ومع عودة السيد ترامب إلى البيت الأبيض في سن الثامنة والسبعين، فإن السؤال هو ما إذا كان هذا الزعيم سيواصل استخدام لعبة الجولف كأداة دبلوماسية مثل ولايته الأولى؟
يمكن للسيد ترامب أن يستخدم دبلوماسية الجولف لتحقيق أهدافه في السياسة الداخلية والخارجية خلال ولايته القادمة. (المصدر: جيتي) |
الجولف رياضة أرستقراطية نشأت في أوساط العائلة المالكة الاسكتلندية في القرن السادس عشر، وتطورت على مر القرون. لم تكن مجرد هواية للأمراء والأرستقراطيين في الماضي، بل أصبحت أداة دبلوماسية بين قادة العالم في منتصف القرن العشرين.
تشير السجلات التاريخية إلى أن الرئيس الأمريكي دوايت د. أيزنهاور (1953-1961) كان رائدًا في دبلوماسية الجولف. اشتهر أيزنهاور بإجراء مفاوضات غير رسمية مع قادة غربيين وعرب، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والعاهل السعودي الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، ورئيس الوزراء الأسترالي روبرت مينزيس، والملكة إليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء الياباني كيشي نوبوسوكي. وكثيرًا ما كانت الاجتماعات في ملعب الجولف تُسفر عن نتائج دبلوماسية ملموسة، وتُسهم في تعزيز التحالفات.
استخدم الرؤساء الأمريكيون اللاحقون رياضة الجولف لبناء علاقاتهم. على سبيل المثال، أجرى الرئيس باراك أوباما مناقشات مع العديد من قادة العالم خلال رحلاته لممارسة الجولف، بينما اعتبر الرئيس دونالد ترامب، خلال ولايته الأولى (2017-2021)، الجولف ليس شغفًا شخصيًا فحسب، بل منصةً للتواصل السياسي والدبلوماسي أيضًا. التقى في ملعب الجولف بصناع سياسات محليين وأعضاء في الكونغرس وشخصيات دولية مثل رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون.
من النتائج البارزة لمباريات الغولف هذه تعزيز العلاقات الأمريكية اليابانية. وترمز مباريات الغولف التي جمعت السيد ترامب بالسيد آبي إلى فصل جديد في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
الآن، ومع عودة السيد ترامب إلى البيت الأبيض في سن الثامنة والسبعين، تُطرح بعض التساؤلات: هل سيواصل الزعيم استخدام الجولف كأداة دبلوماسية؟ هل لا يزال لديه الطاقة والحماس اللازمان لدبلوماسية الجولف؟ والأهم من ذلك، هل سيتمكن من استخدام هذه الرياضة لتحقيق أهدافه في السياسة الداخلية والخارجية؟
عنصر جديد في ملعب الجولف
ومع استمرار ترامب في استخدام دبلوماسية الجولف، فإن أحد المخاوف سيكون حول الشخصيات الجديدة التي سيجذبها إلى ملعب الجولف الخاص به.
خلال ولايته الأخيرة، ضمّ الرئيس ترامب حلفاء أمريكا التقليديين إلى صفوفه. لكن المشهد الجيوسياسي تغيّر منذ ذلك الحين، فهل سيوجّه دعوته إلى شركاء غير تقليديين، مثل طالبان؟
هذا ليس سيناريو مستبعدًا. فبعد توقيع اتفاقية الدوحة مع طالبان في 29 فبراير/شباط 2020، أبدى ترامب انفتاحه على دعوة قادة الحركة إلى كامب ديفيد. ورغم أن الفكرة أثارت انتقادات، إلا أنها تُبرز نهج ترامب غير التقليدي في الدبلوماسية. فليس من المستبعد أن يستضيف ممثلي طالبان في ملعب جولف أو أي مكان آخر إذا رأى في ذلك إمكانية تعزيز المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
يُظهر تاريخ إدارة ترامب ميلًا إلى اتخاذ قرارات غير متوقعة بدلًا من اتباع سياسة خارجية منظمة. بعد عودته إلى البيت الأبيض في يناير 2025، قد يُفكر في استخدام دبلوماسية الجولف لإدارة العلاقات مع أفغانستان، لا سيما بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية طويلة المدى للمنطقة.
في ولايته السابقة، غالبًا ما كان السيد ترامب يتصرف بناءً على حدسه، مبتعدًا عن الأعراف الدبلوماسية التقليدية، ومُناسبًا القضايا وفقًا لمهاراته التفاوضية الخاصة. هذا الأسلوب غير التقليدي سمح للناس بالتصوّر بأنه قادر على التنقل بين الخيارات، من التحدث إلى طالبان إلى إعادة تأكيد النفوذ الأمريكي في أفغانستان بوسائل مختلفة.
رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي والسيد دونالد ترامب يلعبان الغولف في بالم بيتش، فلوريدا، الولايات المتحدة الأمريكية، 18 أبريل 2018. (المصدر: نيكي) |
في انتظار "القيامة"
ومع ذلك، فإن ميل ترامب إلى الخطابة والبحث عن الاهتمام قد يعقد الجهود الرامية إلى استخدام دبلوماسية الجولف بشكل فعال.
بخلاف التحالفات التقليدية البسيطة نسبيًا في عهد أيزنهاور، فإن المشهد العالمي اليوم محفوف بالتعقيدات. إن استقطاب شركاء جدد، مثل طالبان، ليس مثيرًا للجدل دبلوماسيًا فحسب، بل هو أيضًا صعب لوجستيًا. من ناحية أخرى، فإن قادة طالبان ليسوا معتادين على لعب الغولف، وقد لا يتقبلون مثل هذه المبادرات.
وعلاوة على ذلك، يشعر الناس في الفترة المقبلة بالقلق أيضا بشأن ما إذا كان السيد ترامب سوف يعطي الأولوية للتحركات الرمزية على السياسة الجوهرية وما إذا كانت دبلوماسيته في مجال الجولف قادرة على تحقيق نتائج ملموسة أم أنها مجرد هواية؟
في حين يصعب تحديد ميول السيد ترامب القيادية في كثير من الأحيان، فإن اعتماد الملياردير الأمريكي على الكاريزما الشخصية والأساليب غير التقليدية يدفعنا إلى توقع انتعاش دبلوماسية الجولف. ويبقى أن نرى ما إذا كانت دبلوماسية الجولف ستشمل حلفاء تقليديين أم "لاعبين جددًا" (مثل طالبان).
مع ذلك، ثمة أمر واحد واضح: من المرجح أن تظل سياسة ترامب الخارجية تتسم بخطوات جريئة وغير متوقعة عند عودته إلى البيت الأبيض. ويبقى أن نرى ما إذا كانت دبلوماسية الجولف ستلعب دورًا بارزًا في هذه الاستراتيجية، أو ما إذا كانت ستكون فعّالة في السياق الجيوسياسي الحالي.
[إعلان 2]
المصدر: https://baoquocte.vn/lieu-ong-trump-co-tai-xuat-voi-ngoai-giao-golf-294596.html
تعليق (0)