ميزة بيئية فريدة
"وادي البيانات الكبيرة" هو الاسم الصيني لمقاطعة قويتشو الجبلية في جنوب غرب البلاد، والتي تضم أكثر من 5000 كهف من الحجر الجيري ونظام كهوف تحت الأرض واسع النطاق لا يزال غير معروف، نتيجة للتغيرات الجيولوجية في المنطقة على مدى مئات الملايين من السنين.
وبالتوازي مع تعزيز تجربة السياحة البرية في الكهوف، استفادت قويتشو من هذه المساحة ما قبل التاريخ لتطوير اقتصاد رقمي يركز على البيانات الضخمة، مع مراكز خوادم التكنولوجيا الكبرى وأسواق تبادل البيانات.
تقول وزارة المعلومات والاتصالات الصينية إن مقاطعة قويتشو هي الموقع الأمثل لبناء مراكز البيانات في جنوب البلاد. فالكهوف الجيرية في المقاطعة، والتي أعاقت نموها الاقتصادي، تجعلها بيئة مثالية للبنية التحتية للبيانات الضخمة.
صرح تيري جو، رئيس مجلس إدارة شركة هون هاي للصناعات الدقيقة، المالكة أيضًا لشركة فوكسكون، أكبر مُجمّع إلكترونيات تعاقدي في العالم ، بأن "المزايا البيئية الفريدة" التي تتمتع بها قويتشو هي السبب وراء اختيار الشركة لمركز بياناتها هناك. وقد بنى عملاق التكنولوجيا نفقًا هوائيًا بين جبلين لتبريد خوادمه بشكل طبيعي.
تقع مدينة قويتشو في جنوب غرب الصين، وتتمتع بمناخ بارد ملائم على مدار العام، مما يوفر "غرف تكييف هواء" طبيعية لمراكز البيانات الضخمة المولدة للحرارة.
علاوة على ذلك، تتمتع المقاطعة بوفرة من الطاقة الكهرومائية، ما يجعلها جاهزة لتوفير طاقة نظيفة ومستقرة للخوادم. كما أن مقاطعة قويتشو بعيدة عن مناطق الزلازل، ما يجعل "خزان" البيانات أكثر أمانًا.
يمكن لمراكز بيانات الكهف توفير ما يصل إلى 58% من الكهرباء مقارنة بالمرافق المماثلة في المنطقة الجنوبية الشرقية من البلاد.
قال جياو دي لو، كبير المهندسين في وكالة إدارة تطوير البيانات الكبيرة بالمقاطعة، إنه إذا تم حساب ذلك على أساس 10 آلاف وحدة خادم قياسية، فإن مركز البيانات يمكن أن يقلل 130 مليون يوان (حوالي 18.57 مليون دولار أمريكي) من فواتير الكهرباء سنويًا.
قالت شركة تينسنت، إحدى شركات التكنولوجيا التي أنشأت مركز خوادم في قويتشو، إن منشأتها مستوحاة من كهوف الجبال، مما يجعل الاستخدام الفعال للمصادر الباردة من الخارج مع تقليل التأثيرات السلبية على البيئة في الداخل.
وبحسب عملية تفتيش ميدانية أجرتها وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في الصين، فإن كفاءة استخدام الطاقة القصوى (PUE) لمركز البيانات الموجود هنا تبلغ حوالي 1.1 (كلما اقتربت من 1، زادت الكفاءة)، مقارنة بمتوسط كفاءة استخدام الطاقة القصوى للمراكز الأخرى في الصين وهو 1.73.
تضم المقاطعة حاليًا 37 مركز بيانات عاملًا أو قيد الإنشاء، تخدم شركات التكنولوجيا العملاقة مثل آبل وهواوي وتينسنت، بالإضافة إلى مشاريع بحثية علمية لتلسكوب "هوا تيانيان". ومن بين هذه المراكز، تُعد مدينة قوييانغ، عاصمة المقاطعة، أول منطقة تجريبية وطنية شاملة للبيانات الضخمة في البلاد.
