حملت أمي العشب من السد، وامتد ظلها على المنحدر في منتصف التل، يتبع خطواتها السريعة. انعطفت أمي يسارًا إلى الطريق الترابي، وظهرها غارق في عرق قميصها القماشي. حملت جدتي من المطبخ سلة بطاطا حلوة مسلوقة. اجتمعت العائلة كلها، وحكيتُ لها عن آخر أيام الدراسة في الصف الثالث، وعن زهور الفينيق المتساقطة التي تُحوّل فناء المدرسة إلى اللون الأحمر. كانت زهور الفينيق تحترق كل صيف، كشوقٍ لسنوات الدراسة وشوقٍ لسنواتٍ مضت.
في الصف الثالث، كنت قد بلغت الثامنة للتو، وكنت أذهب كثيرًا إلى منزل ها المجاور لمنزلي، ألعب مع أطفال الحي حتى حلول الظلام. كان ها يجمع أوراق الجاك فروت لكسب المال، وأعد نهونغ كشكًا للألعاب لبيعها. تم طحن بعض الطوب الصغير بسلاسة لصنع الأرز، وكان دوي يصنع الأواني والمقالي من الطين المجفف. كان دوي أخرق ولكنه ماهر، وكانت كتل الطين الراكدة من خلال يديه تتشكل جميعًا، إلى كتل. كيف يمكنني أن أنسى عينيه المتحولتين في كل مرة يبتسم فيها، قال دوي إنه عندما يكبر سيطلب من ها أن تكون زوجته. كانت ها جميلة بعيون مستديرة كبيرة وابتسامة صافية، وتهز رأسها بالموافقة؛ صنع دوي بسعادة زهرة من الطين لها؛ اشترت ها الزهرة بكل الأموال من أوراق الجاك فروت التي قطفتها للتو من الحديقة.
بدا ضوء شمس أوائل الصيف أكثر سطوعًا، حيث أضاء بوضوح قطرات الندى المعلقة على أطراف العشب. كنا نحن الأطفال في إجازة من المدرسة، لذا دعونا بعضنا البعض إلى البركة بجوار منزل السيد بان، حيث كان هناك سياج متناثر، لاصطياد اليعسوب للسماح له بعض سرتنا والسباحة بحرية. قال ها إن اليعسوب نادر جدًا، ومن يمسكه سيكبر ليصبح جنية. لقد صدقت كلمات ها، لذلك مشيت على أطراف أصابعي على قدمي العاريتين، وأشعة الشمس تشرق على خدي الورديتين، محاولًا الإمساك باليعسوب الذي هبط للتو على السياج المتمايل. تموج سطح البركة، وطار اليعسوب بعيدًا. ندمت لأنه لم يكن في متناول إصبعي لأمسكه، وعيناي تتبعان الأجنحة الرقيقة المتمايلة.
قالت أمي إن اليعاسيب التي تحلق على ارتفاع منخفض تعني المطر، والتحليق عالياً يعني الشمس، والتحليق بين الأجنحة يعني الظل. نشأتُ على سماع الأغاني الشعبية التي كانت أمي تغنيها، والتهويدات التي لا تنتهي بجانب الأرجوحة. في الحكاية الخيالية، نجد جنياً وجنيةً يصنعان المعجزات كل ليلة، وتاماً لطيفاً يخرج من ثمرة نجمة. الأيام المشمسة تؤدي في النهاية إلى أيام ممطرة، مطر الصيف ينهمر على الأفق الأبيض. بعد ذلك بوقت طويل، أتذكر تلك الأيام الممطرة، متسائلاً عن سبب كل هذا الرعد والبرق في الماضي. عادت أمي من قطف الفاصوليا، ووقعت في عاصفة مطرية، غارقةً في كل مكان. جلستُ مع جدتي نطهو قدراً من الأرز اللزج العطري، في المطبخ الممتلئ بالسخام.
في ذلك اليوم، سألتني: "هل ستسمح لي نا بالزواج؟ ما زلتُ شابًا، وسأعود لزيارتها بعد زواجي". لم أعرف كيف أحزن، فأومأت برأسي موافقًا لإسعادها. جرف المطر المتساقط بلاط السقف القديم، وحاول القش الجاف أن يحرق نفسه ويتحول إلى رماد ثم إلى نار. سرتُ طوال الصيف لأتذكر، لأضحك لأكمل طفولتي.
يوم زواج أمي، مزّق مطر الصيف النهر، وتمايلت العبارة وهي تغادر الرصيف. حدّقتُ بأمي في فراغ، عاجزةً عن التعبير عن فرحي، وامتلأت عيناي وشفتاي بالحزن، وكدتُ أبكي. اشتاقت أمي لابنتها كثيرًا، فكانت تأتي لزيارتي كثيرًا، وظلها يطلّ على السد، تقود الدراجة بينما تغرب الشمس ببطء. جلست عائلتي بأكملها قرب المطبخ الدافئ، ونارٌ تُوقد من القشّ الجاف. كانت قصة الحياة غير متوقعة، وانطبعت المصاعب على يدي أمي المتصلبتين. كتمت تنهيدة، ومرّ ظهيرة الصيف سريعًا؛ همهمتُ ورددتُ درس الكتاب المدرسي، وأريتُ أمي امتحاني الأدبي ذي التسع درجات. ابتسمت أمي بلطف، وهي تداعب خدي الممتلئين، وقد مرّت سنواتي الثماني تدريجيًا...
تتفتح أزهار البونسيانا الملكية حمراء مع الفصول، ونكبر مع مرور الوقت. نهونغ، صديقتي القديمة التي كانت تلعب بالبيت والطين؛ لحقت بوالديها إلى المنطقة الاقتصادية الجديدة البعيدة، ولم تسنح لها فرصة اللقاء مجددًا. لم تُكمل ها دراستها، بل تزوجت على الضفة الأخرى من النهر. في ذلك اليوم، بكى دوي، مُعاتبًا ها على عدم الوفاء بوعدها. لطالما كان دوي صديقًا طفوليًا، لم ينضج قط، رغم تجاوزه الثلاثين. لم يستطع دوي أبدًا فهم قصة حياتها، فكانت دموعه دائمًا مالحة، فقد ذاق مرارة كل ما فيها.
حلّ الصيف من جديد، وزقزقة حشرات السيكادا تُعيد إلى الأذهان ذكريات الماضي. يحمل النهر طميًا ثقيلًا، ولم تعد أمي تُكافح للتنقل بين مدينتيها، ولم يعد الظل يُلقي بظلاله على منحدر السد في ظهيرة مُشمسة؟ نشأتُ على زقزقة أصدقائي، من المطبخ الدافئ المُفعم بتعاليم جدتي؛ وأمسيات انتظار أمي من بعيد، لأشعر بقلبي يرفرف كشمس الصيف.
المحتوى: ثانه نجا
الصورة: كويت ثانغ TH الإنترنت
الرسومات: ماي هوين
المصدر: https://baothanhhoa.vn/emagazin-nhung-ngay-he-troi-253193.htm
تعليق (0)