أصبحت إدارة التراث الثقافي أحد التحديات الرئيسية، إذ لا يقتصر دوره على القيمة التاريخية فحسب، بل يُعدّ موردًا ثقافيًا واقتصاديًا هامًا. خلال الدورة الثامنة للجمعية الوطنية الخامسة عشرة، قدّم النواب آراءً معمقة حول مشروع قانون التراث الثقافي (المُعدّل)، بهدف إرساء نظام إدارة أكثر فعاليةً وواقعية.
من القضايا المهمة التي أثارها المندوب دونغ فان فوك، وفد الجمعية الوطنية لمقاطعة كوانغ نام، ضرورة وضع آلية إدارة خاصة للتراث الثقافي المادي، وخاصةً التراث الطبيعي والثقافي العالمي المعترف به من قبل اليونسكو. يجب أن تتوافق هذه التراثات مع أحكام مشروع القانون وتفي بمعايير اليونسكو. وضرب المندوب مثالاً بمدينة هوي آن، التي تُعتبر "متحفاً حياً" يعيش فيه آلاف الأشخاص. يجب أن تمتثل هوي آن لقانون التراث الثقافي وأن تخضع في الوقت نفسه لقوانين أخرى عديدة، مما يخلق حاجة ملحة لآلية إدارة مستقلة لضمان الاستدامة.
المندوب نجوين هاي دونغ، وفد الجمعية الوطنية لمقاطعة نام دينه . الصورة: QH
تُعدّ اللوائح المتعلقة ببناء وترميم المنازل في المناطق الأثرية مصدر قلق أيضًا. ووفقًا لللوائح الحالية، يجب أن تتوافق أعمال البناء في مناطق حماية الآثار مع معايير التخطيط والحفظ. ومع ذلك، أشار المندوب دونغ فان فوك إلى أن هذه اللائحة لا تزال تعاني من العديد من أوجه القصور عند تطبيقها على منازل السكان الفردية. إن اشتراط إنشاء مشاريع لكل حالة لا يزيد التكاليف والوقت فحسب، بل يُخاطر أيضًا بإثارة ردود فعل سلبية من السكان. واقترح المندوب وضع لوائح أكثر دقة لتهيئة ظروف مواتية للسكان مع ضمان الحفاظ على التراث.
من القضايا المثيرة للجدل أيضًا اللائحة التي تحظر استخدام نسخ الآثار والتحف والكنوز الوطنية لأغراض الربح. اقترح النائب نجوين هاي دونغ، من وفد مقاطعة نام دينه في الجمعية الوطنية، إعادة النظر في هذه اللائحة. وأكد أن استخدام النسخ للعرض وفرض رسوم عليها يتوافق مع مبدأ استغلال الموارد لتحقيق التنمية الاقتصادية، مع مساعدة المتاحف والمعارض الفنية على أداء دورها على أكمل وجه. فإذا لم يُسمح لهذه المؤسسات بعرض نسخ منها، فإنها تُخاطر بفقدان فرصة جذب السياح، مما يُؤدي إلى صعوبات في استمرارية أعمالها وضمان إيراداتها.
المندوب ترينه لام سينه، وفد الجمعية الوطنية لمقاطعة آن جيانج. الصورة: QH
اقترح النائب ترينه لام سينه، من وفد الجمعية الوطنية لمقاطعة آن جيانج، إضافة مبادئ توجيهية محددة فور إقرار القانون لضمان فعالية تنفيذه. ولا تزال مجالات مثل شروط إنشاء المتاحف، ومعايير الإنفاق على الحفظ، وآليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في حماية التراث تفتقر إلى لوائح واضحة. وهذا لا يُسبب صعوبات للمناطق فحسب، بل يُحدّ أيضًا من مشاركة المؤسسات الخاصة في حفظ التراث الثقافي غير المادي.
علاوةً على ذلك، لا يزال تمويل الحفاظ على التراث محدودًا، مما يُحدث تضاربًا بين احتياجات الحفاظ على التراث وتنمية السياحة. وسيكون وضع سياسات لتشجيع الشركات على المشاركة في عملية الحفاظ على التراث حلاً ضروريًا لتحقيق التوازن بين المنافع الاقتصادية والثقافية.
تهدف المساهمات المقدمة في هذه الدورة للجمعية الوطنية إلى تحسين الإطار القانوني وتقديم حلول عملية لتعظيم إمكانات التراث الثقافي. ومن المتوقع أن يُحسّن تعديل اللوائح المناسبة واستكمالها كفاءة الإدارة، مع تعزيز التنمية المستدامة، مما يُسهم في جعل التراث الثقافي ركيزةً أساسيةً في مسيرة بناء أمة مزدهرة.
تعليق (0)