يقع المغرب في شمال أفريقيا، على سواحل البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، على بُعد 13 كيلومترًا فقط من إسبانيا عبر مضيق جبل طارق، ويُعتبر جوهرة القارة السمراء. عاصمته الرباط، وأكبر مدنه الدار البيضاء، التي اشتهرت بالفعل بالأغنية والفيلم اللذين يحملان الاسم نفسه، ومراكش وجهة لا تُفوّت عند زيارة هذا البلد.
رواية القصص في ساحة جامع الفنا
النهوض بعد الانهيار
من مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، قدتُ سيارتي على الطريق السريع لأكثر من ساعتين إلى مراكش، التي وصفتها وسائل الإعلام العالمية في منتصف سبتمبر بأنها دُمّرت جراء أقوى زلزال منذ قرن. كانت أجزاء من المدينة لا تزال في حالة خراب. وفي المناطق النائية القريبة من مركز الزلزال، استمرت أعمال الإنقاذ.
شاركتني السيدة نجوين هوينه آي نهي (43 عامًا)، وهي فيتنامية نادرة تعيش وتعمل في مراكش، اللقطات التي سجلتها أثناء إحضار الطعام لدعم الناس في قرية تضررت بشدة من الزلزال .
المدينة المنورة عمرها قرون.
لكن ما رأيته لم يقتصر على ذلك فحسب. فبعد أسبوعين من الكارثة، عاد سكان وسط المدينة تدريجيًا إلى منازلهم، وعمل العمال بجد لإصلاح الأضرار، وعاد الطلاب إلى مدارسهم، وعادت الأنشطة التجارية والسياحية . وظلت مئذنة جامع الكتبية، رمز مراكش، الذي بُني في القرن الثاني عشر، شامخة هناك. كما انتعشت تدريجيًا ساحة جامع الفنا، وهي مكان شهير في المدينة القديمة بمراكش، والأسواق الشعبية ومراكز التسوق والشوارع. ونُشرت العديد من الدعوات للسياح على المواقع الرسمية للحكومة، وكذلك على المواقع الإلكترونية للجالية المغربية بشكل عام، ومراكش بشكل خاص، لأن السياحة بالنسبة لهم أحد أهم مصادر الدخل. وصرح مسؤول حكومي مغربي لـ "ثانه نين" : "لقد بذلنا جهودًا للتغلب على الصعوبات حتى يكون السياح مستعدين للعودة".
في وسط المدينة الحمراء
وجعلت الحكومة المغربية السياحة محورا أساسيا لطموحاتها التنموية وتهدف إلى مضاعفة أعداد السياح الوافدين بحلول عام 2030 عندما تستضيف كأس العالم مع إسبانيا والبرتغال.
تتميز مراكش، العاصمة القديمة، والمعروفة أيضًا بالمدينة الحمراء، بمزيج فريد من الحداثة والقديم، وقد أدرجتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي. ليس من الغريب رؤية العديد من السيارات الفارهة في شوارع مراكش في آن واحد، ممزوجةً بعربات تجرها الخيول وعربات بدائية تجرها الحمير. لا توجد ناطحات سحاب كثيرة أو ألوان متنوعة، فالمدينة بأكملها عبارة عن منازل وجدران وأسقف قرميدية، وحتى أرضيات من الطوب مطلية باللونين الأحمر والوردي. وكما قالت صديقة التقيتها في الرحلة، السيدة فيفيان (ممثلة منظمة صحية غير حكومية في زامبيا)، في البداية، قد يبدو الأمر مملًا، لكن مع اقترابك، ستجد أن المدينة الحمراء جميلة حقًا، قديمة، ولا تُقاوم.
مئذنة مسجد الكتبية - رمز مراكش، بُنيت في القرن الثاني عشر
المدينة المنورة هي منطقة متعرجة من الأزقة، مع السجاد اليدوي المعروض في الأعلى والتوابل الملونة والمنتجات الخزفية والجلدية التقليدية وجميع أنواع الهدايا الخاصة مثل التمر والزيتون والكعك وغيرها. يتحدث الناس هنا بشكل رئيسي العربية والفرنسية، ويتحدث البعض أيضًا اللغة الإنجليزية.
