تتجه فيتنام نحو الزراعة الخضراء بتحويل النفايات إلى موارد، من الأسمدة العضوية إلى الطاقة الحيوية. ولا تقتصر الحلول الدائرية على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فحسب، بل تُحقق أيضًا قيمة اقتصادية للمزارعين، وتهدف إلى تحقيق "صافي صفر" بحلول عام ٢٠٥٠.
في 30 أكتوبر/تشرين الأول، نسّق المركز الوطني للإرشاد الزراعي مع وزارة الزراعة والتنمية الريفية في مقاطعة باك نينه لتنظيم ندوة حول "حلول للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الإنتاج الزراعي"، بحضور أكثر من 100 مندوب. الصورة: نغيا لي.
مصادر الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الزراعة...
وفقًا للسيد نجوين دوي ديو، ممثل المركز الوطني للإرشاد الزراعي: "يُعد قطاع الزراعة في فيتنام من القطاعات الأكثر انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري، حيث يُمثل 30% من إجمالي انبعاثات البلاد. وتتركز مصادر الانبعاثات بشكل رئيسي في ثلاثة مجالات رئيسية: زراعة الأرز، وتربية الماشية والدواجن، وإدارة التربة، والأسمدة الكيماوية. تُسهم هذه العوامل جميعها في انبعاث غاز الميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O) وثاني أكسيد الكربون، وهي ثلاثة غازات دفيئة ذات تأثير قوي على تغير المناخ".
أشار السيد نجوين دوي ديو، ممثل المركز الوطني للإرشاد الزراعي، إلى العوامل الرئيسية المؤثرة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الزراعة. تصوير: نجيا لي.
من بين هذه المصادر، تُعدّ زراعة الأرز أكبر مصدر للانبعاثات، حيث تُمثّل 50% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في القطاع الزراعي، أي ما يعادل 49.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. ولأن الأرز يُزرع غالبًا في ظروف مغمورة بالمياه، تُصبح بيئة حقول الأرز بيئة مثالية لنمو الكائنات الدقيقة اللاهوائية، مُنتجةً غاز الميثان أثناء عملية التحلل العضوي. يمتلك غاز الميثان القدرة على إحداث تأثير دفيئة أقوى بـ 28 مرة من ثاني أكسيد الكربون، لذا فإن كمية الميثان المنبعثة من زراعة الأرز لها تأثير كبير على تغير المناخ.
علاوة على ذلك، تُصعّب ممارسات الزراعة التقليدية، مع الفيضانات المستمرة، السيطرة على تحلل القش بعد الحصاد. وغالبًا ما يُحرق القش المتبقي في الحقل استعدادًا للمحصول التالي، مما يُنتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون ويزيد من تلوث الهواء. ورغم سهولة حرق القش وتوفيره للوقت، إلا أنه يُلحق ضررًا بالغًا بالبيئة وصحة المجتمع المحيط.
تُسهم تربية الماشية والدواجن بنحو 19% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الزراعية، أي ما يعادل 18.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. في تربية الماشية، تنشأ انبعاثات الميثان بشكل رئيسي من هضم المجترات (مثل الأبقار) وتحلل النفايات. تُطلق الأبقار والمجترات الأخرى غاز الميثان أثناء هضم الأعلاف، وخاصةً عند تغذيتها على العشب والألياف، مما يزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إضافةً إلى ذلك، غالبًا ما تواجه مزارع الماشية الصغيرة صعوبة في التخلص من النفايات بشكل سليم، مما يؤدي إلى تحلل لاهوائي غير مُتحكم فيه.
تُسهم إدارة التربة واستخدام الأسمدة الكيماوية بنحو 13% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من القطاع الزراعي، أي ما يعادل 13.2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. ولا يقتصر تأثير الإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية في الزراعة على تلويث التربة والمياه فحسب، بل يُنتج أيضًا أكسيد النيتروز، وهو غاز دفيئة أقوى بـ 265 مرة من ثاني أكسيد الكربون. ويُنتج أكسيد النيتروز من الأسمدة الكيماوية عندما لا تمتصه النباتات بالكامل ولا يُستقلب في التربة، وخاصةً في الظروف الرطبة.
