الدراسي، والمعلمين، والأصدقاء... إنه عصر الشعور بالنقص والضعف بسهولة إذا لم يُرعى ويُشارك في المكان المناسب. عصر الهشاشة... سهل الكسر؟! لذلك، إلى جانب أحضان الوالدين والعائلة، تُعدّ المدرسة "البيت الثاني" الذي يُغذّي الخير...
في الأيام الأخيرة، نُشرت قصة السيد "م"، زميل الدراسة، في صحيفة حزبية محلية، مما دفع مستخدمي الإنترنت إلى قراءة الخبر والتعليق عليه دون تردد. كان لديهم جميعًا نفس الفكرة: كان لديه معلمٌ رائعٌ للغاية. خلال سنوات الدعم المالي، والدراسة بعيدًا عن المنزل، وكفاحه للدراسة بمفرده، كان فقيرًا لدرجة أنه خلال سنوات دراسته الثانوية، لم يكن لديه سوى مجموعتين من الملابس مقطوعتين من أرجوحة مدرس الأدب القديمة. ولأنه كان يعلم أنه يعاني من جوع مزمن، كان المعلم "يختلق عذرًا" في عطلات نهاية الأسبوع لدعوة الفريق للتدريب. وكان أيضًا الوحيد الذي "أجبره" المعلم على البقاء وتناول الطعام مع العائلة. للأسف، كان الفول السوداني المحمص في صلصة السمك، وطبق من التوفو المقلي مع قطعة من لحم الخنزير الدهني، بمثابة "حفلة" بالنسبة له، لأنه لم يكن يعرف معنى الطعام الطازج لفترة طويلة. كان أطفال المعلم أيضًا يعرفون معناه، فبدأوا يتحدثون معه ويطرحون عليه الأسئلة لتخفيف إحراجه. أما المعلمون، فكانوا يقدمون له وجبات طازجة في عطلات نهاية الأسبوع فقط. كان المعلمون يختارون له دائمًا أقل قطع اللحم دهنًا. ولأنه لم يكن لديه أي كتب أو مواد دراسية، بحث المعلم عنها لدى زملائه الأكبر سنًا ليحصل على كتب تساعده في مراجعة امتحان المستوى ج.
كان حنونًا في حياته اليومية، صارمًا في دراسته. كان يقول: "إن لم تجتهد في الدراسة، فلن تستطيع حتى إنقاذ نفسك من الفقر والظلام، فما بالك بمساعدة أقاربك". في كل مرة كان يُعيد فيها الامتحان، كان المعلم يُشير إلى المواضع المُحرجة التي يصعب إقناع القارئ بها. كان يُحسّن مستواه تدريجيًا مع كل فصل دراسي. في ذلك العام، اجتاز امتحان القبول الجامعي في جامعة مرموقة في هانوي، ونال إشادة أساتذته وأصدقائه. في يوم عودته إلى هانوي للدراسة، جاء المعلم إلى محطة القطار ليودعه.
نصحني المعلم قائلاً: "حاول أن تدرس بجد، لا تُنافس أو تلعب. البيئة جديدة عليك، لكن عليك أن تحافظ على "جودة" معيشتك بشكل جميل". الأهل بعيدون، غير حاضرين لتوديع أبنائهم إلى المدرسة البعيدة، في ذلك الوقت، لو لم أكبح جماح نفسي، لكنت بكيت كطفل أمام والدي. وهل صحيح أن المعلم اعتنى بي كأب خلال السنوات القليلة الماضية؟ لاحقًا، أصبحتُ معلمًا، وصحفيًا مشهورًا... لكن كلمات المعلم ومشاعره رافقتني طوال حياتي. كانت تلك هبة من الحياة، واعتززتها إلى الأبد...
في الحياة، وخلال سنوات الدراسة، يمرّ الكثيرون بتجارب رائعة، كحلم جميل في شبابهم، براق وحقيقي. تتذكر السيدة هـ. دائمًا صورة المعلم العجوز الذي كان يُدرّس الصف الأول الابتدائي قبل سنوات. كان الفصل الدراسي بجانب جدول، والكراسي مصنوعة من أنابيب الخيزران، والمكاتب مقطوعة من شجرة الكابوك عند مدخل القرية. كان المعلم عجوزًا، لطيفًا، وله خط يد جميل ورفيع. تعلمت منه الحروف الأولى. تتذكر ذات مرة، لأنها كانت متعبة جدًا (مشيًا في الطريق الطويل إلى الفصل على التل والغابة)، حوالي الساعة العاشرة، غفت على دفتر التلوين والكتابة. في نومها المتقطع بسبب التعب والجوع، سمعت المعلمة تُذكّر طالبة تجلس بجانبها بأخذ الدفتر عن رأسها (حتى أن المعلمة ساعدتها على رفع رأسها). بعد أن أخذته، تركتها المعلمة تنام وحدها حتى انتهاء الدوام. في ذلك اليوم، على الدفتر الملطخ بالتراب والعرق، كانت هناك سطور كتبتها المعلمة لتتدرب على الكتابة. السطور المكتوبة بالحبر الأحمر الناعم الجميل...
لاحقًا، درست هذا التخصص أو ذاك، ثم درست موادًا أخرى عديدة، وعاشت حياة مستقرة، لكن الفصل الدراسي بجانب النهر، بلفتات المعلمة الواعية وعنايتها، جعلها تتذكره للأبد. صحيح أن "القصص الجديدة" لاحقًا أحزنتها هي وكل من عرفها، حين شوّه أحدهم صورة المعلم ومهنة التدريس هنا وهناك. مثل ابنتها التي أحضرت طفلها إلى المدرسة بوجه حزين: "ربما سأضطر لتغيير الفصل من أجل الطفل. أي نوع من المعلمات تلك التي عندما حملته، لم تتكلم، لم تبتسم، كان وجهها باردًا! حتى الطفلة شعرت بالقشعريرة، فما بالك بالطفلة نفسها. كان من حقها أن تبكي بصوت عالٍ. لا أعرف إن كان هناك أي تنمر في الفصل. كيف يمكن لشخص ألا يضحك؟ إذا كان لا يضحك، فلماذا اختار هذه المهنة؟". كما أن مزاج ابنتها جعلها قلقة. آمل أن يكون هذا مجرد مظهر خارجي... لأن القيم الجوهرية للمعلم، وللمهنة، محفورة على مر السنين، في ذكريات وقلوب الكثيرين. إنها بمثابة نغمة موسيقية خضراء زاهية يتردد صداها إلى الأبد...
بوي هوي (بحسب موقع هوا بينه الإلكتروني)
[إعلان 2]
المصدر: https://baophutho.vn/ky-uc-xanh-ngoi-225169.htm
تعليق (0)