لوحة "نهر العطور" (1902) للفنان بوشو |
في الذاكرة الفنية، يُرجَّح أن الرسامين الفرنسيين الذين زاروا الهند الصينية أواخر القرن التاسع عشر هم أول من رسموا نهر العطور. ويُعتبر غاستون روليت الرسام الفرنسي الذي يُعتَقَد أنه أقدم من قدم إلى هوي للرسم. في أواخر عام ١٨٨٥ وأوائل عام ١٨٨٦، زار روليت هوي خلال رأس السنة في بينه توات، ورسم العديد من اللوحات، بما في ذلك بعض اللوحات لنهر العطور. وفي عام ١٩٠٢، عُرضت لوحة للرسام الفرنسي باوشود تُصوِّر نساءً عائدات من السوق، مُجتمعات على ضفاف نهر العطور، مُستعدات لركوب قارب.
في عام ١٩٠٧، جاء الفنان تشارلز أولمان إلى هوي ورسم لوحة "نهر العطور في هوي"، مصورًا مشهدًا هادئًا لنهر العطور مع صفوف من الأشجار الخضراء تنعكس على الماء. في الأعلى، السماء زرقاء، والغيوم بيضاء، والجبال بعيدة. بالنظر إلى هذه اللوحة، يمكن للمرء أن يتخيل قوارب هوي على نهر العطور في الماضي، ولم تكن القوارب المغطاة والمكشوفة في الماضي مختلفة كثيرًا عن اليوم، على الرغم من مرور أكثر من ١٠٠ عام. في عام ١٩١٤، رسم الفنان غوستاف مارتينيان سالجي صورة لقوارب نهر العطور بالزيت على القماش. في عام ١٩٢٤، جاء الفنان فيكتور تارديو إلى هوي وترك للأجيال القادمة لوحة زيتية بعنوان "السوق بجانب رصيف النهر". تصور اللوحة قوارب نهر العطور مع مراسي قريبة من بعضها البعض.
كان أوائل الفنانين الفيتناميين الذين رسموا لوحة "نهر العطور" هم أولئك الذين درسوا في كلية الهند الصينية للفنون الجميلة. في ذلك الوقت، تعرّف الفن الفيتنامي لأول مرة على تقنيات الرسم الزيتي والألوان الجذابة والمنظورات الغربية، لكنهم كانوا يحملون في قلوبهم الجمال الكلاسيكي للوحات الشعبية ولوحات الحرير. وهكذا، دخل نهر العطور إلى عالم الرسم كفتاة خجولة، ليشكل خلفية لقصة هوي.
في عام ١٩٣٢، جاءت الرسامة ماي ترونغ ثو، وهي فنانة بارزة من كلية الفنون الجميلة في الهند الصينية، إلى هوي للتدريس، ورسمت لوحة "امرأة ترتدي قبعة مخروطية على ضفاف النهر" الشهيرة. يجمع هذا العمل بين الواقعية والرومانسية. في هذه اللوحة، تبدو مساحة نهر العطور كخلفية شاعرية. خلف المرأة، سطح مائي هادئ وواسع، يعكس ظل قارب. هذه المساحة مستوية وهادئة، تستحضر الطبيعة الحقيقية لنهر العطور بتدفقه الهادئ واللطيف في قلب هوي. استخدمت ماي ترونغ ثو ألوانًا فاتحة كالأخضر والأزرق الرمادي والبني الداكن لإعادة إحياء خلفية النهر الهادئة والبعيدة. لا تقتصر هذه الألوان على كونها خلفية لشخصية المرأة فحسب، بل تضفي على اللوحة بأكملها طابعًا شعريًا. وعلى هذا النهر، يظهر القارب كصورة ظلية للحياة على سطحه. للقارب سقف منحني، وعلى جانبه صورة ظلية لشخص يرتدي قبعة مخروطية، تُجسّد حياة النهر في هوي القديمة. هذه هي العبارات، عبارات الركاب، أو السفن الشراعية التي تنجرف يوميًا. تضع هذه التفصيلة المرأة في السياق الثقافي المناسب لهوي، على طول نهر العطور، وتصبح رمزًا لهوي.
بعد الحرب، ومع دخول فن الرسم بالألوان المائية مرحلة جديدة، عاد نهر العطر للظهور بألوان الفنان دينه كونغ الحنينية. في عينيه، لم يعد نهر العطر يكشف عن شكله الكامل، بل ظهر فقط في طبقات من الألوان الضبابية والغامضة. قد لا يرى الناس النهر تحديدًا، لكنهم يستطيعون تمييزه من الحزن المتراكم، من ألوانه المائية التي تتدفق كحبر في حلم.
رسم دينه كوونغ نهر هونغ في الذاكرة، حيث لا يتدفق الماء بالضرورة مع الواقع، ولكن مع الحنين إلى الماضي. في لوحة "على الجانب الآخر من النهر"، تظهر الأسطح والجبال في المسافة مثل الذكريات البعيدة، ودرجات اللون الرمادي الفضي كما لو كانت موجودة فقط في الذاكرة، وليس الواقع. يمكن القول أن الألوان هنا ليست واقعية ولكنها رمزية. يصبح نهر هونغ حدودًا للذاكرة، على هذا الجانب فتاة صغيرة تجلس في الحاضر، وعلى الجانب الآخر ذكرى بعيدة. في لوحة "اتبعني إلى هوي"، لا يعد نهر هونغ منظرًا طبيعيًا فحسب، بل هو أيضًا الروح، وتدفق هوي. ينضح مزيج الألوان الأزرق والأخضر والأرجواني بالشعر والموسيقى، مما يخلق "نهرًا غنائيًا" قارنه العديد من الشعراء بالحبيب أو الأم أو الفتاة الصغيرة النائمة وتحلم.
في السنوات التي تلت عام ١٩٩٠، بدأ العديد من فناني هوي في استخدام نهر العطور في لوحاتهم حفاظًا على صورة وطنهم. رسم الرسام نجوين فان توين العديد من لوحات القوارب ومياه نهر العطور. في نظره، نهر العطور هو نَفَسٌ يومي، بقواربه الوحيدة والصابرة، وأزهاره المتفتحة التي ترمز إلى حياة قوية، وعالم من الضباب والدخان في لوحات هذا الفنان الهادئ. في عام ٢٠٢٥، استعاد متحف هوي للفنون الجميلة لوحته "نهر العطور والقلعة القديمة".
منذ عام ٢٠٠١، عاد الفنان الفرنسي جيرالد غوريدج إلى هوي سبع عشرة مرة على الأقل. وقد "أُسر بنهر العطور بشكل لا يُوصف"، ومن هنا وُلدت "مجموعة لوحات نهر العطور". إنها ثمرة إلهام وإبداع دؤوب.
كثيراً ما يقول أهل هوي: "نهر العطر أم". أمٌّ رقيقة، أمٌّ صبورة، أمٌّ صامتة تشهد على كل أفراحها وأحزانها. الرسم مرآةٌ لنا نرى فيها وجه تلك الأم من خلال كل جيل من الرسامين. وعندما نقف أمام تلك اللوحات، أحياناً لا نرى الألوان، بل نرى أنفسنا نندمج في الماء. لأن نهر العطر، أكثر من مجرد مادة فنية، هو الذاكرة الجماعية لمدينة، والحنين المشترك لكثير من الناس. نهرٌ يعرف كيف يتحول إلى فن، تلك هي روح هوي.
المصدر: https://huengaynay.vn/van-hoa-nghe-thuat/my-thuat-dieu-khac/song-huong-trong-hoi-hoa-158483.html
تعليق (0)