تغيير الوجه الاقتصادي للمرتفعات
تعمل مقاطعة قويتشو على تعزيز صناعة البيانات الضخمة باعتبارها العمود الفقري لاقتصادها الرقمي، والذي من المتوقع أن يساهم بنسبة 37% من الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة بحلول عام 2022.
وهي أيضًا المنطقة الرائدة في الصين في الاقتصاد الرقمي، مع أعلى معدل نمو في البر الرئيسي لمدة سبع سنوات متتالية.
منذ عام ٢٠١٤، شهدت هذه المقاطعة الجبلية العديد من الابتكارات والتطورات الرائدة في صناعة البيانات. ووفقًا لتقرير صادر عن مركز المعلومات الحكومي الصيني، حققت قويتشو أعلى معدل في تطوير البيانات الضخمة عام ٢٠١٧.
في عام ٢٠١٨، أطلقت الحكومة مبادرة واسعة النطاق تدعو أكثر من ١٠ آلاف شركة لاستخدام تقنية البيانات الضخمة لتحسين الشبكات والخدمات خلال خمس سنوات، وهو سوق تُقدر قيمته بـ ١٢٠ مليار دولار. من أقل من ١٠٠٠ شركة بيانات ضخمة في المقاطعة، ارتفع عددها الآن إلى أكثر من ١٢ ألف شركة.
تعد قويتشو موطنًا لمختبر هندسة البيانات الضخمة الوطني وهي أول سوق للبيانات الضخمة في الصين، حيث تجمع مراكز البيانات الضخمة للغاية في العالم.
وتقدر الحكومة المحلية أنه بحلول عام 2023، فإن القيمة الإجمالية لإنتاج قطاع الإلكترونيات والمعلومات المدعوم بالبيانات الضخمة ستتجاوز 350 مليار يوان، مما يساهم في الاقتصاد الرقمي الذي يمثل 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة.
قال لو دان، الباحث في أكاديمية الصين لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إن مراكز البيانات تتولى استقبال وتخزين ونقل تدفقات البيانات، لتصبح واحدة من أهم البنى التحتية للمعلومات في الاقتصاد الرقمي.
وأكد لوه أن "بناء مركز الطاقة العملاق المكثف داخل الكهوف له أهمية كبيرة في تحقيق هدف الحياد الكربوني بالتوازي مع خطة الصين الرقمية التي تم إطلاقها".
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أدى نمو مراكز البيانات إلى تطوير شبكات الإنترنت عالية السرعة، مما ساعد المحلية على تحقيق معدل نمو سنوي للتجارة الإلكترونية بنسبة 30%، وهو أعلى من متوسط معدل نمو المؤسسات الزراعية في الصين.
وفي الوقت الحالي، قررت شركات الاتصالات الصينية الثلاث الكبرى، بالإضافة إلى أبل وهواوي وتينسنت وفوكسكون، بناء مراكز البيانات الأساسية الخاصة بها في قويتشو.
أنشأت الحكومات المحلية هنا منصات تستخدم تقنية البيانات الضخمة لحل مشاكل محددة في مجالات محددة. على سبيل المثال، تربط منصة الحد من الفقر بين إدارات المقاطعات والمدن، وتعرض معلومات مفصلة عن عدد الأسر الفقيرة بصريًا، وتشارك المعلومات آنيًا بين الإدارات، أو تُبسط الإجراءات الإدارية من خلال تطبيقات سحابية للبيانات الضخمة.
ويمكن القول إن البيانات أصبحت "السر" في إحداث التغيير والتنمية في مقاطعة قويتشو، التي يتم مقارنتها بشمال كاليفورنيا قبل أن تصبح وادي السيليكون اليوم.
(وفقا لشبكة CNN، news.cn)
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)