في ظهيرة أحد الأيام، نسيتُ الشمس، وكانت السماء مُثقلة بسحب رمادية كثيفة، فاستقللتُ آخر حافلة للوصول إلى المدينة في الوقت المناسب لمحاضرة اليوم التالي. صادفتُ زخة مطر صيفية مبكرة، هطلت بغزارة، وتناثرت على سقف الحافلة، حتى أن أحجارًا كانت تتلألأ كزجاج شفاف. كانت مجموعة الحافلات بأكملها متحمسة لتساقط البَرَد، تهتف مع صوت المطر. أما أنا - طالبًا - فجلستُ حزينًا، وقلبي يخفق بشدة، أشاهد قطرات المطر الغزيرة. كان هناك شيءٌ هائلٌ لا يُنسى في الشارع في ذلك المساء...
أتذكر الأيام الخوالي كما يتذكرها الراديو بجانب سرير جدي، جلستُ أستمع إلى أختي وهي تُردد الدرس عن ظهر قلب. جلب المطر الغزير معه مرارة الموسم الماضي، قطرة تلو قطرة تتساقط، تدور وتتدفق نحو المصرف قبل أن تختفي. هزت الفراخ ريشها المبلل، كل زوج من الأرجل الصفراء الصغيرة يقف متقاربًا لتبسط الدجاجة جناحيها لحمايتها. كان صوت أختي واضحًا وعذبًا، يروي لغزًا: "إن لم تقرعها، ستبكي، إن لم تنقرها، ستسقط، ما الأمر يا نا؟"
هززتُ رأسي ولم أستطع الإجابة. أشارت إلى السماء: "إنه رعد ومطر!"
فهمتُ ذلك بعيني طفلٍ في الرابعة من عمره. في ذلك الوقت، كان المطر يتساقط على الشرفة بستائر الخيزران التي فتحتها جدتي. كان الكبار في المنزل غائبين، أنا وأختي فقط. جلستُ واضعًا ذقني على يدي، أشاهد قطرات المطر وهي تتقاذف في الفناء، نلعب بسعادة. كانت والدتي تُكافح تحت المطر من العمل في الحقول، تحمل على كتفها حمولةً ثقيلةً من العشب الطازج. قالت إنه بعد مطر عصر اليوم، سيبدأ محصول أرز الشتاء والربيع بالنضج. منذ تلك اللحظة، فهمتُ أشياءً كثيرة، وكبرتُ مع السنين.
لطالما حلمت أختي بالذهاب إلى المدينة للدراسة في الجامعة، والابتعاد عن صخب الريف الهادئ، والانضمام إلى صخب الحياة. ولكن بعد ذلك، عندما كبرنا أنا وأختي، حدثت العديد من الأحداث العائلية، واضطرت إلى ترك المدرسة، وجزّ العشب على ضفاف النهر كل يوم. عندما كانت فتاة، تزوجت على عجل. في يوم زفافها، جلست بجانب البئر أبكي وأفتقدها. طلبت مني أن أبذل قصارى جهدي للدراسة. كنت وحدي، بحقيبة ظهر صغيرة، أحزم حقائبي وأغادر المنزل، حاملاً حلمها معي. أما هي، فقد أصبحت امرأة مجتهدة، ولكن في عينيها، كان هناك شيء ينبض، أبديًا كزخة مطر ذلك العام، يلف ذكرى حلم كان بعيدًا جدًا.
استقبلني الشارع بأضواء صفراء. لم أكن معتادًا على ذلك، فظلّ الحزن يتلألأ في قلبي كاليراعات. درستُ بجدٍّ في سنتي الجامعية الأولى، ثم في سنتي الثانية، ووقعتُ تدريجيًا في حبّ هذه الأرض، لأن شبابي كان مليئًا بالذكريات.
منعت الأمطار الغزيرة الحافلات من التوقف في المحطة الصحيحة. غمرت المياه الشوارع، ولم تكن هناك حافلات لنقل الركاب. عدتُ إلى مسكني، وأضواء الشارع تنعكس كقمر متلألئ. رافقني طالب يكبرني بسنتين، وحمل لي مظلة. نصحني بأن أنظر إلى السماء وأشرب قطرات المطر، حتى لا أُصاب بنزلة برد. صدّقته، فلم أستطع التحدث طوال الطريق وسط الماء لأني كنت مشغولاً بالتقاط قطرات المطر.
مرّ بالزقاق في طريقه إلى المنزل وأعارني مظلته الأرجوانية. راقبته، وقلبي يخفق كقطرات مطر لا تزال مبللة.
مرّ المطر، وجاء الصيف الصاخب، وأشرقت الشمس بفخر على السماء الزرقاء. سألت نفسي: منذ متى والشارع قائم؟ هل يتذكر الشارع كل وجه، كل حياة تركت بصماتها هنا؟
سيهيم شبابي حينها بلا نهاية في الشوارع نحو المستقبل. بعد ظهر هذا اليوم، صادفتُ زخة مطر صيفية. المطر الغزير مليء بطبقات من الذكريات. هل أفكر في شخص ما، أم لا أستطيع نسيانه؟
المحتوى: ثانه نجا
الصورة: كويت ثانغ - الإنترنت
الرسومات: ماي هوين
المصدر: https://baothanhhoa.vn/e-magazine-ngang-qua-con-mua-mua-ha-253856.htm
تعليق (0)