لطالما كانت أسواق كاي رانغ وفونغ دين وخليج نغا العائمة صورة مألوفة في قلوب كل طفل في منطقة الجنوب الغربي. تقع هذه الأسواق العائمة في قلب منطقة النهر الشاسعة، وهي ليست مجرد مكان لتجارة المنتجات الزراعية، بل تحافظ أيضًا على جزء كبير من الهوية الثقافية وأسلوب حياة سكان منطقة النهر وتعكسه. يُعد سوق كاي رانغ العائم، أحد أكبر الأسواق العائمة في دلتا نهر ميكونغ، والمعترف به كتراث ثقافي وطني غير مادي منذ عام ٢٠١٦، وجهة تجذب آلاف السياح سنويًا. من منظور ثقافي وسياحي ، تشهد الأسواق العائمة في الغرب تطورًا مستمرًا، بينما تواجه أيضًا تحديات في الحفاظ على قيمها الفريدة وتعزيزها.
لقد رسخت أسواق الصباح الباكر على نهري كاي رانغ أو فونغ دين الواسعين في نفوس الغربيين طابعًا ريفيًا وعميقًا. ورسمت صورة القوارب المحملة بالمنتجات الزراعية والفواكه وهي تنزلق برقة على سطح الماء الهادئ صورةً نابضةً بالحياة، حيث يلتقي الناس ويتبادلون الخبرات ويتواصلون. ليس هذا مجرد مكانٍ بسيط للتجارة، بل هو أيضًا مساحةٌ اجتماعيةٌ نابضة بالحياة، تعكس بوضوح ثقافة وأسلوب حياة سكان الأراضي الرسوبية. الحياة في السوق العائم، كحياة الغربيين، بسيطةٌ وصادقة. لا يحتاج البائعون والمشترون إلا إلى تبادل التحيات الودية، مما يخلق جوًا من التناغم والإنسانية. إنها ميزةٌ لا تُنسى يشعر بها كل سائحٍ يزور هذا المكان، مما يُسهم في جاذبية السوق العائم الغربي القوية.
منظر سوق لونغ شوين العائم. الصورة: مُجمّعة
تُعدّ أسواق الغرب العائمة رمزًا ثقافيًا نابضًا بالحياة لدلتا ميكونغ، إذ تعكس باستمرار نمط الحياة والعادات والعلاقة الوثيقة بين الناس والطبيعة. ترتبط الحياة على ضفاف النهر بالأسواق المزدحمة، حيث تنتقل مهارة التحكم في القوارب أو أساليب التجارة التقليدية عبر الأجيال. من استخدام الأعمدة للترويج للمنتجات إلى طرق التوصيل الفريدة، خلقت جميعها طابعًا فريدًا، يختلف عن أي سوق آخر. يساعد الارتباط بالأنهار شعب الغرب على تطوير قيم ثقافية فريدة، مما يُثري كنز التراث الثقافي غير المادي للأمة.
للحفاظ على الأسواق العائمة وتطويرها في الغرب، من المهم الحفاظ على مجتمع التجار، أي أولئك الذين يشاركون مباشرةً في الأنشطة التجارية في السوق. ومع ذلك، في ظل الظروف الحالية، يتناقص عدد التجار نتيجةً لتأثير العوامل الاقتصادية وتطور حركة المرور. ومع تطور نظام السدود على طول الأنهار، لم تعد تجارة البضائع عبر النهر مريحة كما كانت في السابق. وهذا لا يقلل فقط من كثافة القوارب في السوق، بل يُقلل أيضًا من الأنشطة الثقافية التقليدية المرتبطة بالسوق العائمة.
في ظل هذا الوضع، أطلقت مدينة كان ثو مشروع "الحفاظ على سوق كاي رانغ العائم وتطويره" عام ٢٠١٦، بهدف الحفاظ عليه كسوق جملة زراعي نموذجي في دلتا ميكونغ. إلا أن التحدي في الحفاظ على السوق العائم لا يكمن فقط في البنية التحتية، بل أيضًا في العوامل الثقافية، التي يشكل التجار جوهرها. وهذا يتطلب من الحكومة والجهات المعنية وضع سياسات وحلول مناسبة، والحفاظ على القيم الثقافية التقليدية للسوق العائم، وتطوير السياحة بشكل مستدام.
سوق كاي رانغ العائم - كان ثو. الصورة: مُجمّعة
يُعدّ الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي للأسواق العائمة فرصةً لتطوير السياحة الثقافية. فالعلاقة بين الثقافة والسياحة يمكن أن تُسهم في زيادة القيمة الاقتصادية للثقافة، وتوفير سبل عيش مستدامة للمجتمعات المحلية. وقد طرحت وكالات السفر وشركات السياحة العديد من الأفكار لتطوير مساحات الأسواق العائمة بما يخدم السياحة. ومن بين المقترحات إنشاء نموذج لسوق ليلي على النهر، مما يُتيح للسياح مزيدًا من الوقت لتجربة واستكشاف نمط حياة السكان المحليين. وفي الوقت نفسه، فإن تطوير منتجات سياحية نموذجية، مُشبعة بالثقافة الغربية، من شأنه أن يُسهم في استقطاب السياح لفترة أطول، ويزيد من دخل السكان المحليين.
على الرغم من الفوائد الاقتصادية لتنمية السياحة، من المهم الحفاظ على الهوية التقليدية للأسواق العائمة. فظهور العناصر التجارية قد يُفسد جمالها البكر، ويُفقدها أصالتها الأصيلة. إن الحفاظ على القيم الثقافية غير الملموسة للأسواق العائمة في الغرب وتعزيزها لا يقع على عاتق السلطات المحلية فحسب، بل يتطلب أيضًا تعاون السكان ومجتمع السياحة. فالسكان الأصليون هم من يحافظون على ثقافة الأسواق العائمة وينشرونها، حفاظًا على هذا التراث حيًا في قلوب السياح.
مهما مرّ الزمن، سيظل السوق الغربي العائم رمزًا ثقافيًا مميزًا، ملتقىً للقيم الروحية والإنسانية والتعلق بالطبيعة لدى الشعب الغربي. في إطار التراث الثقافي غير المادي لفيتنام، سيظل السوق الغربي العائم معلمًا فريدًا، يجذب الزوار ويترك انطباعًا لا يُنسى في قلوب كل من زاره. إن الجهود المبذولة للحفاظ على قيمة هذا التراث الثقافي وتعزيزها ستجعل السوق الغربي العائم ليس مجرد ذكرى، بل فخرًا للشعب الفيتنامي، وجزءًا لا يتجزأ من المشهد الثقافي المتنوع للبلاد.
تعليق (0)