في أوائل ستينيات القرن الماضي، بمناسبة إطلاق الاتحاد السوفيتي لمركبة فضائية، أطلق الروس استطلاع رأي واسع النطاق تساءلوا فيه: هل لا يزال الناس بحاجة إلى الأدب والفن في العصر الحديث؟ في النهاية، اتفق الجميع على أنه "حتى لو طار الناس على متن مركبة فضائية، فإن تلك المركبة الفضائية لا تزال بحاجة إلى زهرة زنبق". يبدو أن للأدب والفن قوة خالدة في وجه تقلبات الزمن. ولأنهما شكل من أشكال التعبير عن أروع جمال في العالم، فإن الأدب، وكذلك زهرة الزنبق، هما بداية عاطفة تُسمى "الحب"، أو بعبارة أعم، "الرحمة". رواية "نجم لا يبكي أبدًا " (دار نشر كيم دونغ، ٢٠٢٤) للكاتب فو نغوك جياو عمل أدبي للأطفال، يحمل في طياته جمالًا زاهيًا يُسمى "الحب" و"الرحمة".
غلاف كتاب "نجم لا يبكي أبدًا" للكاتب فو نغوك جياو (دار نشر كيم دونغ، ٢٠٢٤)
"لماذا" ما هم إلا الأطفال. إنهم أطفال لم يكبروا بعد، لكن عليهم أن يكبروا، أطفالٌ يحملون همومهم في رحلة استكمال ألوان الحياة. ومع ذلك، تبقى تلك القلوب البريئة رقيقة، نقية، مليئة بالحب ونور الإيمان. هذا ما يجعل نجوم الحزن تتلألأ بجوار نجوم الفرح الساطعة، خالقةً سماء طفولة جميلة لا تُنسى. سماءٌ تبقى دائمًا إلى جانبنا، تُذكرنا بجمال الحياة.
عمل "نجم لا يبكي أبدًا" هو خلاصة قصص صغيرة عديدة، أبطالها الأطفال. ومن اللافت للنظر أن معظم الأطفال في القصة قلوبٌ شابةٌ عليها أن تكبر بسبب واقع الحياة الصعب. تلك هي الطفلة كام التي تشعر بالوحدة لفقدانها "سمائها" - أمها. أو تلك الطفلة التي لا اسم لها، لا تعرف والدها ولا أمها، فقد توفيت جدتها، وهي تكافح لكسب قوت يومها في المدينة. أو ذلك هو الصبي كو الذي شهد وفاة والده أمام عينيه، فاضطر للعيش على رعاية جميع سكان الحي. هؤلاء هم أطفال قرية ترونغ - القرية التي لا ينطبق عليها المثل القائل "لا أحد فقير لثلاثة أجيال" لأنهم "فقراء من الجد إلى الأب، ومن خلال الأبناء، لا يزال الأحفاد فقراء". الواقع في كل صفحة من الأدب ليس مُصوّرًا بشكل وردي، بل موصوفًا بطريقة صريحة وواضحة وعميقة. كلما وُصف واقع الحياة بوضوح، ازداد حبنا وإعجابنا بأرواح الأطفال البريئة والجميلة. لذلك، فرغم قتامة الواقع وقسوته، فإنه لا يُشعر القارئ بالملل أو التعب أو اليأس. بل على العكس، تُشعل كل قصة في نفوسهم نار الإيمان وحب الناس والحياة.
عالم الواقع في عيون الأطفال
في "نجم لا يبكي أبدًا" ، تُروى القصص بسرديات ومنظورات متعددة. إما بضمير الغائب من منظور شخص بالغ يستقبل ويشعر بأفكار ومشاعر الأطفال، أو بضمير المتكلم من منظور الأطفال أنفسهم، راسمين صورتهم الخاصة عن العالم .
اختارت الكاتبة أن تكون من محبي الأطفال ومقتطفات الذكريات، وأن تحترمهم وتعتز بهم، فأعادت صياغة القصة بلغة ريفية بسيطة ومألوفة، مشبعة بأجواء المنطقة الوسطى، وبأسلوب كتابة حزين، شامخ، وشاعري. كل هذا خلق عالمًا زاهيًا من الإيمان والحب والخير، يخفف أحيانًا من وطأة الواقع الرمادي القاتم. لا تزال كام الطفلة التي فقدت سمائها، لكنها الآن مستعدة لتجاوز كل صعوبات الوضع، وتواصل رحلتها لتحقيق حلم والدتها الراحلة الذي لم يكتمل. بكل قلبها، تخطو كل خطوة صغيرة على خشبة المسرح لترى ابتسامة والدها، لتبصر "النور" في حياتها. لا تزال الطفلة بلا أب، بلا أم، بلا عائلة، بلا مأوى، لكنها لا تعيش لمجرد البقاء. تنشر الحب بقلب ينزف، متصلبًا من الجروح. لا يزال كو - فتىً شهد وعانى الكثير من الألم في الماضي، لكنه اختار العمل الجاد والدراسة، وعيش هذه الحياة على أكمل وجه. لا يزال أطفال قرية ترونغ الفقيرة، لكنهم يجرؤون على رعاية السيد ثون - رجل غريب، نُبذ لأن جسده كان "مغطى بأورام كبيرة وصغيرة كالثآليل العملاقة"، مما يجعلنا نشعر بالتأثر بعالم الأطفال المشرق والبريء.
العالم داخلنا...
في خضم هذا العالم المتسارع، المليء بالأمور التي تُقلقنا، تتدفق إلينا ذكريات طفولة جميلة وبريئة كلما قلبنا صفحة من رواية "نجم لا يبكي أبدًا" . تملأ هذه الذكريات أرواحنا من الفراغ والجفاف والذبول. إنها مصدر الحياة لنستمر في النمو والنضج، وحافزنا للمضي قدمًا.
أحيانًا، عندما نكون في حالة من اليأس والحيرة والشك في خضم دوامة الحياة، تُدركنا ذكريات طفولة مشرقة فجأةً: ما كان هدفنا الأصلي؟ ما هي الوجهة النهائية التي تمنيناها يومًا؟ تُخرجنا هذه الذكريات من دوامة الشك والأخطاء والخطايا، وتساعدنا على أن نعيش "لنعيش"، لا "لنوجد" فحسب.
في الواقع، "ستبقى الطفولة معنا دائمًا، مثل بحر النجوم الذي يظهر كل ليلة في السماء العميقة".
[إعلان 2]
المصدر: https://thanhnien.vn/co-mot-vi-sao-cua-ngay-tho-be-185241201101507341.htm
تعليق (0)