ذكرى الأب
ما زلت أتذكر بوضوح أمسيات والدي، الذي كان يعمل في لجنة المحاكاة بمقاطعة ها نام نينه، حيث كان يجلس بهدوء مع كوب من الشاي، يروي لي قصصًا عن حياته وعمله في نام دينه. كان يصفها بأنها "فترة شباب مثالي". عندما انقسمت المقاطعة، عاد والدي إلى نينه بينه، وظل العديد من أصدقائه متمسكين بأرض نام دينه. مرّ أكثر من 30 عامًا، وكلٌّ منهم سلك طريقه الخاص، لكن عاطفتهم لا تزال قوية كأيامهم التي كانوا يتشاركون فيها الأرز والملابس، ويتبادلون الهدايا "الروبيان يحمل عشر حبات ملح"... ولكن بإصرار على خدمة وطنهم ها نام نينه آنذاك.
في ذاكرته قصصٌ دافئةٌ وحميمة، أحيانًا تُذكر جلساتِ اختتامِ حركةِ التنافسِ في مدينةِ نام دينه ، حيثُ كان هو وزملاؤه من المناطقِ البعيدةِ يحضرون، ويصافحون، ويُغنونَ الأغاني الوطنية؛ أو الينابيعُ التي تتجولُ معًا في القرى، تُوزّعُ الأعلامَ على المجموعاتِ المتميزة. وبعدَ انفصالِ المقاطعة، حصلَ كلُّ شخصٍ على وظيفةٍ جديدةٍ، ووحدةٍ جديدةٍ، ولكن كلما سنحتْ الفرصةُ، كانوا يجدونَ بعضهم البعض، ليسَ بسببِ المنصبِ أو السلطة، بل بسببِ عاطفةِ زمنِ "ها نام نينه".
الآن، لم يعد والدي واعيًا، ولكن في كل مرة أرى فيها العيون المتأثرة عندما يتصل أصدقاء "ها نام نينه" القدامى للسؤال عنه، أدرك بعمق أكبر: الانفصال من أجل التطور، لكن الحب الإنساني لا ينفصل أبدًا. واليوم، عندما تتحد المقاطعات الثلاث، تشرق ذكرياتها في داخلي فجأة كسماء جديدة، كنار مشتعلة، متقدة في قلب العصر.
مستقبل الأرض
نينه بينه - ها نام - نام دينه، ثلاثة أسماء، وثلاثة أراضٍ، لكنها تشترك منذ فترة طويلة في أصل ثقافي مشترك. هذه الأرض الواقعة جنوب دلتا النهر الأحمر ليست غنية فقط بفضل رواسب ثلاثة أنهار: النهر الأحمر، نهر داي، نهر فاك، ولكنها أيضًا المكان الذي يحافظ على الرواسب الثقافية للشعب الفيتنامي القديم، مثل: ترانج آن باي دينه الأسطوري، تام تشوك المقدس، فو داي الذي يستجيب لقلوب الناس وشوارع نام دينه القديمة، فو لي التي لطختها شمس الزمن...؛ المكان الذي وُلد فيه داي كو فيت، ووضع الأساس للسلالات التي فتحت استقلال الأمة، والشخصيات الشهيرة، وعائلات العلماء، والمعابد، والمنازل الجماعية، والكنائس ذات النسمة المقدسة لآلاف السنين. كما أن الثقافة السلوكية لشعب هذه الأرض مشبعة دائمًا بالبساطة والاجتهاد واحترام العدالة والغنية بالتقاليد الوطنية والاجتهاد والعمق.
ومن هذا المنطلق، قبل خمسين عامًا، تأسست مقاطعة ها نام نينه، رمزًا للتقارب والتضامن، وخطوةً تتماشى مع متطلبات التاريخ. ورغم انفصالهم لاحقًا، لم تتباعد قلوبهم قط. تلك الدماء، تلك الذكرى، رابطةٌ خفية، متقدة، تنتظر يومَ اللقاء.
يتغير العالم بوتيرة أسرع من أي وقت مضى. فيتنام ماضية في رحلة إنشاء مناطق ديناميكية، وتحسين التخطيط الإقليمي، وإعادة صياغة استراتيجية التنمية الوطنية. وفي هذا السياق، لا يُعد دمج ثلاث مقاطعات في وحدة إدارية جديدة تُسمى مقاطعة نينه بينه عودةً إلى الماضي، بل خطوةً إلى الأمام في الفكر الحديث.
هذا مطلبٌ لا مفر منه لاستغلال كامل إمكانات كل منطقة ونقاط قوتها: نينه بينه بمزاياها التراثية والسياحية؛ ها نام بصناعتها وخدماتها اللوجستية؛ نام دينه بتقاليدها التعليمية والحرفية... إن توحيد اليوم دليلٌ على روح الابتكار، والرغبة في التكامل، والرؤية الاستراتيجية. إنه تحولٌ من استقلالٍ مرن إلى فترةٍ من التنمية الديناميكية والمستدامة والتكامل العميق.
استمر في كتابة قصة الوطن
في صباح هذا اليوم، أول صباح ليوم التوحيد، ساد الهدوء الريف من إي ين إلى جيا فين، ومن لي نهان إلى جياو ثوي، ومن كيم بانغ إلى هوا لو. تابع الناس الأخبار بهدوء، وتواصلوا، وتأثروا حتى بكوا عندما سمعوا الإعلان الرسمي عن اسم "مقاطعة نينه بينه". بالنسبة لكبار السن، مثل والدي أو رفاقه، كان ذلك بمثابة حلم تحقق. لقد عاشوا في فترة ها نام نينه، حيث كانوا مرتبطين ومنفصلين. أما الآن، فقد شهدوا لمّ شمل ليس فقط الأرض، بل قلوب الشعب أيضًا.
بالنسبة لنا، أبناء عصر ها نام نينه الذين تربوا على قصص أجدادنا، تُعتبر هذه اللحظة مقدسة. نعلم أننا نعيش في تقاطع تاريخي، حيث يتواصل الماضي والمستقبل، ويصبح كل مواطن حلقة وصل مهمة في مسيرة بناء وطننا.
التاريخ لا يُدوّن في الكتب فحسب، بل يخلّد في ذاكرة الشعب. في المستقبل، نحن الشعب الذي مرّ بتحولين في وطننا، سنروي لأبنائنا وأحفادنا أن أجدادنا عاشوا في زمن ها نام نينه المفعم بالحب. ونحن، أبناء تلك الأرض، شهدنا وساهمنا في بناء وطن موحد وقوي ومتناغم، مفعم بالإنسانية والإيمان بالمستقبل.
إن توحيد المقاطعات الثلاث اليوم علامة فارقة لا تُنسى، ليس فقط على الخريطة الإدارية، بل في قلوب كل مواطن. إنها رحلة عودة معًا نحو المزيد من التقدم. إنها مرحلة انتقالية بين عصر الاستقلال وعصر التنمية. هنا تضيء ذكرى والدي كل خطوة أخطوها اليوم.
نحن فخورون بكوننا الجيل الذي يعيش في التاريخ. بل أكثر من ذلك، نعلم أن علينا مسؤولية مواصلة كتابة هذا التاريخ، بجهودنا ومعتقداتنا وتطلعاتنا، لبناء مقاطعة نينه بينه جديدة، غنية وجميلة ومتحضرة وخالدة.
المصدر: https://baoninhbinh.org.vn/ngay-que-huong-tro-ve-ben-nhau-428299.htm
تعليق (0)