إن ما سيحدث بعد الحفر، سواء كان سيتم ملء الموقع بالرمال لحمايته أو وضع خطة للحفاظ عليه "لإعادة سرد" قصة هذا التراث، هي قضية تحتاج إلى دراسة متأنية وعلمية .
الآثار والقيم الأثرية
لم يقتصر الأمر على الحجم المعماري فحسب، بل كشفت الطبقات الثقافية لقلعة دين أيضًا عن العديد من الآثار التي تعكس الأنشطة وتاريخ الاستخدام الذي استمر لقرون عديدة. وصرح الأستاذ المشارك، الدكتور دانج هونغ سون، نائب رئيس قسم التاريخ (جامعة هانوي للعلوم الاجتماعية والإنسانية): "لا توجد حفريات كثيرة تتعلق بنظام قلعة هوا لو القديمة. ورغم قلة وثائق حفريات المتحف الوطني للتاريخ في أواخر ستينيات القرن الماضي، إلا أنها قيّمة للغاية".
خلال تلك الفترة، اكتشف علماء الآثار طوبًا يحمل زخارف هوا لو المميزة، مثل زهور اللوتس، وطيور الفينيق في أزواج، وعينات نادرة ضمن كنز من المواد المعمارية القديمة. ومع ذلك، نظرًا لمحدودية الظروف التقنية وأساليب البحث في ذلك الوقت، لم يكن فهم بنية الأسوار واسعًا.
والأكثر قيمةً هو اكتشاف علماء الآثار العديد من قطع الخزف المزجج والطوب الأحمر التي تعود إلى القرن العاشر، وهي الفترة التي أسست فيها أسرتا دينه وتين لي العاصمة في هوا لو. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت قطع خزف مزجج من أسرتي لي وتران، ومن أسرتي لي ونغوين اللاحقتين، متناثرة على الطبقات العليا من التربة، مما يدل على استمرار استخدام منطقة قلعة دين أو تجديدها أو سكنها عبر التاريخ.
فيما يتعلق بحفريات قسم قلعة دين عام ٢٠٢٥، قال الأستاذ المشارك الدكتور دانغ هونغ سون إن هذا بحثٌ قيّم، يُقدم رؤىً أعمق حول تقنية بناء القلعة. ويأمل أن يتمكن الباحثون في المستقبل من توسيع نطاق المسح، ليس فقط من الناحية التقنية، بل أيضًا في سياق اجتماعي وتاريخي محدد. وأضاف: "على سبيل المثال، من الضروري فهم كيفية تنظيم الملك دينه والملك لي لبناء القلعة بشكل أوضح، وكمية التربة التي بُنيت، وعدد المشاركين، والمدة التي استغرقها البناء... ستساعد هذه الأرقام والحسابات في إحياء صورة تنظيم الدولة وعملها في الفترة المبكرة من تأسيسها".
يُعدّ ثانه دين أكبر أقسام نظام قلعة هوا لو القديمة. ووفقًا للسيد ترونغ دينه تونغ، رئيس جمعية نينه بينه للعلوم التاريخية الإقليمية: "لا يقتصر دوره العسكري على هذا القسم من القلعة فحسب، بل له أيضًا أهمية هيدروليكية بالغة الأهمية. في القرنين التاسع والعاشر، عندما لم يكن نظام السدود، مثل سد نغو زا، قد لعب ثانه دين دورًا في منع الفيضانات وحماية المنطقة الداخلية للمدينة، حيث كانت المستودعات والثكنات العسكرية والقصور تتركز. لذلك، يمكن اعتبار ثانه دين هيكلًا دفاعيًا استراتيجيًا ومنظمًا للمياه."
شارك السيد تونغ أيضًا ذكرى شخصية: "في عامي ١٩٨٤ و١٩٨٥، أثناء رحلة ميدانية مع البروفيسور تران كوك فونغ، أعرب البروفيسور عن رغبته في إجراء مسح أثري شامل لقلعة هوا لو القديمة، وخاصةً منطقة قلعة دين. كما أكد أن كلمة "دين" قد تكون مرتبطة باسم مكان من العصر البرونزي، مما يشير إلى خلفية تاريخية أعمق لهذه الآثار."
إدارة الحفاظ على القيم وتعزيزها
الاكتشاف الأثري ليس سوى الخطوة الأولى. والأهم من ذلك هو كيفية الحفاظ على قلعة هوا لو القديمة وإعادة سرد قصتها بطريقة فعالة ومقنعة ومستدامة. ووفقًا للدكتور ها فان كان، مدير معهد الآثار: "التنقيب ليس للبحث فحسب، بل للحفظ أيضًا. في أماكن عديدة، مثل قلعة دين في هاي دونغ، فُقد الجزء العلوي، لذا يستحيل دراسة المقطع العرضي. أما في هوا لو، فلا يزال جدار القلعة سليمًا، وهو ذو قيمة كبيرة لأعمال الترميم المستقبلية".
