بعد فوزه على هونغ كونغ الذي نال انتقادات أكثر من الإشادات، يستعد المنتخب الفيتنامي لمواجهة سوريا في 20 حزيران/يونيو. ستكون مباراة ودية، ولكن إذا لم يفز المدرب فيليب تروسييه وفريقه، فإن الضغوط ستزداد.
إن الضغوط مفهومة، لأنه عندما تولى السيد تروسييه منصب التدريب، كان الفريق الفيتنامي قد بدأ في التراجع من حيث الأداء وأسلوب اللعب، لكن مطالب المشجعين ظلت كما هي.
لقد رسم النجاح والفشل في عهد سلفه بارك هانغ سيو حدود كرة القدم الفيتنامية بوضوح، حيث وصل الفريق إلى الدور الثالث من تصفيات كأس العالم، أو نهائي أو نصف نهائي كأس اتحاد آسيان لكرة القدم. وبالمقارنة مع ما كان عليه قبل خمس سنوات، قطع المنتخب الفيتنامي شوطًا طويلًا، ولكن للوصول إلى كأس العالم، لا يزال أمام اللاعبين رحلة أطول.
يتخذ فريق فيتنام خطواته الأولى مع السيد تروسييه.
لتجاوز هذه الحدود، اختارت كرة القدم الفيتنامية مدربًا ذا فلسفة كروية متطورة. يُعد تغيير هذه الفلسفة، التي لا تُمثل التكتيكات سوى جزء بسيط منها، شرطًا أساسيًا لتحقيق هذا الإنجاز. وجّه المدرب تروسييه الفريق الفيتنامي إلى أسلوب لعب يعتمد على التحكم بالكرة، من خلال تطوير الكرة تدريجيًا من الدفاع، واستغلال المساحات بالتمريرات... وهو ما يتناقض مع أسلوب اللعب العملي القائم على الهجمات المرتدة، مع التركيز على الأمان، والاستفادة بشكل رئيسي من انتقالات الكرة عند فقدان الخصم للكرة التي بناها المدرب بارك هانغ سيو.
لكل تكتيك أو أسلوب لعب مزاياه وعيوبه، والأهم هو الهدف من استخدامه والاستمرار فيه. أشار المدرب تروسييه إلى أنه للتنافس بنزاهة مع أفضل الفرق في آسيا (وهي خطوة لا بد منها للتأهل إلى كأس العالم)، من الضروري السيطرة على المباراة واتباع أسلوب لعب أكثر منهجية وتقنية.
يتطلب هذا الأسلوب من اللعب وقتًا أطول لبناء الهجمة مقارنةً بالهجمات المرتدة الدفاعية، وهو خيار شائع لدى الفرق الصغيرة والمتوسطة. وللسيطرة على اللعب، يجب على الفرق قضاء وقت طويل في صقل مهارات لاعبيها الفنية والتكتيكية، والتدرب بجد لإيجاد التناغم في توزيع الكرة، أو التنسيق عند تنسيق الهجمات.
المدرب تروسييه
على العكس، فإن اللعب الهجومي دائمًا ما يكون أكثر عرضة للفشل من اللعب المرتد، إذا كان أداء اللاعبين ضعيفًا. ولأن أسلوب عمل الفريق معقد للغاية، إذ يتطلب دائمًا الضغط على التشكيل عاليًا وتمرير الكرة كثيرًا، فإن خطر فقدان الكرة والتعرض للعقوبة يكون أعلى منه عند اللعب المرتد.
الدقائق التسعين التي سبقت مباراة هونغ كونغ خير دليل على ذلك، حيث كان الفريق الفيتنامي مُهددًا باستمرار بالتسجيل، وهو أمر نادر الحدوث تحت قيادة المدرب بارك هانغ سيو عندما يواجه الفريق الفيتنامي الفرق الأضعف. في المباراة القادمة ضد المنتخب السوري، من المرجح جدًا أن يواصل كونغ فونغ وزملاؤه تحمل ضغط الخصم وتشكيك الجمهور بسبب أسلوب اللعب هذا.
ومع ذلك، من خلال اختيار أسلوب اللعب القائم على التحكم بالكرة، يقبل المدرب تروسييه الدخول في مسار شائك، متحديًا القيم الأساسية التي بناها السيد بارك ذات يوم لإنشاء فريق جديد.
الخروج من منطقة الراحة ليس سهلاً أبدًا، وخاصةً في كرة القدم، حيث لم يعد الصبر كما كان في السابق. لكن كرة القدم دائمًا هكذا، كما يقول المثل "روما لم تُبنَ في يوم واحد"، يحتاج الاستراتيجي الفرنسي ولاعبوه إلى الوقت لوضع اللبنات الأولى.
يحتاج الفريق الفيتنامي إلى وقت طويل لاستيعاب أسلوب التحكم في اللعب.
النجاح الباهر للمدرب بارك هانغ سيو ليس نمطًا شائعًا في كرة القدم. بعد سنوات من التطور السريع، تحتاج كرة القدم الفيتنامية إلى الانتقال إلى مرحلة من التقدم البطيء والمطرد، مع مراقبة الوضع بهدوء وقبول التغييرات، ومن ثم مواصلة التقدم. لا يمكن دائمًا أن تكتفي بالركض والجري.
الأهم هو الثقة بفنجان القهوة الذي يُحضّره السيد تروسييه للفريق الفيتنامي. قد تكون القطرات الأولى مُرّة، لكن الطعم الحقيقي لا يُشعر به إلا عندما تتدفق قطرات القهوة تدريجيًا في الحلق. غالبًا ما لا تُثير أفضل النكهات براعم التذوق فورًا، بل تحتاج إلى وقت لتتغلغل.
لكي يتحكم أي فريق قوي في الكرة بسلاسة، فقد مرّ بفترة طويلة من دفع ثمن الإخفاقات، على سبيل المثال اليابان وكوريا الجنوبية والمملكة العربية السعودية وأستراليا، أو مؤخرًا قطر المضيفة التي استثمرت مليارات الدولارات، لكنها خسرت جميع مبارياتها الثلاث في كأس العالم 2022. الفرق بين الفريق القوي هو أنه يجرؤ على دفع الثمن والتمسك بمبادئه، بينما لا تفعل الفرق الأخرى ذلك.
لا يزال أمام الفريق الفيتنامي طريقٌ شاقٌّ للغاية. الخيار الوحيد أمام السيد تروسييه وطلابه هو التكاتف والتمسك بالأمل.
[إعلان 2]
رابط المصدر
تعليق (0)