خلال الأيام التي لامس فيها فيلم "المطر الأحمر" قلوب ملايين المشاهدين في دور العرض، أتيحت لي فرصة العودة إلى نغي آن، والمشاركة في رحلة ميدانية إلى موقع ترونغ بون التاريخي الوطني. إذا كان فيلم "المطر الأحمر" يُعيد إحياء المعركة الشرسة في قلعة كوانغ تري، حيث امتزجت دماء وعظام أعداد لا تُحصى من الفيتناميين في نهر تاش هان، فإن ترونغ بون كانت أيضًا أرض الدماء والنار، حيث سقط آلاف المتطوعين الشباب والجنود والعمال للحفاظ على حيوية الحياة وعودة السلام .

في ظهيرة يوم حار في نغي آن، تعثرت خطواتي، وامتزجت دموعي بالعرق عندما سمعتُ بنبأ استشهاد 13 شابًا متطوعًا من السرية 317 في الساعة 6:10 صباحًا يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 1968. في غضون ساعات قليلة (ابتداءً من الساعة 12:00 من صباح 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1968، وفقًا للتوقيت الأمريكي، ستتوقف الولايات المتحدة عن قصف الشمال دون قيد أو شرط لبدء مفاوضات السلام في باريس)، أكملت إحدى عشرة فتاة وشابان في العشرينيات من عمرهما مهمتهم، وبدأوا خططًا جديدة في حياتهم، لكن 172 قنبلة أمريكية أُلقيت حولتهم إلى خالدين. أما الآثار المتبقية (أذرع ملفوفة بأوشحة، وإعلانات قبول في المدارس، وصنادل بلاستيكية، وقمصان عسكرية باهتة...) فقد أصبحت دليلًا تاريخيًا لا يُمحى.
إذا كان فيلم "المطر الأحمر" يصوّر ضراوة الحرب وروح الصمود التي تحلّى بها الجيل السابق، فإن هذا الواقع يتجلى اليوم في ترونغ بون، في كل قبر، في كل شبر من الأرض الغارقة في الدماء. في الليلة التي سبقت يوم التضحية، كان الرفاق يذكّرون بعضهم البعض: "لم يبقَ إلا يوم واحد أخير، بعد أن قضينا مئة يوم وليلة دون خوف، فماذا يهمّنا غير ذلك...". لكن ذلك الفجر لم يأتِ في الوقت المناسب للأبناء الثلاثة عشر الشجعان. لقد تحوّلوا إلى وطن، وأصبحوا "علامات حية" تُرشد المركبات، مساهمين في انتصار الأمة، وكاسرين إرادة العدو في الغزو.
اليوم، في حرم موقع ترونغ بون التاريخي، الذي تبلغ مساحته 220 هكتارًا، عادت الحياة إلى طبيعتها. لكن من يُشعل البخور عند المقبرة الجماعية لـ 13 شهيدًا بطلًا لا يستطيع كبح جماح مشاعره. أصبحت ترونغ بون، إلى جانب قلعة كوانغ تري وتقاطع دونغ لوك، "عنوانًا أحمر" يُخلّد ذكرى الخسارة والألم، ولكنه يتألق أيضًا ببطولته الثورية. منح الحزب والدولة لقب بطل القوات المسلحة الشعبية لمجموعة من 14 شابًا متطوعًا من السرية 317 - N65 (نجا جندي واحد من القصف). هذا ليس مجرد اعتراف بالإنجازات العظيمة، بل هو أيضًا تذكير للأجيال الحالية والقادمة بقيمة السلام.
عند وصولنا إلى ترونغ بون، لا نُحيي ذكرى الشهداء فحسب، بل نُعيد إحياء جزء من "المطر الأحمر" في الواقع. لأنه سواءً في كوانغ تري أو نغي آن، في أي أرضٍ غارقة بدماء أجدادنا، هناك حقيقةٌ ثابتة: لقد كرّس الشباب الفيتناميون أنفسهم بالكامل ليبقى الوطن خالدًا، وليعيش شعبه في استقلالٍ وحرية.
نجوين باو توان
مدير مركز عمليات مرشدي الرحلات السياحية في فيتنام، مجموعة فيترافيل
المصدر: https://www.sggp.org.vn/mua-nay-den-voi-truong-bon-post813984.html
تعليق (0)