الحلول الدائرية
اقترحت السيدة فام ثي فونغ، نائبة رئيس جمعية الزراعة الدائرية في فيتنام، حلولاً لتحويل النفايات الزراعية إلى موارد، تتمثل في الاستفادة الكاملة من مخلفات الثروة الحيوانية، وتحويلها إلى أسمدة عضوية وطاقة حيوية من خلال أنظمة الغاز الحيوي. ووفقًا للسيدة فونغ، فإن هذا لا يُسهم فقط في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بل يُحقق أيضًا فوائد اقتصادية لمربي الماشية.
السيدة فام ثي فونغ، نائبة رئيس جمعية الزراعة الدائرية في فيتنام، تُؤكد على ضرورة استفادة المزارعين من النفايات على أكمل وجه، وتحويلها إلى موارد، أي إلى أموال، مما يُسهم في خلق موارد اقتصادية مع مراعاة البيئة وتجنب إهدار جميع الموارد. الصورة: نغيا لي
تُعدّ الثروة الحيوانية من أكبر مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إذ تُمثّل 19% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الزراعة، أي ما يعادل حوالي 18.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا. ومع ذلك، إذا استُخدمت نفايات الثروة الحيوانية بشكل صحيح، يُمكن أن تُصبح موردًا قيّمًا، يُحقق فوائد بيئية واقتصادية على حد سواء.
من خلال تطبيق تقنيات المعالجة الدائرية، يمكن تحويل النفايات الصلبة الناتجة عن تربية الماشية إلى سماد عضوي أو إلى طاقة حيوية عبر نظام الغاز الحيوي. ولا يقتصر هذا الحل على خفض انبعاثات غاز الميثان، أحد أقوى غازات الاحتباس الحراري، بل يوفر أيضًا مصدرًا نظيفًا للوقود، مما يزيد من دخل مربي الماشية.
وقد بادرت العديد من مزارع الماشية الكبيرة والتعاونيات بتطبيق أنظمة الغاز الحيوي، سواءً لمعالجة النفايات بفعالية أو لإنتاج الغاز لتلبية احتياجات المزارع والمنازل من الطاقة. ووفقًا للإحصاءات، يُمكن أن يُقلل استخدام الغاز الحيوي من انبعاثات غاز الميثان بنسبة تصل إلى 60%، مع خفض تكاليف الطاقة بشكل كبير على منازل الماشية.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يمكن أيضًا استخدام المنتجات الثانوية لنظام الغاز الحيوي لإنتاج الأسمدة العضوية، مما يساعد على تحسين التربة وزيادة غلة المحاصيل وتقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية.
وأضافت السيدة فونغ: "بالنسبة للمزارع الكبيرة، تُوفر أنظمة الغاز الحيوي الحديثة ما يكفي من الكهرباء والغاز لتشغيل مرافق الثروة الحيوانية بأكملها، بل ويمكنها أيضًا بيع فائض الغاز في السوق. وهذا يُساعد المزارعين ليس فقط على خفض التكاليف، بل أيضًا على إيجاد مصدر دخل ثابت".
وفقاً للسيد ماي فان ترينه، مدير معهد البيئة الزراعية، فإن "طريقة التسميد من النفايات العضوية مفيدة للغاية في الزراعة الدائرية، وتُستخدم على نطاق واسع للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إن تطبيق تقنيات التسميد لا يُحسّن جودة التربة ويزيد خصوبتها فحسب، بل يُقلل أيضاً من الاعتماد على الأسمدة الكيماوية، مما يُقلل من انبعاثات أكسيد النيتروز. وقد طبقت العديد من المزارع والتعاونيات الزراعية في فيتنام هذه الطريقة بنجاح، مما يُسهم في تعزيز الزراعة الخضراء والمستدامة والحد من الآثار السلبية على البيئة".
تحدث السيد ماي فان ترينه، مدير معهد البيئة الزراعية، خلال الندوة عن إجراءات الإنتاج الزراعي الرامية إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تصوير: نجيا لي.