لعلّ أكثر ما يُثير الإعجاب في مراكش هو الساحة الثقافية العريقة في ساحة جامع الفنا، ذلك السوق المفتوح النابض بالحياة، الذي يجمع بين العديد من الأنشطة الفريدة للأمازيغ والعرب الأصليين. إنهم رواة القصص الباقين في صخب المجتمع الحديث، مُعيدين إحياء صورة ألف ليلة وليلة في الأسطورة. يبدأ بعض الرجال ذوي المظهر الجريء قصة "كان يا مكان" باللغة العربية، فيحيط بهم حشدٌ من الفضوليين، ثم ينجذبون إلى القصص الآسرة التي يروونها. أحيانًا يضع الناس بضعة دراهم مغربية (حوالي 5000 دونج فيتنامي) في قبعاتهم. كنتُ هناك أيضًا، مع أنني لم أستطع فهم ما يقولون، لكن جاذبيتهم من طريقة قيادتهم كانت حقيقية.
على مقربة من تلك الدائرة، كان حواة الثعابين يؤدون عروضهم، وعزفت موسيقى الفلوت، ورفعت الثعابين رؤوسها، تمامًا كما في أفلام العالم العربي التي شاهدتها. وبجانبهم أكشاك رسم الحناء الملونة. وعلى بُعد قليل، كانت هناك أعداد لا تُحصى من "المصابيح السحرية" بجميع الأحجام. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك أكشاك عديدة تبيع الحرف اليدوية والأدوية التقليدية وجميع أنواع العصائر... تحدثتُ إلى رجل عجوز يبيع عصير الرمان منذ زمن طويل في المنطقة، وسمعت عن كلمتي "شكرًا" اللتين يُقدّرهما الناس هنا. كان يتحدث بالعربية، وقد ترجم لي صديقٌ يسكن هنا: "إذا جاء الزبائن وسألوا عن أي شيء، فلا بأس إن لم يشتروا شيئًا، فقط قل شكرًا وسنكون جميعًا سعداء".
في ركن آخر من مراكش، تتميز الأحياء أو مراكز التسوق الجديدة بحداثتها وسهولة الوصول إليها. وما يميزها هو طلائها الخارجي باللون الوردي، وداخلها المزين بزخارف دقيقة من السيراميك واللوحات اليدوية الفريدة.
المساومة والإكرامية
هناك الكثير من الأشياء التي يمكن شراؤها في سوق مراكش، ولكن إن لم تكن حذرًا، ستُخدع. خلال رحلتي، ذهبت إلى السوق ثلاث مرات. في المرة الأولى، كنت وحدي، وطُلب مني دفع 500 درهم مغربي (حوالي 1.2 مليون دونج فيتنامي) ثمنًا لقطعة. في اليوم التالي، عدتُ مع صديقة من زامبيا، كانت بارعة في المساومة، فاشترت القطعة بـ 300 درهم فقط، وحصلت أيضًا على قطعة خزفية صغيرة وجميلة كهدية. في اليوم الأخير قبل مغادرة مراكش، ذهبتُ مرة أخرى. هذه المرة ذهبتُ مع مغربية وتواصلتُ معها باللغة العربية. ونتيجةً لذلك، لم يتجاوز سعر القطعة 80 درهمًا...
من التجارب التي لا تُنسى أيضًا التيه في المدينة القديمة ليلًا. كان بعض الجالسين على جانب الطريق ودودين ومتحمسين في توجيهنا، حتى أنهم بادروا بإرشادنا. عندما اقتربنا من الطريق الرئيسي، طلبوا منا إكرامية...
الشاي والكعك
مراكش أيضًا مليئة بالروائح والمأكولات. حالما وطأت قدماي المدينة الحمراء، قُدِّم لي كوب من شاي النعناع الساخن العطر.
بنموسى محمد عثمان، من مواليد الدار البيضاء ويعمل في قطاع السياحة بمراكش، أشار إلى أن شاي النعناع هو المشروب الوطني للمغاربة، حيث يُستقبل به عامة الناس وضيوفهم الكرام في أي يوم من أيام الأسبوع أو العطلات الرسمية. يشرب الكثيرون الشاي مع الكعك. وبالحديث عن الكعك، فإن المغرب بلد المعجنات المتنوعة.
[إعلان 2]
رابط المصدر
تعليق (0)