كما اقترح مواصلة مسح أجزاء أخرى من القلعة للتحقق من مدى اتساق تقنيات البناء: "تستغل قلعة هوا لو القديمة بشكل عام عوامل التضاريس كالجبال والأنهار لتشكيل موقع دفاعي. في قسم قلعة دين، يتبع خط القلعة نهر هوانغ لونغ، وهو خط دفاع عسكري وخندق طبيعي في آن واحد. سيساعد توسيع أعمال الحفر في نقاط مختلفة من نظام القلعة على بناء رؤية أشمل وأدق لحجم وبنية قلعة هوا لو القديمة بأكملها."
من منظور سياحي، أقرّ السيد نجوين كاو تان، نائب مدير إدارة السياحة في مقاطعة نينه بينه، بأن أعمال التنقيب في قسم قلعة دين وفّرت "أكمل وأشمل مقطع عرضي" لأحد أهم أقسام العاصمة القديمة. وأضاف: "تقع قلعة دين بموازاة نهر هوانغ لونغ، وهو مجرى مائي حيوي، مما يدل على أن العاصمة القديمة هوا لو لم تكن عاصمة فحسب، بل كانت أيضًا مركزًا تجاريًا مهمًا، بالقرب من البحر".
يأمل السيد تان أن يواصل علماء الآثار البحث عن آثار "بوابة الماء"، التي تربط النهر أو المستنقع بالقلعة. إذا اكتُشف موقع بوابة الماء وآلية تشغيلها، فسيكون ذلك خطوةً مهمةً في ترميم المساحات السكنية والمعيشية لسكان القرن العاشر. وأكد السيد تان: "إذا استطعنا إعادة إحياء مشهد "فوق الرصيف، تحت القارب" في قلب الموقع الأثري، حيث يلتقي الناس والقوارب والتجارة والقلعة، فسيكون ذلك مساحةً تاريخيةً نابضةً بالحياة وجاذبةً للسياح على وجه الخصوص".
بالإضافة إلى ذلك، لتعزيز قيم التراث في الحياة المعاصرة، يقترح الخبراء أيضًا تطبيق التكنولوجيا الرقمية في أعمال الترميم. ومن الخيارات الممكنة رقمنة البيانات الأثرية، وإعادة إنشاء نماذج الأسوار بتقنية ثلاثية الأبعاد، أو دمج قلعة دين في خريطة نينه بينه السياحية الذكية. كما أن نماذج جولات الواقع الافتراضي (VR) أو تصميم مساحات عرض خارجية مرتبطة بالمسارات السياحية يمكن أن تُقدم سلسلة من التجارب التاريخية النابضة بالحياة والجذابة للسياح المحليين والأجانب.
لا ينبغي أن يقتصر التراث على الأرقام والقطع الأثرية، بل ينبغي أن يصبح قصةً حيةً تُساعد جيل اليوم على فهم جهود وذكاء أسلافنا في بناء الوطن والدفاع عنه. كما أكد السيد ترونغ دينه تونغ أن الحفريات الأثرية في قلعة دين ساهمت في تعزيز فرضية "القلعة الداخلية"، وهي مكانٌ كان يُستخدم لإخفاء الجنود وتخزين الأصول، ويقع داخل "القلعة الخارجية" التي كانت تُعتبر مركز العاصمة القديمة. وأضاف: "إن موقع هذا الجزء من القلعة ذو قيمةٍ كبيرة، وهناك الآن شركاتٌ مستعدةٌ للتعاون مع الدولة لمواصلة أعمال التنقيب".
كان جدار قلعة دن منسيًا في يوم من الأيام، إذ غطته طبقة من تربة السد لما يقرب من 70 عامًا. ولكن من ذلك المكان تحت الأرض، تُقرأ الآثار الصامتة، ليس فقط بالأدوات الأثرية، بل أيضًا بالوعي التاريخي. هيكل الأساس من أوراق الشجر وجذوع الأشجار؛ وجسم القلعة على شكل "ظهر جاموس"؛ والخندق المائي العميق المضاد للتسلل... كلها أشبه بـ"شرائح طبقية" تروي أساليب الدفاع التي اتبعها الشعب الفيتنامي منذ عهد بناء الأمة.
ومع ذلك، فإن القضية التي تهم الرأي العام هي كيفية الحفاظ على قلعة هوا لو القديمة، قسم قلعة دين. هل يُغطى بالتربة والرمال لحمايته، أم يُحافظ على موقع التنقيب سليمًا لخدمة مشروع الترميم؟ ووفقًا لمصادر خاصة، تُقدم حاليًا شركة اقتراحًا لترميم قلعة دين بجدران حجرية. في حال الموافقة على هذه الخطة، ستُشوّه الآثار الأصلية، إذ أوضح علماء الآثار خلال عملية التنقيب بنية وتقنيات بناء القلعة باستخدام التربة والحجر والنباتات فقط...
المصدر: https://baovanhoa.vn/van-hoa/doi-mat-voi-giai-phap-bao-ton-145153.html
تعليق (0)