أكثر من مجرد ذكرى عابرة، لكنها مفعمة بالشغف، لربيعٍ نضج للتو، وامتلأت سماءه برائحة أرجوانية خافتة من أشجار زان مسقط رأسي، وأشجار القطن تشعل النيران في الحقول بعد ليلةٍ أضاءت فيها اليراعات المصابيح ونثرت بذور الأغاني الشعبية. أتذكر، أتذكر مجددًا، خيطًا شعريًا علق في أيام دراستي عندما لم أعد ساذجة. "تطير اليراعات إلى أزهار القطن الحمراء/ أمي في المنزل خلعت معطفها القطني..." بنى الشاعر هو ثينه جسرًا من الحب لأمه من آثار الدبابات إلى حملةٍ كهذه. يراعات. وميض. أزهار قطنية. قلق. أمي. خلعتُ للتو معطفي القطني المبطن القديم الذي ارتدته أمي طوال الشتاء البارد ليجف في الشمس، ووُضع في صندوق.
زهرة زان (مصدر الإنترنت)
ربما هناك الكثير من جنود جيلي يفتقدون أمهاتهم كذلك. طريق الحرب مليء بالمصاعب، وقليل من لحظات الهدوء للأمهات. لذا عندما نفتقد أمهاتنا، نتمسك بصور لا تُنسى. أم مارس في سنوات الفقر المدقع، والبلاد لم تنعم بالسلام بعد، والهموم تنتشر في كل مكان عشية الحصاد.
يدفأ الجو ليخفف عن أمي برد الشتاء، لكن من الصعب مواساتها وأطفالها لا يزالون في ساحة المعركة. تعلم أن أمها تتوق، تتوق ليل نهار لعودة أطفالها. في أي يوم، في أي فصل، في أي شهر، يمكن لأطفالها العودة إلى حيث غادروا. دع أمك تطبخ لك طبق أرز برائحة الحطب، حتى لو كان آخر طبق أرز قديم متبقٍ في قاع الجرة. تأمل أمها...
مع العلم بذلك، ليس كل الأطفال يعودون إلى أمهاتهم. الحرب، كما كتب كاتب ذات مرة، ليست مزحة. إنها قاسية، أشد قسوة من أي قسوة أخرى. يجلب الربيع معه حملات شرسة، وتضحيات لا تُحصى؛ يحمل العديد من الجنود صور أمهاتهم إلى عالم آخر. سقطت دموعي ذات مرة على اليراعات، وأزهار القطن، وضفة النهر، وقميص أمي القطني المبطن. يا مارس!
٢. مارس. الشمس لم تعد تُزهر. ثدي مارس، الفتاة الصغيرة، سيكونان على أهبة الاستعداد لدخول حلمي الجديد. أستيقظ، وأشعر بالندم على الفراغ الغريب. آه، قميص مارس قد بنى لي برجًا من الشباب، أشعرني بالدوار كما لو كنت أقف أمام قصر من حكايات الجنيات. أحب حصة الأدب أكثر من حصة الرياضيات. أنظر إلى مارس على الطاولة المجاورة، تبدو وجنتاها أكثر إشراقًا.
الشعر أطول. ما أكثر يا مارس؟
هوا جاو - تصوير: صحيفة توين كوانج
هناك يومٌ في شهر مارس يُعيد إليّ ذكرياتٍ جميلة. التحقتُ بالجيش قبل أن أتمكن من إهداء زهور شهر مارس. بعد عقودٍ من الفراق، لا يزال شهر مارس ينتظرني بزهور القطن الحمراء وزهور الزان البيضاء. البنفسجي والأحمر. ما هو اللون الحقيقي لشهر مارس؟ لماذا أرغب في احتضان كليهما؟ كلا اللونين من أجل شهر مارس مليء بذكريات لا تُنسى.
أحضرتُ زهرتي مارس إلى ساحة المعركة. كتذكارٍ مقدس، ولأُنحت في نفسي رغبةً راسخةً في السلام . إيمانٌ بالخير وحبٌّ لمقاومة التراجع والانهيار. يُهزم الناس بسهولةٍ عندما لا يكون هناك أمل. نعم، كنتُ آمل أن تُزهر زهرتا الشوان والكابوك بسلامٍ في وطني يومًا ما. ولحسن الحظ، تحقق ذلك رغم كلِّفه الكثير.
٣. أمي وأختي. مهما بلغ حبي لكما، فهو لا يكفي... مارس!
نجوين هوو كوي
مصدر
تعليق (0)