
يُعد الصرع أحد أكثر الأمراض العصبية شيوعًا في العالم . في فيتنام، يُقدر عدد المصابين بهذا المرض بما يتراوح بين 500 ألف و700 ألف شخص، منهم 20% إلى 30% ممن لا يستجيبون للعلاج الطبي رغم استخدامهم العديد من مضادات الاختلاج (الصرع المقاوم للأدوية). ويُعد هذا أحد التحديات الرئيسية التي تواجه طب الأعصاب في السنوات الأخيرة.
من العلاج الطبي إلى الجراحة الحديثة
وفقًا للأستاذ المشارك، الدكتور نجوين مينه آنه، نائب مدير مستشفى جامعة الطب والصيدلة، لا يزال العلاج الطبي هو الأساس في إدارة الصرع. ومع ذلك، بالنسبة للمرضى المقاومين للأدوية، لا تكفي الأدوية وحدها للسيطرة على النوبات، مما يدفعنا إلى التفكير في أساليب تدخل جديدة أكثر أمانًا وأقل تدخلاً وأكثر فعالية على المدى الطويل.
لقد فتح ظهور الجراحة طفيفة التوغل، إلى جانب التعديل العصبي، آفاقًا واعدة. لا تستأصل هذه التقنية أنسجة الدماغ، بل تستخدم مُحفِّز العصب المبهم (VNS)، وهو جهاز صغير يُزرع تحت جلد الصدر، متصل بالعصب المبهم في الرقبة. عندما يُصدر الجهاز نبضات كهربائية خفيفة، تنتقل الإشارة إلى الدماغ، مما يُساعد على تنظيم نشاطه الكهربائي، وبالتالي يُقلل من وتيرة وشدة نوبات الصرع.

أجرى مستشفى جامعة الطب والصيدلة بنجاح أول عملية جراحية لتحفيز العصب المبهم في فيتنام لمريض مصاب بالصرع المقاوم للأدوية. المريض شاب يبلغ من العمر 17 عامًا، ويعاني من صرع مستمر منذ 15 عامًا. ورغم العلاج الطبي والجراحة، لا تزال أعراض الصرع تظهر من 5 إلى 10 مرات يوميًا.
بفضل تقنية تحفيز العصب المبهم (VNS) قليلة التوغل، والتي تتميز بشقوق صغيرة وفقدان دم قليل وفترة تعافي سريعة، يُمكن للمرضى مغادرة المستشفى بعد بضعة أيام. تُمثل هذه الجراحة الناجحة خطوةً مهمةً في علاج الصرع في فيتنام، مما يفتح آفاقًا جديدةً لتطوير جراحة الأعصاب المحلية على المدى الطويل.
وفقًا لنتائج أبحاث دولية، تُساعد طريقة تحفيز العصب المبهم (VNS) على تقليل وتيرة النوبات بنسبة 50% إلى 70% لدى أكثر من نصف المرضى بعد عام واحد من العلاج، مع تحسين جودة النوم والذاكرة والتركيز. ويُعدّ مستشفى جامعة الطب والصيدلة أول وحدة في فيتنام تُطبّق تقنية تحفيز العصب المبهم بنجاح.
قال الدكتور ترونغ ثانه تينه، رئيس قسم جراحة الأعصاب: "هذا النجاح ثمرة جهود بحثية وتعاونية وتحضير دقيق للموارد البشرية والمعدات والعمليات التقنية. فنحن لا نكتفي بتلقي التكنولوجيا فحسب، بل نعمل أيضًا على تحسينها لتلائم ظروف العلاج المحلية".

يُعد هذا إنجازًا هامًا، إذ يؤكد إتقان الفريق الطبي المحلي لتقنية معقدة تضاهي المعايير الدولية. ويمكن استخدام هذه الطريقة مع فئات عديدة من المرضى، وخاصةً الأطفال والمراهقين المصابين بالصرع المقاوم للأدوية، والذين كانت خيارات العلاج المتاحة لهم محدودة سابقًا.
تقريب التقدم الطبي من الناس
يعد البحث في دمج الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في إجراءات جراحة الأعصاب أحد الاتجاهات التنموية التي تركز عليها مستشفى جامعة الطب والصيدلة.
ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الموجات الدماغية، مما يساعد على تحديد مناطق النشاط غير الطبيعي بدقة، في حين تدعم تقنية الواقع الافتراضي المحاكاة الجراحية لتحسين خطط التدخل وتقليل المخاطر.
وأضاف الدكتور ترونغ ثانه تينه أنه في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، سوف يتجه جراحة الأعصاب في فيتنام نحو العلاج الشخصي، حيث سيكون لكل مريض بروتوكول تدخل منفصل مصمم على أساس البيانات العصبية للمريض والتغذية الراجعة البيولوجية.
قال السيد ترونغ ثانه تينه: "عندما نجمع بين التكنولوجيا الحديثة والخبرة الطبية، فإننا لا نعالج الأمراض فحسب، بل نستعيد أيضًا جودة حياة المريض بشكل كامل".

بفضل إتقان تقنيات الجراحة الأقل تدخلاً لعلاج الصرع المقاوم للأدوية، نجح مستشفى الطب والصيدلة بجامعة مدينة هوشي منه في جعل فيتنام واحدة من الدول الآسيوية القليلة التي يمكنها نشر هذه الطريقة بشكل مستقل.
ويساهم هذا الإنجاز في تخفيف أعباء المرض، ويوضح طموح الفريق الطبي في تحسين الطب في البلاد، وتقريب التقدم الطبي من الناس، بحيث تتاح لكل مريض الفرصة لعيش حياة أكثر إشباعاً، مما يفتح عصراً من العلاج الأكثر شمولاً للمرضى.
المصدر: https://nhandan.vn/tien-bo-trong-dieu-tri-dong-kinh-khang-thuoc-tai-viet-nam-post914947.html
تعليق (0)