بالإضافة إلى ذلك، يُمكن الآن إعادة استخدام المخلفات الزراعية، مثل القش، الذي غالبًا ما يُهدر أو يُحرق بعد كل حصاد، بفعالية أكبر. فبدلًا من حرق القش الذي يُلوث الهواء ويُطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، يُمكن للمزارعين تحويله إلى سماد عضوي أو استخدامه كعلف للحيوانات. لا تُساعد هذه الطريقة على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فحسب، بل تُتيح أيضًا الاستفادة من العناصر الغذائية الطبيعية الموجودة فيه، مما يُضيف موادًا عضوية إلى التربة ويُحسّن خصوبتها، وبالتالي زيادة إنتاجية المحصول التالي.
وللتقليل من مشاكل الغازات المسببة للاحتباس الحراري، أوصى السيد ترينه أيضًا بتطبيق تقنية "الترطيب والتجفيف بالتناوب" (AWD)، والتي تساعد على التحكم في كمية المياه في حقول الأرز، وتقلل من تكوين غاز الميثان وفي الوقت نفسه توفر موارد المياه، وتلبي متطلبات الإنتاج المستدام.
يُعدّ خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الأسمدة وإدارة التربة إحدى الاستراتيجيات الرئيسية للتنمية الزراعية المستدامة. تُعدّ الأسمدة الكيميائية، وخاصةً تلك التي تحتوي على النيتروجين، مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات أكسيد النيتروز (N2O)، وهو غاز دفيئة أقوى بـ 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون. ولا يقتصر الإفراط في استخدام الأسمدة الكيميائية على زيادة الانبعاثات فحسب، بل يُؤدي أيضًا إلى فقدان التربة تدريجيًا لخصوبتها الطبيعية، مما يؤدي إلى تدهورها.
يتم تشجيع وتكرار نماذج وتقنيات الزراعة العضوية التي تستخدم الأسمدة الميكروبية للحد من الانبعاثات وحماية البيئة. لا تقتصر الأسمدة الميكروبية على توفير العناصر الغذائية للمحاصيل فحسب، بل تساعد أيضًا على تحسين بنية التربة، وتعزيز الكائنات الدقيقة المفيدة، وتهيئة الظروف لنمو مستدام للنباتات. وأضاف السيد ترينه أن الأسمدة العضوية من مخلفات الحيوانات والنباتات تُعد أيضًا مصدرًا طبيعيًا ومغذيًا وصديقًا للبيئة.
نحو الزراعة الخضراء الدائرية
وفقًا للسيد لي مينه لينه، نائب مدير المركز الوطني للإرشاد الزراعي: "إن هدف الحلول الدائرية في الزراعة هو الاستفادة الكاملة من جميع النفايات والمنتجات الثانوية، وتحويلها إلى موارد متجددة، وذلك بهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير. وعندما يُعاد استخدام النفايات الزراعية والحيوانية لخدمة أنشطة الإنتاج، ستتحول الزراعة تدريجيًا إلى نموذج دائري مستدام."
أكد السيد لي مينه لينه، نائب مدير المركز الوطني للإرشاد الزراعي، على ضرورة تعزيز الدعاية والتوعية ونقل التطورات التقنية والتقنيات الجديدة في الإنتاج الزراعي للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واقتراح العمليات والمعايير المناسبة لكل موضوع ومجال ومنطقة. الصورة: نجيا لي
وأضاف السيد لينه: "إن تطبيق الحلول الدائرية في الزراعة لا يحقق فوائد اقتصادية فحسب، بل يُسهم بشكل كبير في تحقيق هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتقدم نحو تحقيق التزام "صافي الصفر" بحلول عام 2050. وستُسهم برامج الإرشاد الزراعي والدعم الفني والحوافز للنماذج الاقتصادية الدائرية في رفع مستوى الوعي وتنمية مهارات المزارعين، مما يُسهم في بناء زراعة أكثر خضرة واستدامة في فيتنام".
[إعلان 2]
المصدر: https://danviet.vn/bien-chat-thai-thanh-tien-su-dung-cac-giai-phap-tuan-hoan-de-giam-phat-thai-khi-nha-kinh-2024103022573568.htm
تعليق (0)